توافق مصري ـ كيني على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي

القاهرة تتطلع لعلاقات واسعة بالتزامن مع رئاستها الاتحاد الأفريقي

السيسي خلال اللقاء مع الوفد الكيني (الشرق الأوسط)
السيسي خلال اللقاء مع الوفد الكيني (الشرق الأوسط)
TT

توافق مصري ـ كيني على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي

السيسي خلال اللقاء مع الوفد الكيني (الشرق الأوسط)
السيسي خلال اللقاء مع الوفد الكيني (الشرق الأوسط)

أكدت مصر وكينيا حرصهما على تعزيز التعاون الثنائي في كافة المجالات، وعلى رأسها الأمنية والاقتصادية، وعقد لجنة مشتركة بين البلدين، خلال العام الجاري، في إطار رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي عام 2019.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة أمس وزيرة خارجية كينيا مونيكا جوما، على رأس وفد يضم كلاً من بول كاريوكي النائب العام الكيني، واللواء فيليب كامويرو مدير عام جهاز المخابرات الوطنية الكيني.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن اللقاء شهد تبادل الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بما فيها آخر تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، وسبل تضافر الجهود بين البلدين لمكافحة ظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف في القارة الأفريقية خاصة من خلال تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي المشترك، بالإضافة إلى تفعيل أطر التنسيق القاري لمواجهة تلك الآفة العابرة للحدود تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.
وخلال اللقاء أكد الرئيس السيسي حرص بلاده على تعظيم التنسيق والتشاور مع الجانب الكيني والرئيس أوهورو كينياتا شخصياً خلال الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي، خاصة فيما يتعلق بأولويات العمل داخل الاتحاد سواء المؤسسية أو السياسية أو التنموية بما يسهم في تحقيق النمو والاستقرار الذي تصبو إليه الدول الأفريقية. ونوه السيسي للأهمية التي توليها مصر لتعزيز العلاقات الثنائية التي تربطها بكينيا في مختلف المجالات لا سيما التبادل التجاري والاستثمار.
من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الكينية، وفقا لبيان المتحدث، وجود آفاق واسعة لتطوير مسار العلاقات الثنائية ودفع أطر التعاون المشترك بين البلدين على شتى الأصعدة رسمياً وشعبياً.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري التقى الوفد الكيني، حيث تناول اللقاء التعاون الثنائي بين البلدين والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك في ظل رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي.
وأوضح بيان للخارجية أن شكري أكد حرص مصر على تعزيز التعاون التنموي بين البلدين، والتي تشمل قطاعات الصحة والطاقة والإسكان والتصنيع، وأشار إلى تطلع مصر لزيادة التبادل التجاري بين البلدين.
كما ناقش اللقاء التعاون في مجال بناء القدرات والكوادر ونقل الخبرات المصرية إلى كينيا عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، وأعرب شكري عن استعداد مصر لتعزيز عدد المنح التدريبية التي تقدمها مصر لكينيا، بما في ذلك في المجالات الأمنية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب. كما أكد حرص مصر على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين خلال العام الجاري من أجل دعم التعاون الثنائي.
وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، أكد شكري اهتمام مصر بتعزيز التنسيق مع كينيا خلال فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، والتي تضع ضمن أهم أولوياتها موضوعات بناء السلام وإعادة الإعمار على مستوى القارة، وكذلك دعم التكامُل الاقتصادي والاندماج الإقليمي بما يحقق النمو والاستقرار الذي تصبو إليه الدول الأفريقية.
كما تناول الاجتماع عدداً من القضايا محل الاهتمام المشترك مثل الأوضاع في الكونغو الديمقراطية وتطورات الموقف في الصومال، فضلاً عن التطرق حول الوضع في جنوب السودان وبوروندي.
وأكدت وزيرة خارجية كينيا اهتمام بلادها بدعم التعاون الثنائي مع مصر، وكذلك تعزيز نقل الخبرات المصرية، بما في ذلك على صعيد تلقي دورات تدريبية من جانب الأزهر الشريف لنشر تعاليم الإسلام الصحيح.
في السياق ذاته، استقبل الرئيس السيسي أمس رئيس منظمة التنمية والتعاون للربط العالمي للطاقة ليو زينيا. وأوضح السفير راضي أن اللقاء تناول الدعم المصري لجهود الدول الأفريقية للنفاذ للطاقة النظيفة من المصادر المتجددة، وكذلك دعم التكامل الإقليمي وتطوير البنية التحتية في أفريقيا من خلال تعظيم الاستثمارات في المشروعات العابرة للحدود.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.