وزير الدفاع الموريتاني يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية

الوزير «ولد الغزواني»
الوزير «ولد الغزواني»
TT

وزير الدفاع الموريتاني يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية

الوزير «ولد الغزواني»
الوزير «ولد الغزواني»

أعلن وزير الدفاع الموريتاني محمد ولد الشيخ محمد أحمد، المعروف لدى الموريتانيين بلقب «ولد الغزواني»، مساء أول من أمس ترشحه للانتخابات الرئاسية، التي ستنظم في شهر يونيو (حزيران) المقبل. فيما أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم أمس، أنه يدعم ترشح ولد الغزواني لهذه الانتخابات.
ويطمح ولد الغزواني لخلافة صديقه الشخصي ورفيق سلاحه محمد ولد عبد العزيز، الذي حكم موريتانيا منذ عام 2009 لولايتين رئاسيتين متتاليتين، لكن الدستور يمنعه من الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وهو ما دفعه حسب مراقبين لدعم ترشح «ولد الغزواني»، الذي يوصف بأنه «رجل ثقته»، إذ قاد معه انقلابين عسكريين (2005 و2008)، ودرسا معاً في الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس في المغرب خلال سبعينات القرن الماضي.
وقال الجنرال المتقاعد خلال إعلان ترشحه أمام نحو 10 آلاف موريتاني، تجمهروا في ملعب وسط العاصمة نواكشوط: «إيماناً مني بضرورة رفع التحديات الماثلة، ومواجهة المخاطر المحدقة، قررت مستعيناً بالله تعالى ومتكلاً عليه الترشح لنيل ثقتكم في الانتخابات الرئاسية الراهنة، آملاً آن تمنحوني - وإن لم أكن أفضلكم - الفرصة لأخدم وطني، وفي الذهن جسامة المسؤولية».
وأضاف ولد الغزواني أن موريتانيا تستعد لانتخابات رئاسية، وصفها بأنها «استحقاقات مصيرية، ستوفر ظروفاً مناسبة لنقاش جاد حول ما آل إليه البلد بعد 60 سنة من الاستقلال»، مشيراً إلى أن ما وصلت إليه موريتانيا اليوم «ليس نهاية المطاف. فلا يزال أمامنا كثير مما يجب أن ننجزه، ولا تزال الطريق طويلة ومحفوفة بالتحديات والمخاطر». وتعهد المترشح في أول خطاب يلقيه أمام أنصاره بأنه «يوظف بصدق وجد وإخلاص ما منّ الله به علي... في سبيل معالجة مكامن الخلل، وسد مواطن النقص أياً تكن»، مشيداً في السياق ذاته بما تحقق من إنجازات خلال السنوات العشر، التي حكم فيها صديقه ولد عبد العزيز البلاد.
ولد الغزواني المولود عام 1956 في مدينة بومديد (جنوب شرق) يتحدر من أسرة مشيخة صوفية، ذات عمق اجتماعي كبير في موريتانيا. دخل الجيش عام 1978 وتلقى تكوينه العسكري في المغرب، قبل أن يعود ليتقلد كثيراً من المناصب الكبيرة في المؤسسة العسكرية، أبرزها مدير الأمن الوطني، ثم قائد الأركان العامة للجيوش الذي شغله حتى تقاعده نهاية العام الماضي.
ويشغل ولد الغزواني منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي منصب وزير الدفاع في حكومة ولد عبد العزيز، وهو يوصف بأنه «مهندس» الحرب التي خاضتها موريتانيا ضد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، الذي خاض مواجهات شرسة مع الجيش الموريتاني في الفترة ما بين 2005 و2011، ومنذ ذلك الوقت لم تشهد موريتانيا أي عمليات إرهابية. من جهة أخرى، افتتح حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم في موريتانيا، أمس، مؤتمره الوطني العادي الثاني، من أجل انتخاب قيادة جديدة للحزب، وتشكيل هيئاته ولجانه، استعداداً للانتخابات الرئاسية التي أعلن أنه سيدعم فيها «ولد الغزواني» لكونه يجسد «استمراراً للنهج» الذي أطلقه محمد ولد عبد العزيز «مؤسس الحزب وأول رئيس له». وقال رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم خلال افتتاح المؤتمر، الذي شارك فيه أكثر من 5 آلاف مناضل حزبي، من ضمنهم 2000 مندوب يحق لهم التصويت، إنه يدعو الجميع إلى «دعم ترشح محمد ولد الغزواني، لما يتمتع به من صفات وطنية، وخبرة وتجربة»، واصفاً إياه بأنه «مرشح الحزب الحاكم، ومرشح ائتلاف أحزاب الأغلبية الرئاسية».
وشارك ولد الغزواني في فعاليات المؤتمر الوطني للحزب الحاكم، وكان يجلس على المنصة الرسمية. لكنه لم يتحدث واكتفى بالحضور فقط في أول نشاط سياسي حزبي له، وهو الذي لم يعرف له في السابق أي انتماء سياسي، بحكم انتمائه للمؤسسة العسكرية، التي تمنع على أفرادها ممارسة السياسة.
وبالإضافة إلى محمد ولد الغزواني، سبق أن أعلن الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه إعبيدي ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما تواصل المعارضة مشاوراتها للبحث عن «مرشح موحد» يكون قادراً على منافسة «ولد الغزواني»، الذي يوصف من طرف الكثيرين بأنه الأوفر حظاً لحسم السباق الرئاسي لصالحه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم