البابا فرنسيس يستعد لزيارة المغرب تحت شعار «خادم الأمل»

بهدف تطوير الحوار بين الأديان وترسيخ قيم التسامح

TT

البابا فرنسيس يستعد لزيارة المغرب تحت شعار «خادم الأمل»

كشف أساقفة المغرب أن الهجرة ستكون من بين الموضوعات المركزية للزيارة، التي يعتزم البابا فرنسيس القيام بها للمغرب يومي 30 و31 مارس (آذار) الجاري، بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، خاصة الجانب الإنساني لقضية الهجرة.
وأعلن أساقفة المغرب الثلاثة، المطران روميرو كريستوبال لوبيز أسقف الكنيسة في الرباط، والمطران سانتياغو أغريلو مارتينيز أسقف الكنيسة بطنجة، والمطران دانيال نوريسا أسقف الكنيسة في الدار البيضاء، في لقاء صحافي أمس بكنيسة «نوتردام دي لورد» في الدار البيضاء عن برنامج زيارة البابا فرنسيس إلى المغرب، والتي اختار لها شعار «خادم الأمل».
وقال المطران نوريسا إن هذه الزيارة «تندرج تحت شعار أهمية التضامن مع المهاجرين في بلد اختار منذ وقت مبكر سياسة الاستقبال باحترام وشجاعة. وهي فرصة لإعادة تأكيد ودعم البابا فرنسيس للاتفاق العالمي حول الهجرة، الذي انعقد بمراكش برعاية الأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لحث المجتمع الدولي مجددا للتفاعل بمسؤولية، وتضامن ومحبة مع المهاجرين». مبرزا أن المسيحية تعرف في المغرب طفرة جديدة مع انفتاح المغرب على المهاجرين الأفارقة، خاصة الطلبة والشباب، الذين أصبحوا يشكلون نحو 60 في المائة من رواد الكنائس في المغرب.
وبخصوص التعليم الكاثوليكي في المغرب، أوضح نوريسا أن الأمر يتعلق بنحو 12 ألف تلميذ، يدرسون في مدارس كاثوليكية. غير أنه أشار إلى أن المدرسين والأطر التربوية مغاربة مسلمون، وأن المناهج الدراسية المتبعة في هذه المدارس تخضع للنظام التعليمي المغربي المعتمد من طرف وزارة التربية والتعليم المغربية. مشيرا إلى أن هذه المدارس في توسع بسبب تزايد الطلب.
ومن أبرز محطات الزيارة التي ستبدأ بعد ظهر 30 من مارس الجاري، استقبال البابا من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس في المطار، ثم في القصر الملكي بالرباط، حيث سيجري العاهل المغربي بصفته أمير المؤمنين، مع البابا فرنسيس بصفته رئيسا للكنيسة الكاثوليكية، محادثات على انفراد. وبعدها سيستقبل العاهل المغربي مرة ثانية البابا في ساحة صومعة حسان التاريخية في الرباط، بحضور أعضاء السلك الدبلوماسي وشخصيات مغربية وأجنبية. وسيلقي العاهل المغربي والبابا خطابين خلال هذا اللقاء، قبل أن يتوجها إلى ضريح محمد الخامس للترحم على عاهلي المغرب الراحلين الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني.
وبعد ذلك، سيزور البابا رفقة العاهل المغربي معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدات والمرشدين، حيث سيلقي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي خطابا، كما سيلتقي البابا بطلاب المعهد ويستمع لشهادات طلاب أفارقة وأوروبيين تكونوا في المعهد. وستقدم بالمناسبة أناشيد دينية من التراث المغربي العبري والإسلامي والمسيحي.
وفي مساء اليوم الأول من الزيارة سيتوجه البابا فرنسيس إلى مؤسسة كاريتاس في أبرشية الرباط، حيث سيلتقي مع المهاجرين والهيئات التي تخدم المهاجرين.
وخلال هذا اللقاء سيلقي البابا خطابا حول موضوع الهجرة، وينتهي اللقاء بحفل موسيقي، قبل توجه وفد الفاتيكان إلى القصر الملكي للمشاركة في حفل العشاء الذي ينظمه العاهل المغربي على شرفه. وأشار المطران نوريسا إلى أن البابا لن يحضر حفل العشاء.
أما اليوم الثاني لزيارة البابا والتي تصادف يوم الأحد المقدس لدى المسيحيين، فسيشكل القداس الاحتفالي، الذي سيرأسه البابا في القاعة المغطاة بالمجمع الرياضي للأمير مولاي عبد الله بالرباط أبرز لحظاته، إذ سيحضره نحو 10 آلاف مصل من مختلف مناطق المغرب.
وسيعرف اليوم الثاني لزيارة البابا عدة أنشطة، منها زيارة مركز الخدمات الاجتماعية في «تمارة»، الذي تديره راهبات المحبة التابع للقديس منصور دي بول، واجتماع البابا في كاتدرائية القديس بطرس بالرباط مع الكهنة والمكرسين والمكرسات، وممثلي المسيحيين من الطوائف الدينية الأخرى، والذي سيختمه البابا بتلاوة «صلاة التبشير الملائكي»، التي ستنقل، كما جرت العادة كل يوم أحد، عبر وسائل الإعلام إلى العالم بأسره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.