ظهور بحيرة عمقها 15 مترا في منطقة قاحلة يثير فضول التونسيين

أثار ظهور بحيرة مالحة على بعد 25 كلم عن مدينة قفصة التونسية استغراب العائلات التونسية، في حين سارع الشباب إلى استغلالها في السباحة غير مبدين أي احتراز مما قد تخلفه العملية من تأثيرات صحية متعددة. وحسمت وزارة الصحة التونسية الأمر يوم أمس فقط وبعد نحو شهرين من ظهور هذه البحيرة الطبيعية بإعلانها عن وجود كمية من الإشعاعات الطبيعية في المياه وأنها ملوثة جرثوميا وبالإمكان أن تمثل خطرا على صحة من قصدها للاستحمام والاستجمام.
وتزامن ظهور هذه البحيرة مع عدة روايات وأساطير رافقت العملية، إذ ادعى البعض أن البحر قد رجع إلى مكانه الطبيعي اعتبارا إلى أن البحر كان يمتد إلى مدينة قفصة الواقعة جنوب غربي تونس، وهي اليوم الموطن الأساسي لمادة «الفوسفات». كما أن البعض الآخر ربط ظهور هذه البحيرة ببركات الثورة التونسية ومنافعها التي لا تعد. وفي البداية قيل إن البحيرة نجمت عن انفجار ثلاث عيون دفعة واحدة وسرعان ما امتدت على مساحة 150 مترا مربعا من المياه المالحة على عمق لا يقل عن 15مترا، وقيل كذلك هي عبارة عن تجمع لمياه السيلان لا غير. وما زاد من درجات الشك في ارتباط هذه البحيرة بالبحر أن نسبة الملوحة فيها غير مرتفعة وهي لا تزيد على 2.5 غرام في اللتر الواحد. ولقطع الحبل أمام الروايات التي بالغت في تفسيرها إلى حد الإشاعة، بادرت إدارة الحماية المدنية في المنطقة بتفسير الظاهرة بالقول إن المياه الموجودة قد تسربت منذ مدة من منطقة سيدي بوبكر أين توجد مغاسل مادة الفوسفات التي تستعل كميات هائلة من المياه، لكن الدوائر الحكومية لم تعرها الكثير من الاهتمام في البداية قبل أن تزحف قوافل المصطافين عليها.
وبتكاثف المياه واتساع رقعتها اضطر أكثر من طرف حكومي للإدلاء بدلوه في المسألة وفي هذا الشأن، ذكر مهندسون من إدارة حفظ صحة الوسط والمحيط التابعة لوزارة الصحة التونسية، أن البحيرة هي عبارة عن بركة مياه راكدة تم تصنيفها منذ سنة 2003 كمنطقة لتوالد الحشرات والبعوض ومنذ سنة 2008 زرعت بها أسماك من نوع «القمبوزيا» الملتهمة للحشرات حتى تقضي عليها في المهد. ولكن عدم الإعلان عنها لدى القاطنين في المنطقة ووجودها في منخفض من الأرض بين مجموعة من الجبال، حيث توجد درجات حرارة قياسية تتجاوز الأربعين طوال أشهر الصيف، هو الذي دفع بالناس إلى الإسراع بالاطلاع على البحيرة العجيبة، وما زاد من الغرابة وجود أسماك ترعى وتعيش في تلك البيئة القاحلة.
وكانت مجلة أميركية قد نشرت مقالا تحدث عن مخاطر كبيرة قد تنجر عن بحيرة أم العرائس في الحوض المنجمي التونسي، وأرجعت بروز هذه البحيرة إلى عمليات التنقيب عن غاز الشيست، إلا أن المهندس التونسي يونس الحاجي، نائب رئيس مركز البحوث بشركة فوسفات قفصة (شركة حكومية)، نفى هذا الخبر.
وحتى الآن تبقى حكاية البحيرة التي ظهرت فجأة في منطقة شبه صحراوية قاحلة لا تصدق، ومع ذلك هناك من التونسيين من صدق كل ما قيل بخصوص وجود بعض الإشعاعات ولم يغامر بالسباحة فيها. أما البعض الآخر فأكد عدم وجود أي مرض أو حساسية وواصل السباحة فيها غير مبالٍ بكل تحذيرات وزارة الصحة.