تجنيد أبناء حضرموت لمساندة الجيش اليمني في القضاء على «القاعدة»

الحوثيون يطوقون صنعاء ويلوحون بخيارات إسقاط النظام

صحافيون ومؤيدون للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يعاينون أمس النفق الذي اكتشف قرب منزله (إ.ب.أ)
صحافيون ومؤيدون للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يعاينون أمس النفق الذي اكتشف قرب منزله (إ.ب.أ)
TT

تجنيد أبناء حضرموت لمساندة الجيش اليمني في القضاء على «القاعدة»

صحافيون ومؤيدون للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يعاينون أمس النفق الذي اكتشف قرب منزله (إ.ب.أ)
صحافيون ومؤيدون للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يعاينون أمس النفق الذي اكتشف قرب منزله (إ.ب.أ)

بدأت اللجنة الأمنية في حضرموت (جنوب شرقي اليمن) بتجنيد مئات الشباب من أبناء المحافظة، لإشراكهم في الحرب التي يخوضها الجيش والأمن ضد تنظيم القاعدة حاليا.
وأقرت اللجنة الأمنية برئاسة وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر، في سيئون، أمس، إنشاء غرفة عمليات مشتركة تضم جميع الأجهزة العسكرية والأمنية، مؤكدة استمرار الخطة الأمنية لمواجهة التنظيم، وتأمين وادي وصحراء حضرموت. وخففت اللجنة الأمنية من الإجراءات المشددة التي اتخذتها قبل أيام، وأعلنت رفع حظر التجوال للمواطنين ليلا ابتداء من مساء أمس (السبت).
وفي العاصمة صنعاء، بدأت جماعة الحوثيين المتمردة بتطويق العاصمة اليمنية صنعاء بمجاميع قبلية من أنصارها، للمطالبة بإسقاط حكومة الوفاق وإسقاط قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
وهدد قيادي في جماعة «أنصار الله»، كما يطلقون على أنفسهم، بتصعيد احتجاجاتهم إلى المطالبة بإسقاط النظام بشكل كامل، بينما حذر مراقبون من ذلك، وعدّوه مخططا لإسقاط صنعاء وإقامة معسكرات لمسلحيهم.
ويقول القيادي وعضو المجلس السياسي للحوثيين، علي البخيتي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف المعلن لهذه الاحتجاجات هو إسقاط الحكومة وإسقاط الجرعة، وقد نصبت مخيمات اعتصام بمحيط صنعاء، إضافة إلى مخيمات أخرى في صعدة وعمران وعدة مناطق ترفض الجرعة».
ويبرر عضو المجلس السياسي للحوثيين ذلك بالقول: «إنها اعتصامات سلمية»، وأن خيارتهم المقبلة متروكة للزمن، ولن يفصح عنها الآن، جازما بأن الجماعة «لن تلجأ للقوة والسلاح، لتنفيذ مطالب المحتجين».
وسيطر الحوثيون حديثا على محافظة عمران (شمال البلاد)، بعدما خاضوا معارك عنيفة مع الجيش، في حين تخوض الجماعة حاليا معارك مع الجيش المسنود بلجان شعبية في محافظة الجوف المحاذية الشمالية المتاخمة للحدود مع السعودية.
البخيتي يحذر من عدم الاستجابة لمطالب المحتجين، ويقول: «مطالبنا قد تتصاعد، لإسقاط النظام بشكل كامل، إذا لم يستوعب المطالب الاحتجاجية، التي قد تتوسع بدورها وتصبح خارج سيطرة جماعة أنصار الله».
ونفى البخيتي نية جماعته الحصول على حقائب وزارية، وقال: «نطالب بحكومة كفاءات من المستقلين، بعد أثبتت المحاصصة السياسية فشلها».
من جانبه، حذر رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث، عبد السلام محمد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من وجود هذه المخيمات، وقال: «إن الحوثيين يقيمون معسكرات حول صنعاء لبدء حصارها، لكنهم يبررون هذه التحركات العسكرية بأنها ساحات احتجاجات ضد الإصلاحات السعرية التي اتخذتها الحكومة حديثا»، وعدّ ذلك «محاولة لتغطية وسائل العنف التي يستخدمونها، وإرباك الخارج عن الهدف الحقيقي في إسقاط العاصمة والدولة».
يستطرد عبد السلام محمد حديثه قائلا: «إن الحوثيين يتعلقون بأي مبرر لأعمالهم العسكرية التي أدت إلى إسقاط مدن؛ فتارة ثورة ضد الفساد، وتارة ضد الجرعة، ومرة ضد حزب الإصلاح وأخرى ضد الجنرال علي محسن، فضلا عن النظام السابق، لكنهم في النهاية يسيطرون على مدن بقوة السلاح، ويتوسعون على الأرض مع كل مبرر يعلنون عنه».
ويضيف: «الحوثيون معارضة مسلحة، وليس معارضة سياسية، ولذا فكل قضية تعارضها تحقق أهدافا عسكرية بوسائل عنيفة».
وكانت السلطات المحلية في محافظة صنعاء، شكلت قبل أيام غرفة عمليات مشتركة من الجهات الأمنية والعسكرية والاستخبارات، فيما عده مراقبون إجراءات مسبقة لمواجهة أي أعمال العنف أو فوضى يقوم بها أنصار الحوثيين.
إلى ذلك، وصل مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومستشاره الخاص لشؤون اليمن جمال بنعمر إلى صنعاء، في الزيارة الـ32 منذ أبريل (نيسان) 2011. وذكر بنعمر لوكالة الأنباء الرسمية (سبأ) أنه سيحيط مجلس الأمن خلال زيارته للمجلس، في الـ25 أغسطس (آب) الحالي، والالتقاء مع أطراف التسوية السياسية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.