مسؤولون أميركيون: رحيل المالكي يفتح الباب أمام مساعدات أكبر للعراق

كشف مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس باراك أوباما يمكن أن تسرع في تقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية للعراق، مع انتهاء ولاية رئيس الوزراء نوري المالكي التي استمرت ثمانية أعوام، لكنها تريد أولا دليلا على أن قادة البلاد الجدد تخلوا عن سياساته الطائفية.
وقال المسؤولون إن رحيل المالكي، الذي قد لا يحدث قبل سبتمبر (أيلول)، يمكن أن يفتح الباب أمام مساعدات عسكرية واقتصادية أميركية أكبر للحكومة العراقية الجديدة، إذا تبنت سياسات لا تستبعد أي طرف عراقي.
ورغم أن أوباما أعلن أن الولايات المتحدة لا تنوي «أن تكون سلاح الطيران العراقي»، فإنه أوضح أن الضربات الجوية الأميركية يمكن أن تستمر شهورا من أجل مساعدة العراقيين على منع مقاتلي «داعش» من تحقيق مسعاهم لإقامة مركز جهادي في قلب العالم العربي. مع ذلك يواجه أوباما سؤالين مهمين هما: هل ستوحد حكومة العبادي العراقيين بعد أن ساعد سلفه في دفع الأقلية السنية ناحية المتشددين؟ وهل الأميركيون مستعدون لتقديم مزيد من أموال دافعي الضرائب لدولة كلفتهم مليارات الدولارات وأرواح ألوف الأميركيين منذ الغزو الذي قادته واشنطن عام 2003 للإطاحة بصدام حسين؟
وقال مسؤول دفاعي أميركي تحدث لوكالة «رويترز»، بشرط ألا يُنشر اسمه، لأنه يتناول التخطيط العسكري الذي له حساسية خاصة، إنه «أيا كانت المساعدة العسكرية المستقبلية التي نواصل تقديمها للعراق، فإنها لن تكون مرتبطة بشكل محدد أو كامل برئيس الوزراء الجديد».
وأضاف: «القول إن وجود رجل جديد سيفتح أبواب المساعدات سيكون مبالغة في تقدير الأمور».
بدوره، أشار مسؤول دفاعي أميركي آخر إلى أن الولايات المتحدة ستنتظر من الحكومة العراقية المقبلة أن توحد قوات الأمن العراقية المشتتة، وأن تقدم مساعدات للأقلية الكردية. لكن البدء في تنفيذ برنامج حكومي جديد سيستغرق وقتا، مما يعني أن وتيرة رد الإدارة الأميركية الراهن على تقدم «داعش» ستستمر. وأضاف المسؤول: «لو أن كل هذه الشروط بدأت في التوافر، أعتقد عندها أننا سنرى إمكانية تقديم المزيد من التدريب والمشورة والمساعدة على نطاق كبير».
وأضاف المسؤول أنه إذا حدث ذلك فسيكون بطيئا، وقد يستغرق عاما.
وفي الوقت نفسه، فإن من المتوقع أن تستمر الضربات الجوية لأهداف محددة، وتقديم المعدات العسكرية الأميركية مثل طائرات الهليكوبتر من طراز «أباتشي». وقال مسؤول أميركي إن أوباما الذي بنى حملته الانتخابية على وعود بإنهاء الحربين الأميركيتين في العراق وأفغانستان لم يقرر بعد مستوى العمل العسكري الذي يمكن أن يؤيده في العراق أو الأسلحة الإضافية. وأضاف المسؤول الذي طلب بدوره ألا يُنشر اسمه: «لقد رأينا المزاعم الصحافية الأولى عن موقف صعب.. لذلك يجب أن تكون متأكدا من أن الناس يشعرون بالقلق بشأن ما تعنيه تلك الخطوات المقبلة».
ويلقي الثمن البشري والمالي الذي دفعته الولايات المتحدة لغزو العراق عام 2003، والذي أمر به الرئيس السابق جورج بوش، بظلال قاتمة على صُنّاع السياسة الذين يفكرون في الخطوة المقبلة في العراق.
وبحسب تقرير لمكتبة الكونغرس نُشِر الشهر الماضي خصصت الولايات المتحدة 3.‏56 مليار دولار مساعدات للعراق في السنوات العشر التي بدأت بالسنة المالية 2003 إلى 2012. ومن هذا المبلغ أنفق الكونغرس 1.‏20 مليار دولار، دعما لقوات الأمن العراقية التي تلاشت في الشمال عندما هاجمها مقاتلو «داعش»، الشهر الماضي.
وبصورة كبيرة انخفض إجمالي المساعدات للعراق، وهي إحدى الدول النفطية الكبرى في العالم، في السنوات الماضية ليصل إلى 590 مليون دولار لكل سنة من السنتين الماليتين 2013 و2014، بينما المطلوب للسنة المالية التي تنتهي في 30 سبتمبر (أيلول) 2015 هو 7.‏308 مليون دولار.
وقال مسؤول أميركي رابع إن الإدارة الأميركية تناقش أنواع الأسلحة التي يمكن أن يكون العراقيون في احتياج إليها لقتال «داعش»، وما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة إضافيا لزيادة إنتاج النفط العراقي.
مع ذلك رفض المسؤولون الأوروبيون والأميركيون تقديم تفاصيل عما يمكن أن يقدموه، قائلين إنه من المبكر جدا الكشف عن ذلك، موضحين أن جميع الأطراف تريد أن ترى كيف سيكون حكم رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي للبلاد.
وفي هذا السياق، قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي أول من أمس، بعد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد في بروكسل، إنه ليس هناك مناقشات إلى الآن داخل الاتحاد بشأن الدعم الاقتصادي لحكومة العبادي.
وأضاف المسؤول الأوروبي الذي طلب عدم نشر اسمه: «لم يحن (النقاش) بعد. قد يكون هذا الأمر مبكرا للغاية إلى حد ما. سيأتي لاحقا».
وبينما يرى جون الترمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، هأن من الممكن أن تكون هناك زيادة متواضعة في المساعدات الأميركية، فإنه تحدث أيضا عن التشاؤم القائم إزاء جدوى مثل هذه المساعدات، وعن مدى مركزية العراق بالنسبة للأمن القومي الأميركي، بعد تورط واشنطن الطويل فيه.
وأضاف: «يمكن أن تكون هناك مساعدة أمنية كبيرة، ربما تكون خليطا من الأسلحة والتدريب. يمكن أن يكون هناك تعاون مخابراتي متزايد. يمكن أن يكون هناك تشجيع للشركات الأميركية على الاستثمار في العراق».