السعودية: الثوابت والتوازنات... عنوان الدبلوماسية الفاعلة

السعودية: الثوابت والتوازنات... عنوان الدبلوماسية الفاعلة
TT

السعودية: الثوابت والتوازنات... عنوان الدبلوماسية الفاعلة

السعودية: الثوابت والتوازنات... عنوان الدبلوماسية الفاعلة

يعود تاريخ العلاقات السعودية - الأميركية إلى ثلاثينات القرن الماضي، وتحديدا في عام 1933 عندما وقعت اتفاقية تعاون بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتعززت بعد 12 سنة بلقاء الملك المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، مع الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت على متن الباخرة «يو إس إس كوينسي» في 14 فبراير (شباط) 1945.
يعد هذا اللقاء بكل المقاييس. ووفق الخبراء في الشأن السياسي، فإنه شكّل نقلة حقيقية للعلاقات بين البلدين، من المرحلة الاقتصادية إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي في مختلف المجالات. ومن ثم، عملت المملكة بعدها على توظيف هذه العلاقة وغيرها من العلاقات الدولية في تلبية مصالحها الوطنية مع دول العالم، بما فيها أميركا، وكذلك خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
لقد كان لافتاً خلال العام الحالي، وجود الدبلوماسية السعودية في امتدادات فعالة شرقاً وغرباً، برسائل فحواها أن الرياض هي العاصمة الأكثر قدرة في الإقليم على المناورة وتفعيل التحالفات بموازين جديدة بخلاف السائد. ولكن، كل الملفات مرّت وتمرّ اليوم بالرياض. وأسست عاصمة القوة العربية صياغات عدة، وتصدت لمشروعات فتنة إيران، الهادفة إلى تعكير وحدة الخليج. وشهد هذا العام خاصة توسيع دائرة التحالفات، بعد مرحلة من اللبس في تعامل قوى كبرى مع مشكلات منطقة الشرق الأوسط.
سفارة الرياض في واشنطن، تحتفي قريباً، بسفيرة تبدأ مرحلة العقد الجديد.
السفيرة الجديدة هي أول امرأة تتولى المنصب، ويجعلها السفير رقم 11 للمملكة في واشنطن بعد 10 رجال من أولي العصبة، منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. أيضاً السفيرة الجديدة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان هي السفير الخامس من الأسرة المالكة السعودية في هذا المنصب، بعد كل من الأمراء: تركي الفيصل، وعبد الله بن فيصل بن تركي، ووالدها بندر بن سلطان بن عبد العزيز، والأخير خالد بن سلمان الذي أصبح نائب وزير الدفاع في السعودية؛ وإن كانت فترة عادل الجبير وزير الدولة للشؤون لخارجية اليوم لن تنسى بحكم دراميتها وحضوره الأخاذ بين وجوه الدبلوماسية هناك.
السعودية ودبلوماسيتها اليوم، في صلب قضايا كثيرة، في صلبها عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية لكل العرب، وهي جوهر القضايا التي تدافع عنها السعودية في كل محفل. لذلك لم تغب عن أي بيان سعودي في ساحة الأمم المتحدة منذ بدء ما يسمى الصراع العربي - الإسرائيلي بحكم أنها قضية وجود، بل، وهو محور مهم في حكم العلاقات بين الرياض وواشنطن التي ترى الأخيرة أن المملكة خير حليف في غرب آسيا.
وبهذا الشأن، كانت أوساط كثيرة تتوقع تردي العلاقة بين الأميركيين والسعوديين نتيجة تخاذل الإدارة الأميركية السابقة عن اتخاذ مواقف لها في الأزمة السورية، وتنتظر تطوراً أكثر حزماً بحكم أن واشنطن تقود السلم والأمن العالمي اليوم. أيضاً بالنسبة للقضية الفلسطينية، ما زال هناك شعور عربي عام بقلة جدية إزاء واجب التأسيس لسلام عادل في المنطقة وضمان حق الفلسطينيين بدولة ذات سيادة بناء على مبادرة السلام العربية التي طرحها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز (عندما كان وليا للعهد) عام 2002. وتتضمن المبادرة الاعتراف الكامل بإسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، إلا أن بداية هذا العام حملت مؤشرات إيجابية تستحق البناء عليها، وبينت أن العلاقة بين البلدين الحليفين قوية، وإن اختلفت بعض وجهات النظر.


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»