هل تتخلى الأكاديمية الفرنسية عن موقفها المتشدد ويتنازل أعضاؤها، أخيراً، ويسمحون بإجراء تحويرات لتأنيث أسماء المناصب والوظائف والرتب العسكرية في حال شغلتها امرأة؟ هذا هو موضوع التقرير الذي تقدمت به لجنة من المتخصصين عقدت 9 جلسات للمداولة على مدار عام، منذ الربيع الماضي، لدراسة الموضوع وتقديم مقترحات محددة. وفي حال الموافقة على التقرير، فإنها ستكون «خطوة كبرى لصالح النساء» حسبما أعلنت دومينيك بونا، رئيسة اللجنة وإحدى السيدات القلائل بين أعضاء الأكاديمية.
وأثار موضوع تأنيث أسماء المناصب جدلاً كثيراً في مختلف الأوساط الفرنسية، لا سيما بعد تزايد أعداد النساء اللواتي يشغلن مراكز سياسية ودبلوماسية وعسكرية. وجرت العادة أن يبقى الاسم مذكراً حتى لو شغلته امرأة. مثل «السيدة السفير»، و«السيدة الوزير». لكن عدداً من شاغلات هذه المناصب رفضن الخضوع لمنطق الحفاظ على التقاليد اللغوية وبادرن إلى تغيير منطوق وظائفهن. ومنهن عمدة باريس آن هيدالغو التي باتت تدعى في المخاطبات الشفهية والرسمية: «السيدة رئيسة البلدية» بدل «السيدة رئيس البلدية».
ومنذ تأسيسها في عام 1635 على يد الكاردينال ريشيليو، وزير الملك لويس الثالث عشر، حرصت الأكاديمية على دورها المنوطة به وهو الحفاظ على اللغة الفرنسية من العبث والتجاوزات، وإصدار المعاجم فيها. وهي ظلت حكراً على الرجال منذ القرن السابع عشر وحتى عام 1980 حين جرى انتخاب الكاتبة مارغريت يورسنار كأول عضو «أو عضوة» فيها. وطيلة كل تلك الفترة تحجج الأعضاء بمختلف الأعذار السياسية والدينية والأخلاقية والاجتماعية لمنع النساء من بلوغ هذا الصرح الذي بات يلقب بـ«مجمع الخالدين». ثم خفت القبضة الذكورية بعض الشيء في السنوات الأخيرة بحيث جرى انتخاب 9 أكاديميات بين الأعضاء الأربعين، بينهن المؤرخة والكاتبة هيلين كارير دونكوس التي تشغل منصب «الأمينة العامة مدى الحياة».
من أسماء الوظائف المرشحة للتأنيث: مؤلف، كاتب، بروفسور، وزير، مدير عام، ضابط، عميد، سفير، شرطي، قبطان، والعشرات غيرها. وترى دومينيك بونا أن تطوير مفردات اللغة ليس جديداً على الأكاديمية بل تعود مثل هذه الجهود إلى منتصف الثلاثينات من القرن الماضي. لكن المؤسسة المكلفة بالحفاظ على اللغة الفرنسية بطيئة في تحركاتها، ويميل أعضاؤها إلى التفكير الطويل والعميق قبل المساس بأي كلمة. ولا يتعلق التحديث بقضية تأنيث أسماء المناصب فحسب، بل هناك جدل مستمر يخص المفردات العلمية والتقنية المستحدثة.
جاء دخول النساء لميادين العمل بشكل واسع ليشكل «غزواً» للعديد من المجالات. فحتى عام 1960. كان على الفرنسية أن تحصل على موافقة الزوج كشرط للعمل. وتشير الإحصائيات إلى نسبة 40 في المائة من النساء كانت تمارس نشاطاً وظيفياً خارج البيت. وفي العيد الوطني لعام 1965 صدر قانون سمح للنساء بتوقيع عقود عمل لا تحمل توقيع الزوج بالموافقة.
وبعد 10 سنوات على ذلك القانون ارتفعت نسبة العاملات بين الفرنسيات البالغات إلى النصف. ومن يومها والمجتمع يبحث عن تسميات تناسبهن للوظائف التي جرت العادة أن تكون بصيغة المذكر. لكن الأكاديمية الفرنسية نشرت بياناً، آنذاك، يعيد التذكير بقواعد اللغة التي تفترض أن التسمية تناسب الجنسين. وكان رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان أول من خالف تلك النظرة، حيث أصدر تعميماً وزارياً، عام 1998، يطالب بإطلاق أسماء مؤنثة على «الدرجات والمناصب والمهن والمناصب والرتب والألقاب»، حين تضطلع بها النساء.
الأكاديمية الفرنسية تدرس مشروعاً لتأنيث أسماء المناصب
بعد عقود من احتجاجات نسائية ونقاشات ساخنة حول قواعد اللغة
الأكاديمية الفرنسية تدرس مشروعاً لتأنيث أسماء المناصب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة