جعجع يخسر دعوى استعادة ملكية «إل بي سي آي» ويتجه للطعن بالحكم

مستشار رئيس «القوات» اعتبر «المحطة مسروقة والحكم مسيّساً»

TT

جعجع يخسر دعوى استعادة ملكية «إل بي سي آي» ويتجه للطعن بالحكم

أبطلت محكمة لبنانية الملاحقة القضائية عن رئيس مجلس إدارة محطة «إل بي سي آي» بيار الضاهر وعدد من الأشخاص والشركات التابعة للمحطة المذكورة، في الدعوى المقامة ضدّهم من حزب «القوات اللبنانية» ورئيسه سمير جعجع، بجرم إساءة الأمانة والاستيلاء على المحطة وممتلكاتها وأموالها، وقررت المحكمة وقف ملاحقة المدعى عليهم، وإلزام الجهة المدعية (أي «القوات») بدفع الرسوم والنفقات القانونية. فيما سارعت «القوات اللبنانية» إلى وصف هذا الحكم بـ«المسيّس»، وأعلنت أنها بصدد تقديم الطعن فيه واستعادة حقّها عبر القضاء.
وكان الخلاف بين جعجع وبيار الضاهر نشأ عام 2007، بعد سنتين على خروج جعجع من السجن واستعادة «القوات اللبنانية» نشاطها؛ حيث طلب رئيس «القوات» من الضاهر نقل ملكية محطة «إل بي سي آي» إلى الحزب، فوعد بتلبية طلبه، لكنه امتنع عن تنفيذ هذا الطلب بعدما أعلن انتفاء ملكية «القوات اللبنانية» للتلفزيون، وبدأت النزاعات القضائية بين الطرفين، واعتبرت «القوات» أن بيار الضاهر أساء الأمانة وأخفى الأموال العائدة للمحطة، في حين ردّ الأخير بأنه اشترى المحطة من جعجع عام 1992، أي قبل دخول الأخير إلى السجن (1994).
وأكدت القاضية المنفردة الجزائية في بيروت فاطمة جوني، التي أصدرت حكمها في القضية، أن «المحكمة تيقنت أنه لم تحصل أي عملية بيع للتلفزيون وموجوداته بين جعجع وبيار الضاهر، وأن هذا البيع لم يقترن بما يثبته أو يؤيده من أوراق وإفادات الشهود، بل على العكس وجد ما يدحضه». لكنها شددت على أن «التلفزيون الذي موّل أساساً من أموال الميليشيا المنحلّة (القوات اللبنانية)، قد اعتمد في الفترة السابقة لتأسيس «إل بي سي آي» على القروض المصرفية التي تحمّلتها الشركة المالكة له، والمقيدة بعض أسهمها على اسم بيار الضاهر، ومن العائدات المتأتية من عمل التلفزيون»، ورأت أنّ «هذه المحطة التي كان يتحتم مصادرتها ومصادرة أسهم شركة (إل بي سي) بفعل حلّ ميليشيا (القوات اللبنانية) قد اكتسبت وجودها الفعلي من خلال الترخيص الذي منح لشركة (إل بي سي آي) التي كان الضاهر يملك معظم أسهمها».
وشددت جوني في حكمها الذي يقع في 112 صفحة، على «عدم مساهمة جعجع و(القوات اللبنانية) بأي مال من مالهما في تأسيس تلك الشركة، وذلك في ضوء تعذّر اعتبارهما مالكين لمال الميليشيات المنحلّة، التي لم تساهم بدورها بأي من أموال المنتسبين إليها، بل هي مال الشعب اللبناني، واقتصار دور المذكورين كان في أقصى الاحتمالات هو تزويد شركة (إل بي سي آي) بموجودات كان يتعيّن مصادرتها مع غياب أي دور لهما بالاستحصال على الرخصة». وأكد الحكم في حيثياته أنه «إذا كان هناك ثمّة أحد يحق له مشاركة بيار الضاهر في أسهمه فهو فقط الدولة اللبنانية، التي يعود لها المال التي تأسست به شركة (إل بي سي آي) دون سواها».
وسارع رئيس حزب «القوات اللبنانية» إلى التعليق على الحكم، وغرّد على حسابه على «تويتر» قائلا: «تعرضنا قبل اليوم لكثير من الأحكام الجائرة ولم نتوقف، مكملين». وأكد أن كثيراً من وسائل الإعلام الحالية كانت تابعة لتنظيمات عسكرية إبان الحرب الأهلية وما زالت حتى الساعة، فلماذا تحرم «القوات اللبنانية» وحدها من ذلك؛ خصوصاً أنها تحولت إلى حزب سياسي يمثله 15 نائباً في البرلمان و4 وزراء في الحكومة، مشيراً إلى أن «القوات اللبنانية لم تكن ميليشيا، لأن الدولة اللبنانية انهارت في العام 1975، بل كانت مقاومة، ودفعت غالياً لتعود الدولة من جديد». وختم جعجع قائلا: «شكراً لله، لأن هذا الحكم بداية، وسنستأنف بأسرع وقت ممكن».
بدوره، كشف المحامي فادي ظريفة مستشار جعجع للشؤون القانونية، أن «الفريق القانوني الذي يتابع هذا الملف، برئاسة النائب جورج عدوان، بدأ دراسة الحكم والتحضير للطعن به». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «محطة إل بي سي آي مسروقة، وسنستعيدها بالقانون رغم معاناتنا». وقال: «الحكم مسيّس ولا أحد يختلف على ذلك، ولو سألنا أي مواطن لبناني من يملك أل بي سي، لكان جوابه إنها ملك القوات اللبنانية». وأضاف مستشار جعجع للشؤون القانونية: «منذ عام 2007 اعتمدنا القضاء للمطالبة بالحقوق، وهمّنا أن لا يكون القضاء مسيساً».
من جهته، أبدى المحامي نعّوم فرح وكيل الدفاع عن «إل بي سي آي» وبيار الضاهر، ارتياحه لهذا الحكم، واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكم أنصف المدعى عليهم، وأكد عدم أحقية (القوات) بأي ملكية في أسهم (إل بي سي آي)، ورفع الظلم المستمر بحقهم منذ 12عاماً؛ خصوصاً أن الحكم مدعم بالحجج القانونية والوقائع». وأوضح فرح أن الحكم أثبت أن «حزب القوات اللبنانية لا يملك الصفة القانونية ليتقدم بدعوى، وبدا كأنه يطالب بشيء لا يمتلكه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.