نقابة الصحافيين المغاربة تحتج اليوم تنديداً بمحاكمة 4 صحافيين

النيابة العامة طالبت بسجنهم بتهمة نشر معلومات سرية

TT

نقابة الصحافيين المغاربة تحتج اليوم تنديداً بمحاكمة 4 صحافيين

تنظم نقابة الصحافيين المغاربة اليوم وقفة احتجاجية أمام مقر المحكمة الابتدائية بالرباط، تنديدا بانعقاد جلسة محاكمة جديدة لأربعة صحافيين على خلفية شكوى، رفعها ضدهم حكيم بنشماش رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، اتهمهم فيها بنشر معلومات سرية.
وأعربت النقابة، في بيان أصدرته أمس، عن استغرابها لطلب النيابة العامة في الجلسة السابقة من المحاكمة بسجن الصحافيين الأربعة، وعبرت عن أملها في ألا «تأخذ هيئة المحكمة بعين الاعتبار ما طالبت به النيابة العامة، التي نصبت نفسها في هذه القضية طرفا منحازا، حيث عارضت جميع الدفوعات الشكلية، التي تقدمت بها هيئة الدفاع، بما في ذلك ما يتعلق بضمان شروط المحاكمة العادلة».
وجددت النقابة استهجانها قرار رئيس مجلس المستشارين، القاضي بمتابعة صحافيين بتهمة نشر أخبار غير صحيحة، رغم الجهود التي بذلتها النقابة لإقناعه بعدم جدوى هذه المتابعة، وعدته «تضييقا على حرية الصحافة»، و«مؤشرا على وجود إصرار لدى بعض الجهات على استهداف هذه الحرية». وقالت إن «المطلوب والمأمول من مجلس المستشارين بوصفه مؤسسة دستورية منتخبة الدفاع عن حرية الصحافة والتعبير في البلاد، وحماية الصحافيين، وإصدار تشريعات متطورة في هذا المجال، وليس السعي إلى سجن الصحافيين وتكميم أفواههم، والتضييق على حرية الصحافة
والتعبير في بلادنا».
ودعت نقابة الصحافيين والصحافيات إلى حمل الشارة بمقرات عملهم اليوم، فيما تعتزم مراسلة جميع الفرق النيابية بمجلس المستشارين لـ«تتحمل مسؤوليتها إزاء هذه المحاكمة الغريبة»، لا سيما أن قرار المتابعة لم يخضع، حسب النقابة، للمسطرة القانونية المتمثّلة في عرضه على مكتب المجلس للمصادقة عليه، وطالبتها بتحمل مسؤوليتها فيما يحدث، خاصة أن هذه الفرق سبق أن راسلت بن شماش لثنيه عن التنازل عن شكواه ضد الصحافيين الأربعة.
وتعود فصول القضية إلى مطلع عام 2017، بعدما نشرت صحف مغربية تفاصيل عن حضور عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق، أمام اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق، التي شكّلها مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) من أجل فحص الاختلالات، التي أدت إلى إفلاس الصندوق المغربي للتقاعد، حيث قام بعدها رئيس مجلس المستشارين، بمراسلة وزير العدل والحريات السابق مصطفى الرميد، مطالبا إياه بفتح تحقيق في تسريب مضامين شهادات الأشخاص، الذين جرى الاستماع إليهم من لدن لجنة تقصي الحقائق، ومتابعة كل من ثبت تورطه في تسريب المداولات السرية للجنة، خصوصا فيما يتعلق بالاستماع إلى ابن كيران بصفته رئيسا للمجلس الإداري للصندوق.
وقررت النيابة العامة مقاضاة الصحافيين وبرلماني، بموجب المادة 14 من القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق والفصلين 446 و129 من القانون الجنائي. ويواجه الصحافيون الأربعة المتابعون في حالة إفراج (سراح) وهم محمد أحداد من صحيفة «المساء»، وعبد الحق بلشكر من «أخبار اليوم»، وكوثر زاكي وعبد الإله سخير من «الجريدة 24»، بتهمة «نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق». فيما يتابع البرلماني عبد الحق حيسان، ممثل النقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في مجلس المستشارين، بتهمة إفشاء سر مهني والمشاركة في نشر معلومات تتعلق بعمل لجنة تقصي الحقائق.
من جهة ثانية، قررت وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المغربية فتح تحقيق بشأن تسريب وثيقة إدارية بشكل غير قانوني، وذلك على إثر نشر إحدى الصحف خبرا يفيد بالعثور على «وثائق دبلوماسية حساسة»، تحمل ختم الوزارة عند بائع مكسرات بمدينة سلا المجاورة للرباط، وهو ما عدته الصحيفة «إهمالا وخللا بإجراءات تدبير الأرشيف بالوزارة».
وأوضحت الوزارة أنها باشرت التحري والتدقيق في هذه النازلة، وتبين لها أن المعطيات الأولية تصب في اتجاه تسريب وثيقة إدارية بشكل غير قانوني. وأضافت أن وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة أكد «وجوب بلوغ المسطرة (الإجراء) مداها، تطبيقا للمقتضيات الإدارية والقانونية الجاري بها العمل حتى يتم إجلاء الحقيقة واتخاذ الإجراءات اللازمة».
وأشار المصدر ذاته إلى أنه بحكم تدبير الوزارة لقطاعات ومؤسسات استراتيجية، وجب التعامل مع المعلومة بكثير من المهنية والحساسية، وكذا تسليط الضوء على حقيقة الأمر، تأطيرا له وحماية للمعطيات المؤسساتية للوزارة من كل الشوائب، وحفاظا على التوجهات الاستراتيجية للوزارة والاستثمار بالمملكة من كل أثر سلبي قد يطالهما.
وأكدت الوزارة أنها «تتعامل مع الملفات الإدارية والمعطيات طبقا للمساطر القانونية والإدارية، مع تخصيص مسطرة السرية والاستعجال للملفات ذات البعد الاستراتيجي والدبلوماسي، حماية للمعطيات والمضامين الإدارية والاستراتيجية».
ونشرت مواقع إلكترونية أمس أنه جرى التحقيق مع بائع المكسرات لمعرفة الطريقة التي حصل بها على تلك الوثائق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».