القاهرة تستدعي السفير القطري للاحتجاج على تصريحات الدوحة عن المظاهرات في مصر

السفير عبد العاطي أكد لـ «الشرق الأوسط» أن اللقاء تطرق لتجاوزات قناة «الجزيرة»

القاهرة تستدعي السفير القطري للاحتجاج على تصريحات الدوحة عن المظاهرات في مصر
TT

القاهرة تستدعي السفير القطري للاحتجاج على تصريحات الدوحة عن المظاهرات في مصر

القاهرة تستدعي السفير القطري للاحتجاج على تصريحات الدوحة عن المظاهرات في مصر

في إجراء يؤشر على تزايد التوتر في العلاقات بين البلدين، استدعت القاهرة أمس السفير القطري للاحتجاج على تصريحات الدوحة عن المظاهرات بمصر. وقال السفير بدر عبد العاطي المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللقاء مع السفير القطري في مقر الخارجية بالقاهرة تطرق أيضا لتجاوزات قناة (الجزيرة)».
واستدعت الخارجية المصرية أمس السفير القطري في القاهرة، سيف بن مقدم البوعينين، لإبلاغه رفضها ما عدته تدخلا في شؤونها، عقب ساعات من بيان للخارجية القطرية أعربت فيه الدوحة عن «قلقها من تزايد ضحايا قمع التظاهرات بمصر وسقوط عدد كبير من القتلى»، في إشارة لمقتل 17 متظاهرا على الأقل خلال احتجاجات دعا لها تحالف إسلامي تقوده جماعة الإخوان الجمعة الماضية.
وتصنف الحكومة المصرية منذ نحو أسبوعين جماعة الإخوان كـ«منظمة إرهابية». وتوترت العلاقة بين القاهرة والدوحة على خلفية عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، عقب مظاهرات حاشدة طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وتستضيف قطر، التي دعمت حكم مرسي، قادة ينتمون لجماعة الإخوان وقوى إسلامية أخرى متشددة.
وقال السفير عبد العاطي، إن «وزير الخارجية نبيل فهمي، طلب استدعاء سفير قطر بالقاهرة إلى مقر وزارة الخارجية لإبلاغه رفض القاهرة لبيان أصدرته الدوحة بشأن الوضع السياسي في بلاده».
وأوضح عبد العاطي أن السفير ناصر كامل مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية استدعى السفير القطري بالفعل أمس، ونقل له رفض القاهرة التدخل في شؤونها، لافتا إلى أن اللقاء تطرق أيضا لما قال، إنه «تجاوزات قناة (الجزيرة) وأذنابها من (الجزيرة مباشر مصر) و(الجزيرة مباشر) في حق مصر».
وحول ما إذا كانت الخارجية المصرية قد طالبت السفير القطري بتسليم قادة إسلاميين مصريين موجودين في بلاده ومطلوبين للقاهرة على ذمة قضايا جنائية أمام المحاكم المصرية، قال عبد العاطي، إن «القاهرة تفصل بين هذه القضايا القانونية والتصريحات القطرية الأخيرة»، مشيرا إلى أن الوزير نبيل فهمي رأى ألا تكتفي مصر بإصدار بيان شجب وأن يتم استدعاء السفير.
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية أمس إيضاحا بشأن استدعاء السفير القطري قالت فيه، إن «سفير قطر أكد من جانبه (خلال لقائه بمساعد وزير الخارجية المصري) أن بلاده أيدت ثورة 25 يناير، ومن بعدها ثورة 30 يونيو، وأنها سارعت بإصدار بيان يؤكد على دعم إرادة الشعب المصري ويشيد بدور القوات المسلحة، فضلا عن توجيه أمير قطر رسالة تهنئة للسيد رئيس الجمهورية (المستشار عدلي منصور) فور حلفه اليمين الدستورية».
وأشار البيان إلى أن مساعد الوزير عقب قائلا بأن مصر «لا تقبل أي تدخل في شأنها الداخلي، وأنه إذا كانت قطر صادقة في تأييد الثورتين فكان من المتوقع من قطر أن تتخذ خطوات ملموسة وبناءة لإعادة العلاقات بين البلدين إلى سياقها الطبيعي بدلا من التدخل المرفوض في الشؤون الداخلية للدول».
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن «مصر تؤكد مجددا أنها لن تسمح علي الإطلاق لأي طرف خارجي بالتدخل في شؤونها الداخلية تحت أي مسمى أو تبرير، وأنها تحمل أي دولة أو طرف خارجي يشرع أو يقدم على ذلك مسؤولية ما يترتب عليه من تداعيات».
