البصرة تتهم بغداد بمحاباة كردستان والأنبار جمركياً

اشتكت أن موانئها ومنافذها الحدودية تعاني الركود

TT

البصرة تتهم بغداد بمحاباة كردستان والأنبار جمركياً

اتهمت محافظة البصرة بغداد، أمس، بمحاباة إقليم كردستان ومحافظة الأنبار على خلفية عدم تطبيق معايير موحدة بالنسبة لاستيفاء الضرائب الجمركية المفروضة على البضائع، ما يؤدي إلى حالة من الركود الاقتصادي في البصرة، في مقابل نمو اقتصادي تتمتع به منافذ كردستان والأنبار الحدودية. وهددت المحافظة بدعوة البصريين إلى التظاهر احتجاجاً على عدم توحيد التعريفة الجمركية.
ويظهر أن مشكلات التعرفة الجمركية آخر نقاط الخلاف بين بغداد والبصرة، حيث دأبت الأخيرة منذ سنوات، سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي على نقد الحكومة الاتحادية والاحتجاج ضدها واتهامها بالتقصير حيال البصريين.
وقال رئيس المجلس صباح البزوني في بيان أصدره أمس، إن «إدارة هيئة المنافذ الحدودية بالطريقة الحالية من شأنها أن تتسبب بخسارة البصرة لواردتها والتي تعتمد عليها المحافظة وفق قانون الموازنة بواقع 50 في المائة من واردات منافذها»، مهددا بغداد بأن حكومة البصرة المحلية «ستدعو أبناء المحافظة إلى التظاهر احتجاجاً على عدم توحيد التعرفة الجمركية في جميع المنافذ والمطالبة باسترداد حقوقهم».
وأوضح البزوني أن «منافذ البصرة طبقت التعليمات الحكومية عكس باقي المنافذ، مما أدى إلى توقف منافذنا وأثر على الحركة الاقتصادية في البصرة، وأن هذه الحالة ستقلل مدخولات المنافذ الحدودية في البصرة وتزيد أعداد العاطلين عن العمل بشكل مقصود وجهل في إدارة الملفات الاقتصادية والتجارية». وتابع البزوني: «هناك محاباة للمنافذ الحدودية في إقليم كردستان وطريبيل (في محافظة الأنبار) على عكس محاربة منافذ البصرة بشكل خاص والمنافذ الجنوبية على وجه العموم». ودعا «الحكومة الاتحادية للتعامل بشكل موحد مع كل المحافظات والمنافذ العراقية وعدم غبن جهة على أخرى».
وفيما رفضت هيئة الجمارك الاتحادية التعليق على بيان رئيس مجلس البصرة، باعتبار أن انتقاداته موجهة للحكومة الاتحادية وهيئة المنافذ الحدودية، استغرب مصدر مطلع في الأخيرة، توجيه رئيس مجلس البصرة انتقاداته لهيئة المنافذ وليس لهيئة الضرائب المعنية بجباية الأموال وفرض التعرفة الجمركية، خلافا لدور هيئة المنافذ الحدودية الذي يتعلق بقضايا الأمن والحماية في المنافذ الحدودية. وقال المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الأمور مختلطة على رئيس مجلس البصرة، ما دفعه لتوجيه النقد إلى الجهة الخطأ».
وكانت الهيئة العامة للجمارك، أعلنت مطلع فبراير (شباط) الماضي، المباشرة في 17 من الشهر نفسه بتطبيق قرار مجلس الوزراء المرقم 13 لسنة 2019، المتعلق بتوحيد التعريفة والإجراءات الجمركية في كافة المنافذ الحدودية، ضمنها منافذ إقليم كردستان. وأكدت «التزام جميع المنافذ الحدودية في المحافظات والإقليم بتطبيق القرارات التي تصدر عن مجلس الوزراء». لكنّ مصدراً مطلعاً في هيئة الجمارك، يرى أن «تطبيق اللوائح الضريبة والجمركية يتم في المنافذ الجنوبية والبصرية بدرجة عالية، وتفرض على المستوردين استيفاء شروط إجازات الاستيراد وفواتير البضائع وقوائم المنشأ، فيما لا تقوم منافذ الإقليم بذلك». ويضيف المصدر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «صرامة الإجراءات في منافذ البصرة وتراخيها في الإقليم والأنبار يولدان حالة من الغضب والشعور بالغبن في البصرة، لأن الإجراءات المشددة في منافذها يؤدي إلى تأخير تسلم البضائع لأكثر من شهر، ما يدفع التجار إلى تغيير حركة بضائعهم إلى منافذ الإقليم أو الأنبار».
وفي الإطار ذاته، قال رئيس لجنة المنافذ الحدودية في مجلس محافظة البصرة مرتضى الشحماني، إن «المنافذ الحدودية في محافظة البصرة تعاني ومنذ 17 فبراير الماضي من الركود والجمود خاصة بعد ذهاب جميع التجار والموردين للاستيراد من منفذ طريبيل بعد أن تم إعفاء نحو 300 من السلع والبضائع من الرسوم الجمركية وفقا للاتفاقية التي أبرمت مؤخرا بين العراق والأردن». وطالب الشحماني في تصريحات صحافية هيئة المنافذ الحدودية بـ«بسط سيطرتها على المنافذ الشمالية والغربية أسوة بالسيطرة التي تفرضها على منافذ البصرة، وفي حال عدم قدرتها على ذلك، فالأجدر بها أن تقدم استقالتها وأن يتم إعادتها إلى وزارة الداخلية بدلا عن تبعيتها لرئاسة الوزراء».
من جهة أخرى، وفي إطار حركة الاحتجاج الشعبي المتواصلة منذ أشهر في البصرة، تظاهر أمس، المئات من عمال البلدية أمام البناية الجديدة لحكومة المحلية في المعقل وسط البصرة، مطالبين بدفع الأجور والتثبيت وزيادة المرتبات ودفع مخصصات الخطورة وتوزيع قطع الأراضي. وكانت الكوادر التدريسية تظاهرت أول من أمس، للمطالبة أيضا، برفع الأجور وزيادة المرتبات وتخصيص أراض سكنية لهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».