أنقرة تتهم موسكو بـ«عرقلة» التفاهم مع واشنطن حول شرق الفرات

شخصان خرجا من الباغوز اخر معاقل «داعش» شرق الفرات ويبدو عنصران من «قوات سوريا الديمقراطية» امس (أ ف ب)
شخصان خرجا من الباغوز اخر معاقل «داعش» شرق الفرات ويبدو عنصران من «قوات سوريا الديمقراطية» امس (أ ف ب)
TT

أنقرة تتهم موسكو بـ«عرقلة» التفاهم مع واشنطن حول شرق الفرات

شخصان خرجا من الباغوز اخر معاقل «داعش» شرق الفرات ويبدو عنصران من «قوات سوريا الديمقراطية» امس (أ ف ب)
شخصان خرجا من الباغوز اخر معاقل «داعش» شرق الفرات ويبدو عنصران من «قوات سوريا الديمقراطية» امس (أ ف ب)

قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى تركيا كريستيان برغر إن الاتحاد متفق مع الجانب التركي على ضرورة حل الأزمة السورية سياسيا وليس عسكرياً.
وأضاف برغر، في تصريحات أمس حول مؤتمر بشأن سوريا سيعقد في بروكسل منتصف مارس (آذار) الحالي بمشاركة تركيا: «متفقون بشأن ضرورة إيجاد حل سياسي لا عسكري للأزمة السورية، ويعد المؤتمر المقرر عقده في بروكسل في مارس مهماً بالنسبة لدعم سوريا ومستقبل المنطقة».
وتابع: «سنناقش في بروكسل كيفية دعم الأمم المتحدة من أجل تعزيز خيار الحل السياسي في سوريا، فضلاً عن كيفية دعم الكثير من البلدان المتضررة من الأزمة السورية»، مشيرا إلى أنه ليست تركيا فقط من بين هذه البلدان، وإنما هناك بلدان أخرى مثل لبنان والأردن.
في سياق متصل، تناولت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية الوضع في إدلب في تقرير لها أشارت فيه إلى أن الاستراتيجية الروسية اعتمدت منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 على تهجير أكبر عدد ممكن من السوريين إلى دول الجوار، وبشكل خاص تركيا، لافتة إلى أن مخيمات الداخل إلى جانب المدارس والمساجد والملاجئ كانت في مقدمة أهداف الطائرات التابعة لها.
واعتبرت الوكالة أن القصد من ذلك هو تشكيل عبء مادي وبشري على الدول التي تستضيف اللاجئين يصعب تحمله لفترات طويلة، حتى تضطر تلك الدول للإذعان والقبول بالشروط الروسية، مستفيدة من تجربتها المريرة في أفغانستان؛ حيث كانت تريد الحسم العسكري الخاطف والسريع من خلال تنفيذ ضربات عنيفة خاطفة واتباع سياسة الأرض المحروقة، على نموذج غروزني، فيتحقق لها الحسم العسكري في أقرب فرصة، إلا أن ذلك لم يتحقق في سوريا، وفشلت جميع حلولها العسكرية والسياسية بما فيها مسار آستانة.
وأضافت أنه مع التقارب التركي - الأميركي حول منطقة منبج وشرق الفرات ارتفعت وتيرة خروقات قوات النظام والميليشيات الإيرانية لاتفاق خفض التصعيد في إدلب لتصبح على مدار اليوم وتسببت بمقتل عشرات المدنيين، مشيرة إلى أن الفصائل التزمت بالاتفاق واكتفت بالرد على الخروقات؛ الأمر الذي يسحب الذريعة من الروس.
وذكرت أن هدف روسيا من تلك الخروقات هو الضغط على تركيا من أجل مقايضة إدلب بقواعد لهم في منطقة شرق الفرات، وأن تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأن روسيا ستشارك في إنشاء المنطقة العازلة على الحدود الشمالية مع سوريا بأفراد من الشرطة العسكرية الروسية يؤكد ذلك.
وحول المنطقة الآمِنة أكدت الوكالة أن هناك تقاربا بين تركيا والولايات المتحدة، وأن الطرفين تخطيا أهم العقبات الرئيسية التي تقف أمام تطبيق قرار الرئيس دونالد ترمب بالانسحاب من سوريا، وبدأت تظهر ملامح التفاهم بينهما ولو بالخطوط العريضة حول بعض الملفات الشائكة والمعقدة بين الطرفين.
في السياق ذاته، تحدثت صحيفة «ميلليت» التركية عن خطة أميركية تحاول واشنطن إقناع أنقرة بها وترتكز على تشكيل إدارة جديدة وقوات دفاع مشتركة في منبج وشرق الفرات، على أن تتألف من 18 ألف شخص ويكون 6 آلاف عنصر من هذه القوة من «بيشمركة روجافا» التي تم تدريبها على يد القوات الخاصة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، في شمال العراق و10 آلاف عنصر من تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الذي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية غالبية قوامه، ومجموعة من ألفي عنصر من القوات المحلية. لكن أنقرة تعترض على هذه الصيغة وتعتبرها مكافأة للعناصر الإرهابية (الوحدات الكردية)، بدلا عن محاربتها وتطويقها أو تحجيمها على أقل تقدير.
واعتبرت الصحيفة أن التصريحات الصادرة عن واشنطن في الأيام الأخيرة حول استعدادها بحث المنطقة الآمنة مع تركيا تؤشر على ليونة في الموقف الأميركي، وتفهم لهواجس أنقرة فيما يتعلق بأمنها القومي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».