مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية تحتفي بجمال حمدان

مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية تحتفي بجمال حمدان
TT

مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية تحتفي بجمال حمدان

مجلة «الثقافة الجديدة» المصرية تحتفي بجمال حمدان

خصصت مجلة «الثقافة الجديدة»، في عددها لشهر مارس (آذار) الحالي، ملفاً احتفائياً بالعالم المصري الدكتور جمال حمدان، صاحب الكتاب الشهير «شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان». وذكر الشاعر الباحث مسعود شومان، رئيس تحرير المجلة، في تقديمه للعدد أن «مشروع جمال حمدان العلمي يثير أسئلة متعددة لا تسكن عند الجغرافيا وإحداثياتها، فهو يجوب الأرض، ويقرأ الملامح، ويطير بين صحاريها ومياهها، ويضع أيدينا لنرسم بعقولنا خريطة شديدة الثراء للمجتمع المصري».
وضم الملف مقالات ودراسات، منها: «حمدان... عبقري الجغرافيا الغائص في الهوية المصرية وراقاتها العميقة»، لد. محمد عفيفي، و«قراءة أخرى في مشروع فيلسوف المكان»، لمحمد غنيمة، و«كيف نقرأ جمال حمدان الآن»، لأسماء الحسيني، و«الاستيطان على سبيل الإبادة»، لعمر مصطفى لطفي، و«مدخل تاريخي لفهم الصراع مع الآخر»، لمحمد عطية محمود، و«وظائف المدينة عند جمال حمدان»، لد. محمود أحمد هدية، و«حمدان يرسم خارطة الزراعة المصرية وجغرافيا المدن»، لد. جمال العسكري.
وفي باب «قراءات نقدية»، احتوى العدد دراسات متعددة لعدد من النقاد، فنقرأ: «الواقع وما وراءه... قراءة في المجموعة القصصية ما وراء القمر»، لد. محمد عبد الباسط عيد، و«بين البناء الجمالي والتوثيق الاجتماعي وسؤال الآخر»، لد. حمزة قناوي، و«موت الناقد ومركزية الذات الساردة»، لحسام حسين، و«رؤية بصرية تعتمد على جوهر الفن المسرحي»، لد. محمد علي سلامة، و«الخطاب السردي بين حكمة التخلي والعودة إلى البدايات»، لد. محمد سمير عبد السلام، و«شعرية الأشياء... علامة بصرية دالة في تشكيل النص»، لد. مصطفى الضبع، و«بين فانتازيا العِرفان وبِدَع المتصوفة»، لأدهم مسعود القاق، و«سرد صارخ ضد ثقافة الاستهلاك»، لأسامة الحداد، و«إضاءة للمساحات المعتمة في التاريخ الثقافي للمعرفة الصوفية»، لد. رمضان بسطاويسي محمد، و«السيرة الشعبية وتقمص شخصية الراوي الشعبي»، لطلعت رضوان.
واحتوى باب «فضاءات إبداعية» باقة متنوعة في الشعر والقصة، للشعراء: عبير عبد العزيز، وسعيد شحاته، وناجي شعيب، ومحمد رياض، وأحمد أنيس، وغيرهم. وضم الملف قصصاً لعدد من الكتاب، منهم: سعد الدين حسن، ومحمود عبد الوهاب، وأمل خالد، وعاطف فتحي، ورضا البهات.
وفي باب «الصوت واللون والحرية»، نقرأ عدداً من الترجمات والحوارات والمتابعات السينمائية، فضلاً عن المتابعات الميدانية. كما استضاف العدد على غلافه وصفحاته الداخلية لوحات الفنانة المتميزة زينب السجيني، التي يبرز فيها الاهتمام بقضايا وعوامل المرأة، في إيقاع بصري مرح جذاب.
يذكر أن المجلة تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة د. أحمد عواض، ويرأس تحريرها الشاعر الباحث مسعود شومان، ويدير تحريرها الشاعر محمود خير الله، وسكرتير التحرير الناقد مصطفى القزاز، والمشرف الفني الفنان إسلام الشيخ.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.