ليبيا تفتح نافذة على الانتخابات... والجيش يوسّع نفوذه

تفاؤل عقب «لقاء الإمارات» ومخاوف وتحسّب لدخول قوات حفتر طرابلس

ليبيا تفتح نافذة على الانتخابات... والجيش يوسّع نفوذه
TT

ليبيا تفتح نافذة على الانتخابات... والجيش يوسّع نفوذه

ليبيا تفتح نافذة على الانتخابات... والجيش يوسّع نفوذه

رحب كثير من الليبيين بنتائج اللقاء الذي احتضنته دولة الإمارات المتحدة، وجمع المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني». وأملوا في تجاوز بلدهم مرحلة الانسداد السياسي، والاتجاه بالبلاد، التي تضربها الفوضى منذ 8 سنوات، إلى حالة من الاستقرار السياسي يجري الاحتكام فيها لصناديق الاقتراع بدلاً من التهديد بصناديق الذخيرة.
وعلى الرغم من أن الاجتماع، الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، ورعته البعثة الأممية لدى ليبيا، توصل إلى ضرورة إنهاء الفترة الانتقالية والمضي نحو إجراء انتخابات عامة، فإن ثمة تخوفاً لدى قطاع من الساسة والمحللين من «عجز البلاد عن إنجاز أي استحقاق انتخابي في ظل وجود ميليشيات مسلحة تسيطر على العاصمة... وانقسام حاد داخل المؤسسة العسكرية».
ما بين الترحيب بلقاء المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي وفائز السرّاج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» في العاصمة الإماراتية أبوظبي، والتحذير من انتشار المسلحين وتأثيرهم السلبي في المشهد السياسي، يمضي الجيش الوطني - وفق قيادات عسكرية وسياسية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» - نحو «طي صحراء الجنوب الليبي لمطاردة (الجماعات الإرهابية) وفلول (المتمردين التشاديين)، حتى إلى الحدود الجزائرية».
وقبل يومين من لقاء الرجلين اللذين يُنظر إليهما على أنهما الطرفان الأقوى في ليبيا، جاءت الرؤية الإماراتية واضحة من الأزمة الآنية، التي تمكنت بعد سقوط نظام معمر القذافي. إذ أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ، خلال لقائه السراج في دبي «دعم الإمارات للجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وحرصها على مساعدة الشعب الليبي في الخروج من الأزمة الراهنة». وتكللت الجهود التي أعلنتها البعثة الأممية باتفاق السراج وحفتر على «ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال انتخابات عامة»، وبحث «سبل الحفاظ على استقرار ليبيا وتوحيد مؤسساتها»، وهي النتيجة التي نظر إليها أتباع كل فريق من زاويته الخاصة.
- أوراق الأزمة
وقبل عودة السراج وحفتر إلى ليبيا، سارع «المجلس الأعلى للدولة» في طرابلس، بتقديم جملة من الاعتراضات المبطنة على اجتماعهما في الإمارات، دون أن يأتي على ذكرهما. وأرجع ذلك إلى أن ما تم التوصل إليه يتعارض مع «اتفاق الصخيرات» الذي وقع في المغرب نهاية عام 2015، وقال «المجلس» إنه «متمسك بالاتفاق السياسي باعتباره الإطار الوحيد والحاكم للعملية السياسية، وعدم قبول أي تعديلات إلا وفق الآلية التي ينص عليها ذلك الاتفاق».
غير أن المحلل السياسي والإعلامي الليبي عيسى عبد القيوم، رأى أن «الجيش بعد لقاء أبوظبي، بات يمتلك 75 في المائة من أوراق حل الأزمة، مدعوماً بحاضنته الاجتماعية والسياسية الوطنية التي كشفت عنها انتصاراته الأخيرة». ومضى عبد القيوم يقول إنه قبل لقاء الإمارات كانت هناك 4 مواقف تؤكد وجهة نظره، تتمثل في؛ «موافقة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله، على رفع (القوة القاهرة) عن حقل الشرارة، وتراجع الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي في طرابلس عن إيقاف منحة أرباب الأسر، بالإضافة إلى تراجع المبعوث الأممي عن موقفه من الجيش، وزيارته للرجمة (مقر القيادة العامة)، فضلاً عن تراجع ممثل سلطات طرابلس في الأمم المتحدة وتغيير موقفه من العملية العسكرية في الجنوب خلال كلمته أمام الجمعية العامة».
وانتهى عبد القيوم إلى أنه «في ظل الزخم الشعبي والإعلامي الداعم لحركة الجيش على الأرض، وعلى طاولة التفاوض، قد يشهد النصف الثاني من العام الحالي انفراجة كبيرة، إما كاستحقاق للمسار السياسي الضاغط بقوة على الأطراف الرخوة، أو بانهيار العملية السياسية ووصول الجيش إلى مشارف طرابلس».
- درنة و«القاعدة»
من جهة أخرى، باكراً أعلن حفتر عزمه التصدّي «للمجموعات الإرهابية» التي سيطرت على مدن ليبية عدة. وقال في مناسبات كثيرة إنه «سيواصل تحرير كامل التراب الوطني، والقضاء على الإرهابيين في البلاد»، وإن الجيش «لن يتهاون أبداً مع من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار ووحدة ليبيا».
تعَهُد حفتر، جاء بحسب قيادة عسكرية، من «غرفة عمليات الكرامة»، «استجابة لاستغاثة المواطنين في الجنوب، الذين وقعوا فريسة للجماعات الإرهابية والمتمردين التشاديين»، بجانب «إنقاذ مدينة درنة (شمال شرقي ليبيا) التي باتت لسنوات رهينة ومعقلاً للجماعات المتطرّفة من كل الأنحاء تحت راية ما كان يعرف بـ(مجلس شورى درنة) الموالي لتنظيم (القاعدة)». وللعلم فإن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة، كان قد أعلن في وقت سابق أن قوات الجيش، سيطرت على 90 في المائة من الأراضي الليبية، ولم يتبقَ سوى 10 في المائة فقط من مساحة البلاد خارج السيطرة.
وخلال الأيام الماضية، أعلنت قوات الجيش أنها تمكنت من الانتصار على من سمتهم «خوارج درنة»، وأعادت المدينة المخطوفة منذ عام 2014 إلى أهلها. وهو ما وصفه عز الدين عقيل، رئيس حزب الائتلاف الجمهوري، بأن القيادة العامة «تركز جهودها حصرياً حول إدارة معارك تطهير الوطن من الميليشيات والإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة، سعياً إلى بسط سيطرة الجيش سريعاً على الأمن الاستراتيجي للبلاد، ما يمهد باستعادة هيبة ليبيا». ورأى عقيل في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن المؤسسة العسكرية «تولي اهتمامهاً كبيراً بالحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية للبلاد أكثر من أي شيء آخر». ومع استتباب الأمن في درنة، عاد كثير من الكتائب التابعة للقوات المسلحة التي كانت تقاتل هناك إلى ثكناتها في شرق البلاد، ومنها من يتأهب للعودة، وذلك بعد انتهاء العمليات العسكرية بالمدينة.
وبالفعل، تواصل قوات الجيش عملية التمشيط والتحرّي والبحث عن الخلايا الإرهابية النائمة، وهو ما نوّه به المنذر الخرطوش، المسؤول الإعلامي للكتيبة «276 مشاة‏» لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «قواتنا نجحت بحمد لله في القضاء على الإرهابيين».
أيضاً، بدأت شركة الخدمات العامة في إزالة آثار العدوان، بتنظيف الشوارع وإزالة المخلفات من الطرقات، وسط فرحة المواطنين، الذين عبروا عن رضاهم لمجريات الأحداث هناك، وتوفر الأمن وتوقف أصوات الرصاص. وهذا ما عبر عنه عبد الوارث إحميدي، بنبرة زهو شديدة: «لم لا، وقد عشنا سنوات من تقطيع لرقاب الشباب والشيوخ في الشوارع والميادين... كان (داعش) يجبرنا على جمع الأموال بزعم أنها زكاة، وفي الحقيقة كانت إتاوة بديلة عن ذبحنا بالسيوف». ونقل إحميدي، ابن مدينة درنة، الذي درس الهندسة في جامعة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط» جانباً مما عليه الأوضاع الآن بقوله: «قوات الأمن موجودة في كل مكان، ولم يعد هناك وجود للعناصر الموالية للقاعدة، لقد خطفوا درنة ورهنوا المواطنين، ولم يعترفوا بأي سلطة في البلاد، الوضع الآن تغير، فمنهم من قتل، أو سلّم نفسه، أو ألقي القبض عليه من قبل رجال القوات المسلحة».

من سبها إلى غات
بموازاة العملية العسكرية التي خاضتها القوات المسلحة في درنة، كان أفرادها ينتشرون بشكل واسع في قلب الصحراء الجنوبية لمواجهة تنوّع واسع من العناصر المتطرفة، فكثير من التقارير التي أتت من الجنوب منذ نهاية العام الماضي، أشارت إلى أن مدنه، خصوصاً المترامية في أعماق الصحراء، باتت في قبضة تنظيم داعش. هذا الوضع دفع بحفتر إلى إصدار أمر بشن عملية عسكرية في الجنوب، وسط معارضة من المجلس الرئاسي في طرابلس و«قوة حماية طرابلس»، التي رأت أن هذه العملية تستهدف «تدمير الجنوب والقضاء على مقدراته وثرواته ونسيجه الاجتماعي». غير أن مرعي العرفي، أحد قيادات «الجيش الوطني» ذهب في حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى أن القوات المسلحة «تسعى لحفظ الأمن في سبها وباقي المدن الجنوبية، بالإضافة إلى تأمين الحدود الليبية أيضاً. وبالتالي، فلا معنى لما يتردد من كلام غير مسؤول». وأردف: «الجماعات الإرهابية، والمهربون يعبثون بالجنوب منذ 8 سنوات، ولم تتحرك أي حكومة لحمايته وتأمينه... وها هو الجيش الوطني يضحي برجاله لاستعادة الوطن مرة ثانية».
كثير من مواطني الجنوب «شعروا بالأمن في مناطقهم، وفرحوا بوجود قوات الجيش بينهم»، حسب العميد أحمد المسماري المتحدث باسم القوات المسلحة، ومع ذلك يرى أن العملية العسكرية التي تتواصل في الجنوب بشكل جيد، لا يزال أمامها بعض الوقت كي تنهي مهمتها، خصوصاً مع التوجه نحو مرزُق والقطرون وأم الأرانب، جنوب مدينة سبها بنحو 240 كيلومتراً. لكنه أشار إلى الدعم الذي تلقته القوات المسلحة من القبائل ما سهّل لها دخول حقل الشرارة النفطي من دون قتال، فضلاً عن سيطرتها على المنشآت الحيوية في مقدمتها مطار سبها.
ومع نهاية الشهر الماضي، أعلن آمر «غرفة عملية الكرامة» اللواء عبد السلام الحاسي سيطرة قوات الجيش على مناطق عدة في الجنوب، بينها العوينات، ثم دخولهم مدينة غات القريبة من الحدود الجزائرية، جنوب غربي ليبيا. وأرجع رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي، أسباب دخول الجيش في عمق الجنوب وتحقيق انتصارات، إلى «اعتماده على أسلوب التفاوض والانفتاح الاجتماعي على الأهالي والوجهاء، ومنحهم مكرمة العفو عن المجموعات المسلحة التي تختار الخضوع بسلام للجيش، كما حصل بالموانئ النفطية ومدينة سبها وحقلي الشرارة والفيل».
- فرنسا والحدود
في الواقع، تظل مسألة الحدود الليبية عملية مؤرقة لأجهزة الدولة، خصوصاً في ظل الانقسام الذي يضرب البلاد منذ رحيل نظام القذافي، لكن شيئاً من هذا لم يمنع القوات المسلحة من توجيه ضربات موجعة للعصابات التشادية، دفعتها للفرار باتجاه الحدود، فوقعت فريسة لمقاتلات الجيش الفرنسي قبل دخولها الحدود التشادية مع ليبيا.
وفضلاً عن الأحاديث المتواصلة عن الأطماع الفرنسية بإقليم فزّان التاريخي، ومساعيها لتوسيع نفوذها هناك، تبقى قضية تأمين الحدود المترامية مع 6 دول من الشواغل الكبرى، في ظل انقسام حاد بين الأفرقاء السياسيين تغذيه شبكة مصالح وفساد سبق وأوردها ديوان المحاسبة في تقاريره. غير أن عز الدين عقيل يتوقع أن مسألة تأمين الحدود «ستظل مؤجلة إلى حين انتهاء عمليات تطهير الجنوب من كل مصادر الخطر الذي تمثله الجماعات الإرهابية، والعصابات الإجرامية».
وذهب عقيل في حديثه إلى «الشرق الأوسط» إلى أنه «عقب انتهاء العملية العسكرية في الجنوب، ستبدأ القيادة العامة في مفاوضات مع حكومات وجيوش الدول المجاورة لتفعيل ما سبق من اتفاقيات لحماية الحدود»، بالإضافة إلى «إبرام اتفاقيات تعاون أمني وعسكري، وتطوير ما يحتاج منها في ظل المستجدات الأمنية الإقليمية لمواجهة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود».
ودعمت فرنسا لإنشاء «قوات دول الساحل الخمس العسكرية» التي تتألف من 5 آلاف عسكري، وتضم عسكريين من تشاد والنيجر وموريتانيا وبوركينافاسو ومالي، لتحقيق مشروع القوة الإقليمية المشتركة لمكافحة المجموعات المتطرفة في منطقة غرب أفريقيا. إلا أن هذا المشروع الذي سبق واتُفق عليه في العاصمة المالية باماكو، لم يحظَ بدعم أميركي أو أممي لتمويله.
- «جائزة» طرابلس
في أي حال، كل الرسائل التي تأتي من الشرق الليبي تحمل مضامين متشابهة، مفادها أن «القوات المسلحة انتصرت على جميع محاور القتال، ولم يتبقَ لها إلا القليل لحسم المعادلة لصالحها على الأرض، ومن ثم تكون السيطرة للجيش الوطني على كامل التراب الوطني. ومن بين تلك الأهداف المؤجلة التحرك باتجاه العاصمة لتحريرها من الميليشيات المسلحة، وهو ما عبر عنه القيادي بالجيش مرعي العرفي، بقوله إن القوات المسلحة «ستدخل طرابلس في الوقت المناسب، ودون قتال!».
ورأى محللون سياسيون أن تحرّك «الجيش الوطني» باتجاه مناطق جديدة لتطهيرها من «العناصر الإرهابية» ودحرها، سيوسع من نطاق نفوذه على الأرض، وينقص من رصيد حكومة «الوفاق الوطني» المعترف بها دولياً، ويحصرها، بل يضعها في مأزق. وهذا التحرك دفع ميليشيات العاصمة المُدرجة تحت اسم «قوة حماية طرابلس» إلى المسارعة بانتقاده ورفضه، حتى وصل الأمر بها إلى اتهام حفتر «بتدمير الجنوب، وتبديد ثرواته»، كما توعدت بمواجهة قوات الجيش إذا فكرت في دخول طرابلس. وكانت «قوة حماية طرابلس» قد أُسست في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهي اتحاد بين مجموعات طرابلس المسلحة الرئيسية، أبرزها «قوة الردع الخاصة» وكتيبة «ثوار طرابلس»، وكتيبة «النواصي» و«الأمن المركزي - أبوسليم».
وفي ظل التخوف من تحرك الجيش باتجاه طرابلس، وتصاعد التحذيرات من عواقب هذه الخطوة، كان لرئيس حزب الائتلاف الجمهوري عز الدين عقيل رأي آخر، إذ قال إن «التوجه نحو طرابلس سوف يكون دون أدنى شك المحطة المقبلة للجيش»، مستكملاً: «كل المعطيات الآتية من العاصمة، تشير إلى قرب قيام عصيان مدني مسلح واسع بين شباب المدينة ضد الميليشيات التي تجثم على صدرها، بمجرد اقتراب الجيش من طرابلس».
أهمية هذه الخطوة بالنسبة للمؤسسة العسكرية، أرجعها عقيل إلى أن «طرابلس تعتبر التجمع الأكبر للقوى العسكرية المقهورة التي تشعر بالمهانة نتيجة طغيان الميليشيات على السكان ومقدرات الشعب ومقار وأسلحة الجيش التي نهبتها خلال السنوات الأولى لانتفاضة فبراير (شباط)». ويتوقع رئيس حزب الائتلاف الجمهوري «انضمام أكثر من 20 ألف عسكري إلى القوات المسلحة من داخل مدن الغرب بمجرد اقتراب الجيش من تخوم العاصمة ليعزز انتشاره في البلاد».
ومن جانب آخر، يُنظر للمجلس الرئاسي على أنه في مأزق، واضطرته الظروف إلى إقالة رئيس أركانه اللواء عبد الرحمن الطويل، وتعيين الفريق ركن محمد علي الشريف بدلاً منه، كما عيّن الفريق ركن سالم جحا، معاوناً لرئيس الأركان لشؤون التدريب، وذلك على خلفية تصريح للطويل رأى فيه أن الجيش الليبي «موحّد»، وأن «الخلاف بين الأطراف السياسية فقط»، متمنّياً في الوقت ذاته أن يجري التنسيق بين جميع وحدات الجيش بالمناطق الشرقية والغربية والجنوبية.
- مخاوف من «عسكرة ليبيا»
> رغم التداعيات على أرض الواقع، يظل هناك من يرى في غرب ليبيا أن توسيع «الجيش الوطني» تحركاته ليس إلا محاولة لـ«عسكرة ليبيا»، والتمكين لقائده خليفة حفتر، والسعي الحثيث للانقضاض على العاصمة طرابلس، لكن الأخير، الذي تخوض قواته، التي تقترب من 84 ألف ضابط وضابط صف وجندي، حروباً متواصلة منذ أن أعلن «عملية الكرامة» قبل قرابة 5 سنوات، تحدث غير مرة عن دعمه إجراء انتخابات ديمقراطية، لكنه أيضاً حذر من أن الجيش «سيجهض أي انتخابات إن لم تكن نزيهة».
وما بين الديمقراطية والنزاهة يبقى غرب البلاد عقبة كؤوداً وجائزة كبرى، أمام من يقرر خوض ماراثون الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا سيما أنه يضم أكثر من 62 في المائة من عدد الناخبين، وهم الذين يحددون مَن يقود البلاد، إذا تم الاحتكام إلى صناديق الانتخابات وليس صناديق الذخيرة.
- غضبة قبيلة التبو... أحد أهم المكوّنات السكانية في الجنوب الليبي
> في هذه الأثناء، يبدي أفراد قبيلة التبو، في الجنوب الليبي، غضبهم من تشكيك البعض في انتمائهم للبلاد، فهم ينفون دائماً صلتهم بالمتمردين التشاديين، أو تقديم الدعم لهم، كما يتكتّمون على رفضهم العملية العسكرية التي يخوضها الجيش هناك، ويرون أنها «تهدد السلم الاجتماعي في منطقة حوض مرزُق».
وللعلم، ينتشر أفراد قبائل التبو ذوو البشرة الحنطية في منطقة تيبستي الجبلية الواقعة بين ليبيا وتشاد والنيجر. ويتعرضون للتهميش غالباً من القبائل العربية، في ظل وجود صراع مصالح ونفوذ في هذه المنطقة منذ إسقاط الرئيس الراحل معمر القذافي في عام 2011. ونقل ناشط سياسي، رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن «بعض شباب التبو قضوا في قتال قوات الجيش»، متعهداً: «سنواصل القتال ضد أي قوة تقتحم مناطقنا»، قبل أن يستدرك: «لسنا ضد الجيش بشكل عام، ونريد عودة الأمن إلى المنطقة، لكننا ضد تفتيت النسيج الاجتماعي».
يُذكر أنه تندلع اشتباكات من وقت إلى آخر، بين قبيلتي التبو غير العربية وأولاد سليمان العربية التي تقاتل في صفوف قوات الجيش، تسفر عن وقوع قتلى ومصابين. وسبق أن استخدم الرئيس الراحل معمر القذافي «التبو» في الماضي للتدخل في نزاعات في تشاد والنيجر، وبعد اندلاع انتفاضة فبراير. وتقع مدينة أوباري على بعد 900 كيلومتر جنوب طرابلس، ويقطنها قرابة 60 ألف نسمة (من التبو والطوارق والعرب) وتعد واحدة من أهم مدن منطقة حوض مرزُق، ويمثل التبو فيها جزءاً مهماً من النسيج الاجتماعي.
كذلك يقطن قرابة 50 ألف نسمة مرزُق، التي تتميز بقلعتها التي تعود إلى نحو 7 قرون مضت. وتحيط بالمدينة أشجار النخيل والمساجد التي تضم زوايا تحفيظ القرآن... وكانت تعد همزة وصل لنقل البضائع وكانت تمر فيها طرق التجارة قديماً من أقصى أفريقيا عبر الصحراء الليبية نحو الشمال.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».