يدور الحديث في الأوساط الثقافية الإيطالية الراقية هذه الأيام عن الاتفاقية التي توضع اللمسات الأخيرة عليها بين المملكة العربية السعودية، عبر وزارة الثقافة، ومسرح «La Scala» الذي يعد المؤسسة الثقافية الأبرز في إيطاليا، والتي تقوم على محاور رئيسية ثلاثة: عروض أوبرالية تقدّمها فرقة «لا سكالا» الشهيرة في المملكة، وتأسيس أكاديمية سعودية لتخريج وتدريب الموسيقيين والراقصين والمغنّين، ودخول السعودية إلى مجلس أمناء أعرق مسارح الأوبرا في العالم إلى جانب نخبة محدودة من الشركات الإيطالية الكبرى التي تسهم في تمويل أنشطة دار الأوبرا القائمة في وسط مدينة ميلانو.
المرحلة الوحيدة التي تمّ إنجازها نهائياً من الاتفاقية حتى الآن هي التي تتناول عروضاً موسيقية تقدمها فرقة «لا سكالا» في المملكة خلال الأشهر المقبلة لاثنين من أشهر أعمال الأوبرا الإيطالية: «لا ترافياتا» و«ريغوليتّو» للموسيقار الشهير جيوزيبي فيردي. ومن المنتظر أن تُكشف بقيّة تفاصيل الاتفاقية عندما يعلن وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود الخطوط العريضة للاستراتيجية الثقافية للمملكة خلال السنوات المقبلة في العاصمة الرياض يوم العاشر من الشهر الجاري.
ويلحظ الاتفاق الذي وقّعه مدير «لا سكالا» ألكسندر بيريرا مع وزارة الثقافة السعودية في يناير (كانون الثاني) الماضي، تكليف أساتذة دار الأوبرا الإيطالية إعداد النواة الأساسية من الفنّانين والإخصّائيين الذين سيتولّون لاحقاً الإشراف على دور الأوبرا الثلاث التي تقرّر إنشاؤها في المملكة. ويُذكر أن وزير الثقافة السعودي كان ضيف الشرف في حفل افتتاح موسم الأوبرا الإيطالي الذي قدّم عرض مسرحيّة «آتّيلا» أواخر العام الماضي.
يقول شون فولي، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تينيسّي الأميركية، في مؤلفه «Changing Saudi Arabia: Art , Culture and Society in the Kingdom» الذي يعرض فيه تفاصيل الثورة الثقافية التي تشهدها المملكة العربية السعودية، إن «الشراكة مع مسرح (لا سكالا) تندرج تماماً ضمن خطط التنمية الثقافية في المملكة... فمنذ عام 2015 سعت السعودية إلى بناء حركة فنّية تفتح مجالات العمل أمام الشباب في قطاعات غير مرتبطة بالنفط. ويهدف الأمير محمد بن سلمان من خلال ذلك إلى الحدّ من اعتماد بلاده على الصناعات البترولية»... ويتناول فولي في كتابه حركة الفن المعاصر التي تشهدها المملكة في سياق الواقع السياسي الجديد بقوله: «يعبّر الفنّانون السعوديّون عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل غير مسبوق، ويديرون نقاشات حول ضرورة الإصلاحات الاجتماعية، السلمية والتدرّجية مما يدلّ على وعي ونضوج المجتمع السعودي وإدراكه الحاجة إلى مثل هذا التحوّل».
وتجدر الإشارة إلى أن السعودية سبق وأبرمت اتفاقات ثقافية مماثلة مع فرنسا لتطوير السياحة في منطقة العلا، والتي يشارك فيها المهندس الفرنسي المعروف جان نوفيل بعدد من المشاريع الرائدة. وتتوقع أوساط إيطالية أن تمهّد الاتفاقية التي ستوقّعها السعودية مع «لا سكالا» لمشاركة مؤسسات إيطالية أخرى في مشاريع النهضة الثقافية والفنية التي تشهدها المملكة، والتي «غابت عنها في الفترة الأخيرة بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية المضطربة التي شهدتها إيطاليا»، كما يقول الخبير الفنّي والكاتب المعروف فيتّورير سغاربي.
السعودية إلى مجلس أمناء دار الأوبرا {لاسكالا} الإيطالية
السعودية إلى مجلس أمناء دار الأوبرا {لاسكالا} الإيطالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة