العبادي يبدأ ماراثون تشكيل الحكومة.. والخشية من «شيطان التفاصيل»

قيادية في ائتلاف المالكي: رفض تسنم أي منصب سيادي

العبادي يبدأ ماراثون تشكيل الحكومة.. والخشية من «شيطان التفاصيل»
TT

العبادي يبدأ ماراثون تشكيل الحكومة.. والخشية من «شيطان التفاصيل»

العبادي يبدأ ماراثون تشكيل الحكومة.. والخشية من «شيطان التفاصيل»

أوشك «أسبوع عسل» نهاية حقبة نوري المالكي على رأس الحكومة العراقية التي دامت ثماني سنوات وبدء حقبة جديدة من أربع سنوات من تاريخ العراق - على الانتهاء بعد أن بدأت بعض الكتل السياسية إعلان بدء المفاوضات الخاصة بتشكيل الحكومة، فيما ذهبت كتل أخرى إلى حد ترشيح أسماء وزرائها للحقائب السيادية الخمس (الخارجية والداخلية والمالية والدفاع والنفط).
رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، وطبقا للأنباء التي يجري تداولها حاليا داخل البيت الشيعي، خضع لعملية «تشذيب» لخياراته السياسية المقبلة بحيث لا يكون مطلق اليد على غرار سلفه المالكي، الذي تشبث بالولاية الثالثة حتى حذر في حال عدم الحصول عليها من فتح «أبواب جهنم». وفيما أعلنت النائبة عن كتلة «المواطن» التابعة لـ«المجلس الأعلى الإسلامي»، حمدية الحسيني، أن العبادي وقّع أمام قادة «التحالف الوطني» على التعهد الخاص بحصر رئاسة الوزراء بولايتين - فإنه واستنادا لما أفاد به مصدر مطلع مقرب من البيت الشيعي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم الإشارة إلى اسمه: «اشترطت كل من كتلة (الأحرار) الصدرية التي يتزعمها مقتدى الصدر، و(المواطن) التابعة لـ(المجلس الأعلى الإسلامي) بزعامة عمار الحكيم على العبادي لكي يقبلا به ويشتركا في حكومته، ليس فقط حصولهما على مواقع ومناصب سيادية ووزارية طبقا لاستحقاهما الانتخابي، بل أن يكون لهما دور في إدارة مجلس الوزراء حتى لا ينفرد حزب الدعوة مثلما حصل خلال الدورتين الماضيتين».
وأضاف المصدر المطلع أن «الصدريين و(المجلس الأعلى) اشترطا؛ إما أن يكون مدير مكتب العبادي من التيار الصدري والأمين العام لمجلس الوزراء من (المجلس الأعلى) أو العكس»، مشيرا إلى أن «النقاشات داخل (التحالف الوطني) لم تحسم بعد بشأن هذه القضايا قبل بدء المفاوضات مع الكتل الأخرى بشأن تشكيل الحكومة».
واستنادا للمصدر المطلع، فإنه «في الوقت الذي يواصل فيه العبادي من خلال لجنة مصغرة داخل (التحالف الوطني) حسم هذه المسائل داخل البيت الشيعي»، فإنه «في الوقت الذي يبدو فيه الجميع في حالة من الحماس الوطني من أجل تشكيل الحكومة قبل نهاية المهلة الدستورية التي مدتها شهر من تاريخ التكليف - فإن هناك خشية مما يمكن تسميته بشيطان التفاصيل»، مضيفا أن «أولى العقبات التي من المؤمل أن تواجه العبادي هي عزمه ترشيق الوزارات مثلما أعلن في اليوم الأول لترشحه، إذ إن هناك بعض الوزارات صدرت فيها قوانين ولا يمكن إلغاؤها أو دمجها إلا بقانون وهو أمر قد يطول». وأكد أنه «في ضوء ذلك، فإن عدد الوزارات التي سيجري تقليصها هي تلك التي لم تصدر بشأنها قوانين، وهي قليلة بالقياس إلى الكابينة الحكومية التي تتكون من 30 حقيبة وزارية».
العبادي، الذي بدا أنه بدأ يستثمر جو التأييد الداخلي والخارجي، أعلن من جانبه أن من بين أهم أولويات عمله «الالتزام بمحاربة الفساد واستئصاله، وهو ما أكدناه في برنامجنا الحكومي، بالإضافة إلى القضاء على السلبيات وقيادة البلد إلى بر الأمان». وقال العبادي في بيان له أمس، إنه ملتزم «باستيعاب أطياف الشعب العراقي وتوحيد العراقيين للقضاء على الإرهاب وبناء وطنهم»، مثمنا دعوة المرجعية الدينية للكتل السياسية «بالتعاون معه لتشكيل الحكومة»، مشيرا إلى «أنها ستمثل دافعا كبيرا لتشكيل الحكومة على أساس الكفاءة والنزاهة وتخليص البلاد من الإشكالات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي يشهدها العراق».
وفيما لا تزال الأنظار تتجه إلى ما إذا كان المالكي سيتسلم منصبا سياسيا خلال المرحلة المقبلة، أعلنت عواطف النعمة، النائبة عن ائتلافه «دولة القانون»، أن المالكي رفض تسنم أي منصب سيادي في المرحلة المقبلة. وقالت نعمة في تصريح، إن «ائتلاف (دولة القانون) عقد اجتماعا برئاسة رئيس الائتلاف نوري المالكي، وبحضور رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي وجميع قيادات الائتلاف»، مشيرة إلى أن «الاجتماع لم يتطرق إلى أي تفاصيل بشأن آلية توزيع الحقائب الوزارية». وتابعت عواطف نعمة أن «ائتلافها يقف مع رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي لتشكيل حكومته المقبلة وإنجاحها».
بدوره، أكد طلال الزوبعي، عضو البرلمان العراقي عن «تحالف القوى العراقية» (الكتل السنية في البرلمان)، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفترة المقبلة ستشهد انفراجا للأزمات في البلاد، خصوصا أن الكثير من المشاكل والأزمات التي عصفت بالبلد والعملية السياسية ارتبطت بالسيد المالكي وسياساته». وأشار إلى أن «(تحالف القوى العراقية) باشر الآن مباحثات مع رئيس الوزراء المكلف من أجل أن تكون هناك مشاركة حقيقية للمكون السني في صنع القرار». وأوضح أن «المكون السني يسعى لأن تكون هناك حكومة وطنية جامعة قادرة على تصحيح المسارات الخاطئة التي انتهجتها حكومة المالكي السابقة».
وجدد الزوبعي ثوابت العرب السنة التي تتمثل في «أهمية إيقاف القصف العشوائي على المدنيين في المحافظات الست المنتفضة، والعمل على إعادة العوائل التي نزحت من مساكنها، وتعويض المتضررين من العمليات العسكرية التي تشنها القوات الأمنية على تلك المحافظات»، كما دعا إلى «وقوف الحكومة الجديدة في وجه الميليشيات الطائفية التي عاثت في الأرض فسادا خلال الفترة الماضية ولا تزال».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.