توقعات في الجزائر لإعلان ترشح بوتفليقة لولاية خامسة اليوم

الرئيس المنتهية ولايته أقال مدير حملته الانتخابية... وآلاف المواطنين شيّعوا قتيل مظاهرات الجمعة

مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في احد شوارع العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ب)
مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في احد شوارع العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ب)
TT

توقعات في الجزائر لإعلان ترشح بوتفليقة لولاية خامسة اليوم

مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في احد شوارع العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ب)
مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في احد شوارع العاصمة الجزائرية أول من أمس (أ.ب)

في وقت تضاربت فيه الأنباء بشأن عودة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى بلاده، بعد رحلة علاج في سويسرا، ساد جو من الغموض وسط الجزائريين، بشأن ما إذا كانت عودته لإعلان ترشحه رسمياً لولاية خامسة قبل نهاية مهلة تقديم الطلبات التي تنتهي اليوم، وهي خطوة قد تؤجج الاحتجاجات الرافضة لإعادة ترشحه.
لكن عودته ما زالت يكتنفها الغموض حتى مساء أمس، حيث نقلت قناة «يورونيوز» عن «مصدر أمني جزائري»، قوله إن طائرة بوتفليقة عادت إلى الجزائر مساء أول من أمس «دون أن يكون الرئيس على متنها». ورفض إعلام الرئاسة الخوض في الموضوع خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط».
وجاء إعلان بوتفليقة بتعيين مدير جديد لحملته ليصب الزيت في النار، ويقطع حداً للتكهنات باحتمال أن يعدل عن الترشح.
وتشير التوقعات وبنسبة عالية باعلان الرئيس ترشحه اليوم لولاية خامسة.وأعلن الجهاز الدعائي الانتخابي للرئيس الجزائري عزل عبد المالك سلال كمدير لحملته الانتخابية، وذلك قبل 24 ساعة من انتهاء مهلة إيداع ملفات الترشيح بـ«المجلس الدستوري». وأرجع مراقبون سبب تنحيته إلى حديث جرى بينه وبين رجل أعمال بارز، تم تسريبه للإعلام. ويفهم من هذا التطور اللافت في مسار التحضير للانتخابات أن بوتفليقة لا يعتزم سحب ترشحه، كما قال عدد من المراقبين للوضع السياسي في الجزائر.
وذكرت وكالة الأنباء الحكومية مساء أمس أن مديرية حملة الرئيس بوتفليقة اختارت وزير الأشغال العمومية عبد الغني زعلان، مديرا لحملته الانتخابية، بدلا عن سلال، دون الكشف عن الأسباب. لكن متتبعين رجحوا أن إبعاد سلال، وهو رئيس وزراء سابق (2012 - 2017)، مرتبط بفضيحة مدوية فجرها الإعلام وشبكة التواصل الاجتماعي الأربعاء الماضي، وتتعلق بمحادثة مسربة جرت بينه وبين علي حداد، رئيس «منتدى رؤساء المؤسسات»، وهو أكبر تكتل لأرباب العمل في البلاد، والممول الرئيسي لحملات بوتفليقة الانتخابية، وهي المحادثة التي كشف فيها صراحة عن استعداد الطاقم المحيط بالرئيس الدخول في مواجهة مسلحة مع المتظاهرين، رافضي «العهدة الخامسة»، وهم بالملايين.
وبدا من المحادثة شعور جماعة الرئيس بالخوف من الحراك الشعبي الثائر ضد ترشح الرئيس لولاية جديدة، والذي بدأ منذ 22 من فبراير (شباط) الماضي، وتجدد بشكل أقوى أول من أمس، من خلال مسيرات مليونية في كامل أرجاء البلاد.
ويأتي انسحاب سلال من الفريق المحيط بالرئيس، في وقت توقع فيه مراقبون استجابة السلطة لمطالب قطاع واسع من الجزائريين، بسحب ترشح الرئيس بوتفليقة. لكن العكس هو الذي حدث، وهو ما يرجح تأجيج حالة الغضب العارم التي تجتاح البلاد.
وتضاربت أمس أنباء حول مصير بوتفليقة في الحكم، وحالته الصحية بعد مرور أسبوع من إقامته بجنيف بغرض العلاج. ونقل موقع «روسيا اليوم»، استنادا إلى «مصدر طبي» بجنيف، أنه «كان مقررا أن يخضع بوتفليقة لعملية جراحية. لكن وضعه الصحي لم يسمح بذلك». موضحا أن الرئيس الجزائري «موجود حاليا في الطابق التاسع في مستشفى جنيف الجامعي، وهو قسم معزول عن باقي أقسام المستشفى، ولا يمكن الوصول إليه إلا عبر ممرات خاصة داخل المستشفى».
