ساترفيلد في بيروت للتحضير لزيارة بومبيو

مساعد وزير الخارجية الأميركي دعا إلى قرارات لبنانية «لا تخدم مصالح أطراف خارجية»

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال اجتماعه مع ساترفيلد أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال اجتماعه مع ساترفيلد أمس (أ.ب)
TT

ساترفيلد في بيروت للتحضير لزيارة بومبيو

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال اجتماعه مع ساترفيلد أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال اجتماعه مع ساترفيلد أمس (أ.ب)

هدفان رئيسيان طبعا زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد إلى بيروت؛ حيث التقى عدداً من المسؤولين، ترافقه السفيرة الأميركية إليزابيث ريتشارد. الأول هو حثّ اللبنانيين على الإسراع في الإصلاحات واقتناص فرصة «مؤتمر سيدر»، والثاني التمهيد لزيارة وزير خارجية بلاده مايك بومبيو التي أكد حصولها، من دون تحديد موعد لها حتى الآن.
لكن مصدراً لبنانياً واسع الإطلاع قال لـ {الشرق الأوسط} إن بومبيو سيزور بيروت بحلول منتصف الشهر الجاري، في إطار جولة تشمل أيضاً إسرائيل والكويت.
وكان المسؤول الأميركي الذي يزور بيروت ليومين، واضحاً في التصريحات التي أطلقها أمس، بعد لقائه كلاً من وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، فيما لم يدلِ بأي تصريح بعد لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري.
وشدّد بعد لقائه باسيل، أنه على الحكومة اللبنانية أن تتخذ قرارات حساسة تتعلق باقتصاد البلد ومكافحة الفساد، وبالمسائل الأمنية، مؤكداً أن «الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة مع لبنان بشكل كبير، وتود أن تراه يتقدم ويواجه خياراته، وسيتم التعامل من قبلنا ومن قبل دول أخرى، بحسب الطريقة التي سيتبنى من خلالها لبنان هذه الخيارات، التي نأمل أن تكون إيجابية لمصلحة لبنان وشعبه، وليس لصالح أطراف خارجية». ولفت إلى أن بلاده ستبذل كل ما في وسعها لدعم خيارات لبنان الوطنية، داعياً إلى «خيارات تخرج البلاد من الصراعات والآيديولوجيات الخارجية».
وقال ساترفيلد، بعد لقائه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل: «جولتي تأتي بعد تشكيل الحكومة في لبنان، وفي ظل المتغيرات في المنطقة، وهناك رغبة لدى الولايات المتحدة في أن ترى استقراراً وأمناً حقيقيّين في لبنان، وهذا يتوقف على خياراته الوطنية، وليس على خيارات تملى عليه».
وأضاف: «لبنان عانى طويلاً جراء صراعات وآيديولوجيات رُوجت على أرضه من الخارج. هذا الوضع عليه أن يتغير، ولا بد من اتخاذ قرارات جدية في هذا الإطار. فالأحزاب في لبنان فاعلة، ولا بد أن يكون هناك تحرك وطني في هذا الاتجاه، والولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لدعم خيارات لبنان الوطنية».
وكان المسؤول الأميركي قد استهلّ زيارته إلى بيروت، التي وصلها مساء الاثنين، باجتماع مع وزراء حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني وريشار قيومجيان وكميل بوسليمان ومي شدياق؛ حيث أثنى على موقفهم حيال البند المتعلق بالمقاومة في البيان الوزاري، الذي أبدوا تحفّظهم عليه، بحسب ما قالت مصادر مطلّعة لـ«الشرق الأوسط».
وأشارت المصادر إلى أن أبرز ما شدّد عليه المسؤول الأميركي، الذي يحضّر تقريره تمهيداً لزيارة وزير الخارجية مايكل بومبيو، هو ضرورة الإسراع في الإصلاحات، للحصول على المساعدات. ومن هنا، كان تركيزه في كل لقاءاته على الوضعين المالي والاقتصادي وأهمية حسن إدارة المال العام، مع تأكيده على أن لبنان كان ولا يزال موضع اهتمام الولايات المتحدة. وفيما أثنى على تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري، لفت إلى أن التعامل معها يتم خطوة خطوة، بعيداً عن أي أحكام مسبقة، فيما يبقى الأهم المحافظة على استقرار البلاد والحرص على سياسة النأي بالنفس. وجدّدت أميركا على لسان نائب وزير الخارجية موقفها المعروف من «حزب الله»، مع تأكيده وتجديده دعم الجيش اللبناني، الذي حصل العام الماضي على مساعدات تقدر بـ300 مليون دولار أميركي.
كذلك حثّ سارتفيلد المسؤولين اللبنانيين، وفق المصادر المطلعة، على الإسراع بعمليات التلزيم والتنقيب عن النفط، والدخول في المنافسة، مستدلاً بذلك على التجربة القبرصية.
مواقف ساترفيلد أكّد عليها أيضاً وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان، الذي كان حاضراً في الاجتماع الذي جمعه مع وزراء «القوات»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شكّ أن الأميركيين كما المجتمع الدولي يعولون على نجاح الحكومة في عملها، والأهم القيام بالإصلاحات ومحاربة الفساد لتحسين الوضع الاقتصادي»، مضيفاً: «يمكن اختصار موقف المسؤول الأميركي تجاه اللبنانيين، بـ(ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم، وعلى لبنان القيام بما هو مطلوب منه للحصول على المساعدات التي أقرّها مؤتمر سيدر ولاستمرار الدعم له)». وفيما أشار قيومجيان إلى أن المسؤول الأميركي أبدى تقديره لعمل وزراء «القوات» ومواقفهم، لفت إلى أن الوزراء طرحوا أمامه قضية النازحين وأهمية إيجاد حل لعودتهم إلى بلادهم.
من جهته، أشار نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إلى أن «الولايات المتحدة مهتمة جداً باستقرار لبنان، وأن يكون هناك وضع اقتصادي ومالي مستمر، وبحماية النظام المالي من العقوبات». واعتبر في حديث إذاعي أن «زيارة المساعد الأول لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد تبدو كأنها زيارة متابعة، وستكون هناك لقاءات رسمية، بحيث سيتابع المسؤول الأميركي شرح الموقف الأميركي والقرارات الأميركية التي ستتخذ».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم