حماية الشخصيات والمسؤولين اللبنانيين... مظاهر بعشرات ملايين الدولارات

أعداد المرافقين تتجاوز المحدد قانوناً والاستنسابية تتحكم بطريقة توزيعهم

مواكب لمسؤولين تنتظرهم خلال اجتماعاتهم في وسط بيروت
مواكب لمسؤولين تنتظرهم خلال اجتماعاتهم في وسط بيروت
TT

حماية الشخصيات والمسؤولين اللبنانيين... مظاهر بعشرات ملايين الدولارات

مواكب لمسؤولين تنتظرهم خلال اجتماعاتهم في وسط بيروت
مواكب لمسؤولين تنتظرهم خلال اجتماعاتهم في وسط بيروت

بين كثرة عدد المرافقين وسيارات المواكب، تتحوّل حماية الشخصيات والسياسيين في لبنان إلى أحد أبرز المظاهر التي يتباهى بها أي مسؤول مجرد توليه لمنصب معين.
وفي حين يتيح القانون لبعض المسؤولين الحصول على مرافقين فإنه يشرّع «الفساد» عبر بند يسمح لأي شخصية لا تشغل موقعاً رسمياً أو حزبياً أو سياسياً الاستفادة من الحماية بحجة تعرضها للخطر، وهو ما تتحكّم فيه الاستنسابية، فيما يأتي الخرق الأبرز من الأجهزة الأمنية نفسها التي تفرز مرافقين لضباط بعيداً عن أي نص قانوني، وهم الذين يفترض أنهم يتولون مهمة الأمن. وهذه الاستنسابية تنسحب أيضا على زيادة عدد المرافقين الذي عادة ما يكون ظاهرا للعلن بشكل لافت رغم أن مرسوم حماية تنظيم الشخصيات يحدد عددا معينا وفق كل منصب، ما يكلّف خزينة الدولة سنويا نحو 40 مليون دولار أميركي، بحسب تقديرات «الدولية للمعلومات».
والمرسوم الأساسي الذي ينظم حماية الشخصيات هو ذلك الذي يندرج تحت الرقم 2512. ويحصر المرافقين بجهاز أمن الدولة وتحديداً في مديرية حماية الشخصيات إلى جانب ما يعرف بلواء الحرس الجمهوري الذي يعنى بحماية رئيس الجمهورية وعائلته والقصر الرئاسي وحماية ضيوف الرئيس من ملوك ورؤساء، ويتولى المهمة عناصر الجيش اللبناني، والأمر نفسه بالنسبة إلى حرس رئاسة الحكومة، من جهاز الأمن الداخلي، إضافة إلى شرطة مجلس النواب التي تتولى حماية مقر البرلمان ومقرات إقامة رئيس المجلس. وهنا تشير مصادر مطّلعة إلى أن عدد عناصر الحماية في أمن الدولة يقدّر بنحو 1200 عنصر، وعسكريي الحرس الجمهوري بـ1500 وشرطة المجلس بـ450 وسرية رئاسة الحكومة بـ600 عنصر، والمعروف أن الانتساب أو الترقية في شرطة المجلس محصورة بقرار رئيس المجلس ولا تخضع لأي ضوابط أو قواعد عسكرية.
ووفق مرسوم حماية الشخصيات، يحق لكل رئيس جمهورية سابق 10 عناصر للحماية ولرؤساء مجلس النواب والحكومة السابقين 8 عناصر ويتساوى الوزراء والنواب الحاليون بـحصول كل منهم على 4 عناصر فيما يحق لكل زوجة رئيس جمهورية سابق متوف عنصران ولكل رئيس طائفة مقيم في لبنان 6 عناصر، كما يحق لعدد من القضاة (164 قاضيا) الذين يتولون مواقع محددة بالحصول على مرافق واحد. لكن التنفيذ لا يمت إلى هذه الأرقام بصلة، بحيث إن عدد مرافقي بعض الشخصيات يصل إلى العشرات وهو ما تظهره المواكب ويؤكد عليه وزير الداخلية السابق مروان شربل والباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، فيما تأخذ «الحماية القانونية» هذه وغير القانونية أشكالا مختلفة في التنفيذ، فيتحوّل رجل الأمن والعسكري إلى سائق للعائلة والأولاد حيناً ومرافقا لزوجة هذه الشخصية أو لأقاربه حيناً آخر وتصل إلى درجة توكيله مهمة شراء الحاجيات. ومع انتقاده المبالغة في مواكب المسؤولين وعدد مرافقيهم، معتبرا أن ضخامة الموكب تكشفه بشكل أكبر، يؤكد شربل لـ«الشرق الأوسط» أن حماية الشخصية لا ترتبط بحجم الموكب وعدد المرافقين بقدر ما هي ترتبط بأهمية العمل على تأمين سلامة الطرقات التي سيسلكها المسؤول ومفارز الاستقصاء، ويعطي مثالا على ذلك عمليات الاغتيال التي طالت شخصيات لبنانية عدة في السنوات الماضية رغم ضخامة مواكبها. ويسجّل لشربل أنه اتخذ عام 2013 خلال توليه وزارة الداخلية قرار تخفيض حماية الشخصيات نظراً لتجاوز العدد المحدد قانونا بالمرسوم رقم 2512، رابطا قراره