واتخذت القاهرة خطوات مماثلة تجاه تركيا، انتهت بإبلاغ السفير التركي باعتباره شخصا غير مرغوب فيه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكما خفضت القاهرة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى القائم بالأعمال.
وقالت الخارجية القطرية في بيان نقلته وكالة الأنباء القطرية الرسمية، مساء أول من أمس، إن «ما جرى ويجري في مصر ليقدم الدليل تلو الدليل على أن طريق المواجهة والخيار الأمني والتجييش لا تؤدي إلى الاستقرار».
وأضاف البيان أن «الحل الوحيد هو الحوار بين المكونات السياسية للمجتمع والدولة في مصر العربية العزيزة من دون إقصاء أو اجتثاث»، معتبرة أن «قرار تحويل حركات سياسية شعبية (في إشارة إلى جماعة الإخوان على الأرجح) إلى منظمات إرهابية، وتحويل التظاهر إلى عمل إرهابي لم يجد نفعا في وقف المظاهرات السلمية، بل كان فقط مقدمة لسياسة تكثيف إطلاق النار على المتظاهرين بهدف القتل».
وألقت السلطات الأمنية المصرية الأسبوع الماضي القبض على صحافيين بقناة «الجزيرة» القطرية بأحد فنادق القاهرة، وأمر النائب العام بحبسهم 15 يوما «لقيامهم باصطناع مشاهد مصورة وبثها على خلاف حقيقتها لتشويه صورة البلاد وسمعتها».
وأعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان «تنظيما إرهابيا» قبل أسبوعين، وطالبت الدول العربية المصدقة على اتفاقية مكافحة الإرهاب بإنفاذ بنود الاتفاقية ومن بينها قطر، كما خاطبت القاهرة الدوحة لتسليم القيادي الإسلامي عاصم عبد الماجد المطلوب على ذمة قضايا جنائية.
وقتل في القاهرة خلال مظاهرات الجمعة الماضية 14 متظاهرا بحسب بيان رسمي لوزارة الصحة، لكن مصادر إخوانية تقول في المقابل إن 19 قتلوا خلال تلك المظاهرات. ويتظاهر أنصار «الإخوان» منذ ستة أشهر احتجاجا على عزل مرسي. وقالت وزارة الداخلية المصرية، إن «متظاهري الإخوان استخدموا الرصاص الحي لمواجهة قوات الأمن خلال مظاهرات الجمعة التي أقيمت تحت شعار (الشعب يشعل ثورته)».
وقال مجدي قرقر القيادي في تحالف دعم الشرعية، إن «موقف التحالف واضح من إدانة العنف بكل أشكاله تجاه المنشآت المدنية أو العسكرية والمدنيين أو العسكريين»، لكنه أشار إلى أن تصاعد ما سماه «قمع» المتظاهرين خلال الأسبوعين الأخيرين، يقابل بـ«محاولات الدفاع عن النفس».
وتابع قرقر، وهو أمين عام حزب الاستقلال (العمل سابقا): «نحن فاقدو الثقة في كل ما تنشره وتقوله الداخلية المصرية وليس لدينا معلومات عن وجود أسلحة في صفوف المتظاهرين، وبالقطع نحن لا نرحب بأي عنف».
ويقول مراقبون وساسة في القاهرة، إن «جماعة الإخوان تسعى عبر تصعيد الاحتجاجات إلى عرقلة مسار خارطة المستقبل الذي تبدأ خطواته الأولى بالاستفتاء على دستور جديد للبلاد منتصف الشهر الحالي».
وتبدي القاهرة صلابة في رفضها لضغوط دولية من أجل بدء حوار سياسي مع قادة الإخوان. وقال السفير هاني صلاح، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، في تصريحات له أمس إن «الحكومة بإعلانها الإخوان تنظيما إرهابيا فإنها تدرك جيدا أن أعمال العنف والإرهاب لن تتوقف»، لافتا إلى أن هذا الإعلان جاء لتسهيل مهمة الدولة في محاربة الإرهاب بكل أشكاله.
وأضاف قائلا: إنه «لا تصالح مع (الإخوان) ممن تلوثت أيديهم بالدماء أو ظلوا في هذه الجماعة الإرهابية، وإن من يرتكب أعمال عنف ستتم محاكمته وفقا للمادة 86 مكرر من قانون العقوبات (وهي المادة مختصة بجرائم الإرهاب».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.