ملف {الدواعش} العائدين على طاولة وزراء الداخلية العرب

الرئيس التونسي يؤكد الدور المحوري للسعودية في أمن المنطقة واستقرارها

جانب من فعاليات الدورة الـ36 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي استضافته تونس أمس (إ.ب.أ)
جانب من فعاليات الدورة الـ36 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي استضافته تونس أمس (إ.ب.أ)
TT

ملف {الدواعش} العائدين على طاولة وزراء الداخلية العرب

جانب من فعاليات الدورة الـ36 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي استضافته تونس أمس (إ.ب.أ)
جانب من فعاليات الدورة الـ36 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي استضافته تونس أمس (إ.ب.أ)

ناقشت الدورة الـ36 لمجلس وزراء الداخلية العرب، التي بدأت أعمالها أول من أمس في تونس، ملفات عدة منها «الوضع الأمني العربي المشترك، والاتفاقيات والاستراتيجيات والقرارات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب»، لا سيما ملف عودة عناصر تنظيم {داعش} من مناطق القتال في سوريا والعراق.
وقال رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، إن بلاده «تمكنت من السيطرة على التهديدات الإرهابية، والوضع الأمني شهد تحسناً ملحوظاً، مقارنة بالسنوات الثلاث الأخيرة»، وأوضح أنه «تم الاستثمار في المجالين الأمني والعسكري في تونس، من خلال النهوض بالموارد البشرية، وتوفير المعدات اللوجيستية اللازمة واستباق العمليات الإرهابية».
وأشار إلى أن «كل الدول بما فيها البلدان الأوروبية المتقدمة وذات الإمكانيات الأمنية والعسكرية الهائلة لم تكن بمنأى عن الضربات الإرهابية، بما يدعو إلى التحلي باليقظة والحذر المستمرين، لا سيما في ظل التغير النوعي للتهديدات الإرهابية».
كما دعا الشاهد إلى «تكثيف التعاون الإقليمي والدولي أكثر من أي وقت مضى، باعتبار أن كل دول المنطقة ليست بمعزل عن الضربات الإرهابية، وذلك من خلال تبادل التجارب والخبرات وإحكام التنسيق، وخاصة عبر إبرام اتفاقيات وبروتوكولات تعاون قصد مزيد التنسيق الفني والتقني وتبادل المعلومات».
وبشأن العائدين من بؤر التوتر، قال الشاهد: «إن رجوع المقاتلين من مناطق الصراع يرفع منسوب التهديدات، وهو ما يقتضي الاستعداد لذلك والتوقي منه»، مبرزاً «أهمية انعقاد الاجتماع المشترك اليوم لمجلس وزراء الداخلية والعدل العرب، من منطلق وعي كل دول المنطقة بخطورة الإرهاب وضرورة العمل الجماعي على مواجهته». وأكد «العناية البالغة التي توليها تونس لدعم الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب». ولفت إلى أن «التحديات الراهنة تستوجب اعتماد مقاربة شاملة في الغرض تتوفر فيها الجوانب الأمنية والاقتصادية والقانونية والوقائية؛ بما يعزز ويضمن مجابهة ومعالجة جذور الإرهاب، والجريمة المنظمة، والجرائم الإلكترونية والجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر وبأعضاء البشر والهجرة غير الشرعية والقرصنة البحرية والسطو المسلح».
إلى ذلك، أكد الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، على «الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في العالم العربي والإسلامي، وجهودها الكبيرة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة»، ومنوهاً بـ«الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها المنطقة العربية، وما يقتضيه ذلك من تكاتف وتضامن وتعاون بين كافة دولها». وأشار السبسي خلال لقاء مع الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، بقصر قرطاج، أمس، على هامش فعاليات الدورة 36 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي استضافته تونس، إلى «ارتياحه الكبير للمستوى المتميز الذي بلغته علاقات الأخوة والتعاون بين تونس والمملكة العربية السعودية».
وذكّر السبسي بـ«العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، ومواقف المملكة الداعمة والمساندة لتونس، لا سيما في المجالات التنموية ومكافحة الإرهاب».
من جهته، أبلغ وزير الداخلية السعودي، رئيس الجمهورية التونسية، تحيات أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، منوهاً بالعلاقات التاريخية القوية التي تجمع البلدين، وما تشهده من حركية وزخم كبيرين بفضل حرص قيادتي البلدين على تنميتها باستمرار.
كما أعرب عن «أمله في أن تكون القمة العربية التي ستحتضنها تونس أواخر الشهر الجاري، منطلقاً جديداً للنهوض بالعمل العربي المشترك، وتخليص المنطقة تدريجياً من الأزمات التي تعيشها».
وأشار الوزير كذلك إلى «الدور الإيجابي الذي تضطلع به تونس في المنطقة العربية وما يميزها من خصوصيات، لا سيما في مجال الاعتدال والتسامح والانفتاح، متمنياً لتونس دوام التنمية والأمن والاستقرار، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية».



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.