سمير الطيب: حكومة الشاهد باقية حتىالانتخابات لأن الدستور يمنع تغييرها

الوزير اليساري نفى إمكانية تغيير المشهد السياسي بـ«حكومة تكنوقراط»

سمير الطيب
سمير الطيب
TT

سمير الطيب: حكومة الشاهد باقية حتىالانتخابات لأن الدستور يمنع تغييرها

سمير الطيب
سمير الطيب

أكد سمير الطيب، الوزير الحقوقي اليساري وخبير القانون الدستوري التونسي، أن حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها يوسف الشاهد «باقية إلى تنظيم الانتخابات العامة المقررة نهاية العام الحالي، ولم يعد ممكناً تغييرها»، رغم التصريحات والدعوات الصادرة عن عدة شخصيات وأحزاب سياسية، بينها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وزعيم حزب النهضة راشد الغنوشي، والناطق الرسمي باسم ائتلاف أحزاب اليسار حمة الهمامي.
وأوضح وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، الذي دخل حكومة الشاهد منذ عامين بصفته الأمين العام لحزب المسار اليساري (الحزب الشيوعي سابقاً) وزعيماً نقابياً وحقوقياً يسارياً، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الدستور التونسي «يمنع تغيير رئيس الحكومة قبل 6 أشهر من موعد تنظيم الانتخابات البرلمانية. ولأن هذه الانتخابات مقررة مبدئياً في شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم، فإن تغييرها يصبح مرفوضاً دستورياً، إذا لم يتقرر ذلك قبل شهر أبريل (نيسان) المقبل».
واعتبر سمير الطيب أن هذه الفرضية اليوم «غير واردة سياسياً وقانونياً وإجرائياً لأن التوافق كبير في البرلمان بين الكتل التي صوتت بأغلبية مريحة للحكومة بتشكيلتها الجديدة، مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ثم على قانون المالية والميزانية. وهي تواصل التصويت على أغلب مشاريع الحكومية بقدر كبير من التوافق».
في السياق ذاته، شكك الوزير الطيب في إمكانية تطبيق بعض الأفكار، التي عبر عنها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وزعيم «الجبهة الشعبية» اليسارية المعارضة، وشخصيات وطنية أخرى، دعت إلى استبدال «حكومة انتخابات»، أو «حكومة تكنوقراط» تضم شخصيات سياسية مستقلة عن كل الأحزاب، بحكومة يوسف الشاهد.
وتساءل عن مغزى مطالبة أعضاء البرلمان المنتخب والوزراء، الذين يمثلون الأطراف الفائزة في الانتخابات الماضية بمغادرة الحكومة، وترك مواقعهم لشخصيات مستقلة غير منتخبة.
وبخصوص موقفه من تصريحات قياديين في حركة النهضة، بينهم رئيسها راشد الغنوشي، حول وجود مشاورات بين بعض الأطراف السياسية لتغيير محتمل للحكومة الحالية، حتى لا توظف أجهزة الدولة وموظفي الإدارة في الحملة الانتخابية لحركة «تحيا تونس»، التي أسسها مقربون من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، استبعد الوزير الحقوقي أن تتطور هذه التصريحات إلى مطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية الحالية، بحجة حاجة البلاد الماسة إلى الاستقرار، وأيضاً «لأنهم طرف مهم فيها». وبهذا الخصوص أوضح الوزير الطيب أن التغيير «غير ممكن قبل أواسط أبريل المقبل، لأنه يستوجب مشاورات مطولة ومعمقة بين الأطراف السياسية والبرلمانية، قبل سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية الحالية، ثم التوافق على بديل، وعلى موعد جلسة التصويت في البرلمان».
كما أن دستور البلاد لا يمنع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المباشرين، وكذلك بقية الوزراء من الترشح للانتخابات، والقيام بأنشطة حزبية وسياسية، شريطة ضمان حياد الإدارة، وعدم توظيف قدرات الدولة في مشروعهم الانتخابي والحزبي.
وزاد الوزير موضحاً أنه في حال بروز خلافات بين كتلتي حزب «تحيا تونس»، الموالي لرئيس الحكومة وحلفائه، فقد لا يتمكن نواب حركة النهضة وأنصارهم من الحصول على أغلبية تضمن لهم سحب الثقة من يوسف الشاهد، وتزكية رئيس حكومة جديد، وذلك لعدة أسباب، أبرزها خلافاتهم مع كتلة النواب الموالية للرئيس الباجي قائد السبسي وحزب «نداء تونس»، ونواب اليسار الموالية لحمة الهمامي والجبهة الشعبية.
في غضون ذلك، أكد الوزير اليساري أنه متمسك بعضويته في حزب المسار، الذي مكّنه من تحمل حقيبة كبيرة في حكومة الوحدة الوطنية، رغم تجميد مسؤولياته الحزبية على رأس الأمانة العامة، نافياً أن يكون قرر الالتحاق بأي مشروع سياسي آخر، بما في ذلك حزب «تحيا تونس»، الذي أسسه مقربون من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بزعامة الوزير سليم العزابي، مدير الديوان الرئاسي السابق.
وفي هذا السياق، اعترف الطيب بأن عدداً من الوزراء وكبار الشخصيات السياسية والنقابية والحقوقية استقالت من أحزابها للالتحاق بالحزب الجديد، مبرزاً أن بعضهم بصدد إجراء مشاورات للغرض ذاته، خصوصاً أن الحزب الجديد يريد أن يكون متعدد الروافد، ومنفتحاً على كفاءات من مختلف الألوان السياسية والفكرية.
يُذكر أن الرئيس قائد السبسي وقياديين في حزبه، وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ومقربين منه، أدلوا في الأسابيع الماضية بتصريحات تؤكد عدم استبعاد فرضية تغيير رئيس الحكومة «إذا ثبت توظيفه لمؤسسات الدولة وموظفيها في مشروعه الانتخابي والسياسي» الجديد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.