بتعزيز المخافر وتدريب العناصر وهو ما أثار موجة استياء لدى السياسيين الذين حملوه مسؤولية أمنهم. من جهته، يقول شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»: «في لبنان الجميع يخرق القانون ولا يتقيد به، ويتحول البند الذي ينص على منح كل شخصية معرضة للخطر الحماية، إلى باب لحصول شخصيات غير موجودة حتى في موقع المسؤولية لمرافقين وذلك من خلال العلاقات الشخصية وهي قد تكون بالحصول على مرافق واحد وقد تصل إلى العشرات، وهو الأمر الذي ينسحب أيضا على من هم في موقع مسؤولية، وبالتالي بدل أن يكون عناصر الأمن في الثكنات والمراكز العسكرية يتحولون إلى مرافقين، في وقت تشكو الأجهزة الأمنية بشكل دائم من نقص في عددها».
والقول بأن فرز المرافقين يخضع للعلاقات الشخصية، ينفيه مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، ويؤكد أن قرارا كهذا لا يمكن أن يتم إلا بموافقة مجلس الأمن المركزي، موضحا أنه «يقوم الشخص بتقديم طلب يشرح فيه الأسباب التي تقف خلف مطلبه، فتتم دراسته بشكل دقيق وحجم الخطر المعرّض له لاتخاذ القرار المناسب، إما برفضه أو الموافقة عليه مع تحديد عدد العناصر».
أما السيارات المعتمدة في المواكب والتي اعتاد اللبناني على رؤيتها يوميا وتقفل الطرقات لأجل مرورها، فهي بدورها غير خاضعة لقانون معين، بحسب تأكيد شمس الدين وشربل، إنما تقدم كهبات أو يعمد الوزير مثلاً إلى شراء سيارة من الميزانية المخصصة لوزارته ويضعها باسمه أو باسم الوزارة ويتم تسجيل مصروفها على حساب الدولة لحصولها على المحروقات والصيانة مجانا، فيما يحق لكل نائب أن يستورد سيارة من الخارج كل سنتين، تكون معفية من بدل التسجيل والجمرك. وهنا يلفت شمس الدين إلى أن بعض الوزراء الذين يعمدون إلى تسجيل السيارات باسمهم تبقى ملكاً لهم حتى بعد انتهاء فترة توليهم الوزارة، مشيرا إلى أن هناك 120 ألف سيارة مدنية تابعة لمؤسسات وإدارات الدولة والأجهزة الأمنية في وقت أن العدد الذي ينص عليه القانون لا يزيد عن 11 سيارة موزعة بين الرئاسات والوزارات، بينما يقدّر عدد التي تشترى على نفقة الدولة ويستعمل منها في المواكب بالمئات. ووفق «الدولية للمعلومات» فإن المبالغ التي تصرف على المحروقات لكل هذه السيارات تبلغ 120 مليون دولار سنويا.
في موازاة كل ذلك، فإن أبرز خرق للقانون يأتي من الأجهزة الأمنية نفسها بحسب ما يؤكد شمس الدين، وهو ما يبدو واضحا في مرسوم حماية الشخصيات الذي لا ينص على حصول الضباط على مرافقين، في حين أن هؤلاء يحصلون على مرافق أو سائق على الأقل وليس بالضرورة أن يكونوا من ذوي الرتب العليا، وهنا تشير المصادر الأمنية إلى أن كل جهاز أمني يؤمن الحماية لضباطه.
ولا توجد أرقام محددة عن مرافقي وسائقي الضباط، الحاليين والسابقين منهم، في موازاة تفادي الجهات المعنية الحديث أو الإفصاح عنه، فيما تقدّر نفقات مرافقي الضباط سنويا بنحو 6 ملايين دولار أميركي، بحسب شمس الدين. ووفق العرف الذي بات يتم العمل عليه، تشير المصادر الأمنية إلى أن الضباط من رتبة نقيب إلى عقيد يحصلون على مرافق واحد، فيما يعطى العميد مرافقين. وهنا يسأل شمس الدين: «لا يمنح القانون العاملين في الأجهزة الأمنية حق الحصول على مرافقين وحماية، فهؤلاء من يفترض أن يقوموا بمهمة الأمن كيف يكون لهم من يحميهم؟» مشيرا في الوقت عينه إلى أنه يستثنى من هؤلاء القيادات الأمنية التي لها أن تختار عدد مرافقيها مثل قائد الجيش أو رئيس الأركان وغيرهما، وبالتالي فإن حصول الضباط على مرافقين هو خارج القانون وبات عرفا ليس أكثر. وخير مثال على ذلك، أن قائد منطقة برتبة عميد في قوى الأمن الداخلي كان لديه 60 عنصرا بينما لا يرافق من خلفه في المنصب نفسه إلا عنصر واحد، وهو ما يؤكد أن الأمور غير مقيدة وتبقى مفتوحة على مصراعيها وبطريقة استنسابية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.