ونقل نفس الموقع عن مشفى جنيف في وقت لاحق، تكذيبه خبر تدهور صحة بوتفليقة. مبرزا أن ناصر بوتفليقة، شقيق الرئيس ومستشاره، زاره في مشفاه أول من أمس. كما نقلت قناة «يورونيوز» عن «مصدر أمني جزائري»، أن طائرة بوتفليقة عادت من جنيف إلى الجزائر مساء الجمعة، دون أن يكون الرئيس على متنها. وقد رفض قسم الإعلام برئاسة الجمهورية الخوض في الموضوع، خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، ولم يتسن تأكيد أو نفي هذه الأخبار، من محيط الرئيس، وخاصة مديرية حملته الانتخابية، والأحزاب الموالية له.
في غضون ذلك، راجت أمس إشاعات في العاصمة عن «استقالة رئيس الوزراء» أحمد أويحيى، وأن «حكومة وحدة وطنية» ستتكفل بتسيير البلاد مؤقتا. كما تداول ناشطون بشبكة التواصل الاجتماعي أن «بيانا هاما ستصدره الرئاسة»، قد تعلن فيه سحب الرئيس ترشيحه.
وشارك أمس عشرات الجزائريين، الذين تنقلوا من مختلف مناطق البلاد، في الجنازة المهيبة لحسان بن خدة، أولى ضحايا المسيرات المناوئة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.
وكشف الدكتور سليم بن خدة، شقيق حسان بن خدة، عن حقيقة وفاة أخيه في المسيرات السلمية، نافيا كل المزاعم التي انتشرت عبر وسائل الإعلام، والتي أوردت أن الضحية توفي جراء أزمة قلبية. وقال في تصريح خاص لوكالة الأنباء الألمانية إن شقيقه لا يعاني من أي مرض، مؤكدا أن وفاته «جاءت جراء التدافع الذي حصل أمام فندق الجزائر، غير بعيد عن قصر الرئاسة... ولن نقدم أي تصريحات قبل صدور تقرير الطب الشرعي، لكن ما يمكن تأكيده هو أن حسان توفي جراء نزيف داخلي، بعد تعرضه لرضوض على مستوى الجبين».
وحضر مختلف رؤساء أحزاب المعارضة الجزائرية الجنازة لتقديم التعازي لعائلة الفقيد، ومنهم رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، ورئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد الله جاب الله. كما توجه وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، للمستشفى لتعزية أهل الفقيد. وللإشارة فإن حسان بن خدة، هو ابن يوسف بن خدة، رئيس الحكومة المؤقتة للجزائر عام 1962. وهو دكتور جامعي مارس عمله في بريطانيا لأكثر من عشرين سنة، قبل أن يقرر العودة للجزائر منذ 12 سنة.
في سياق ذلك، نقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أمس عن وزارة الصحة قولها إن العدد الإجمالي للمصابين خلال الاحتجاجات التي جرت في أنحاء البلاد أول من أمس، بلغ 183 مصابا. موضحة أن «الهدوء ساد العاصمة» أمس السبت.
من جهة ثانية، أودع أمس ثلاثة رؤساء أحزاب ملفات ترشحهم لدى المجلس الدستوري في الجزائر، استعدادا للانتخابات الرئاسية.
ويتعلق الأمر بكل من عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني، وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل، وعدول محفوظ رئيس حزب النصر الوطني. وكان علي زغدود، رئيس حزب التجمع الجزائري، وعبد الحكيم حمادي، الطبيب المختص في صناعة الأدوية، أول من أودع ملف الترشح للانتخابات الرئاسية يوم الخميس الماضي.
وقال بن قرينة أمس أثناء لقاء بأنصاره بالعاصمة، إنه يطمح إلى «بناء الجمهورية الثانية في ظل الوفاء للأصل واستكمال النقص، ومواكبة العصر». وتعهد بـ«بالانتصار لخيارات الشعب، وكلي آذان صاغية لهمومه واهتماماته، لأصحح المسار وأرشّده باستمرار... ولو عمِلَتْ السلطة بمبدأ النصيحة لما وصلت الجزائر اليوم إلى حافة الانهيار ومهددات الانزلاق».
أما بلعيد العزيز، مرشح رئاسية 2014. فقد رفع لحملته الانتخابية شعار «القطيعة مع ممارسات النظام»، وهو أيضا رئيس حزب يدعى «جبهة المستقبل».
في سياق ذلك، التقى أمس قادة أحزاب وشخصيات معارضة بالعاصمة، بدعوة من عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية. وبحث اللقاء، حسب قيادي بحزب جاب الله، «إطلاق عمل مشترك، وتوحيد الموقف والتفاعل الإيجابي مع الحراك الشعبي، وكذلك الموقف من هذه الانتخابات الرئاسية». وقد استمر الاجتماع إلى ساعة متأخرة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.