الجيش العراقي يستعد لمعركة الفلوجة بعد الرمادي

إعلانها «ولاية إسلامية» .. والمالكي يتعهد بالقضاء على الإرهاب في الأنبار

مسلحون يتقدمون جنازة أحد رفاقهم الذي قتل في مواجهات بالفلوجة أمس (أ.ب)
مسلحون يتقدمون جنازة أحد رفاقهم الذي قتل في مواجهات بالفلوجة أمس (أ.ب)
TT

الجيش العراقي يستعد لمعركة الفلوجة بعد الرمادي

مسلحون يتقدمون جنازة أحد رفاقهم الذي قتل في مواجهات بالفلوجة أمس (أ.ب)
مسلحون يتقدمون جنازة أحد رفاقهم الذي قتل في مواجهات بالفلوجة أمس (أ.ب)

في حين يستعد الجيش والشرطة العراقيان بمساعدة من عشائر الأنبار لخوض معركة عسكرية فاصلة مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» في مدينة الرمادي تمهيدا لبدء معركة أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة في الفلوجة التي أكدت مصادر أمنية سقوطها بيد «داعش» الذي أعلنها «ولاية إسلامية»، فإن معركة سياسية تدور رحاها في بغداد بين ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي وكتلة «متحدون» بزعامة رئيس البرلمان أسامة النجيفي.
ففي الرمادي، واستنادا إلى المعلومات التي أفاد بها «الشرق الأوسط» عضو المجلس التأسيسي لأبناء العراق، فارس إبراهيم، فإن «قوات الجيش والشرطة حددت أهدافا هي بمثابة أوكار لتنظيمي (داعش) والقاعدة في قرية البوفراج في أطراف مدينة الرمادي والمحاذية لساحة الاعتصام وبدأت في قصفها اليوم (أمس)، وذلك بناء على معلومات مؤكدة تجنبا لقصف المدنيين». وأضاف إبراهيم أن «هناك تنسيقا رائعا بين القوات الأمنية من رجال الجيش والشرطة وبين الأهالي وشيوخ العشائر بهذا الشأن تمهيدا لتخليص الأنبار من هذه التنظيمات الإرهابية»، مشيرا إلى أن «المعركة تدور في أطراف المدينة وليس داخلها، إذ إن الحياة داخل الرمادي شبه طبيعية مع وجود جيوب لتنظيمات (داعش) في بعض الأحياء والتي سيقضى عليها بعد أن انتفضت العشائر ضد هؤلاء الذين لا يريدون خيرا للعراق». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هناك مناطق خارج السيطرة، قال إبراهيم إن «هناك منطقة البوجابر التي تعد من أهم جيوب (القاعدة) و(داعش)، لكنها في النهاية لا يمكنها أن تقاوم انتفاضة أهالي الأنبار ضد الغرباء». وأقر إبراهيم بأن «المعركة الحاسمة ستكون في الفلوجة لأن (داعش) دخلت إلى الفلوجة وتكاد تكون سيطرت عليها، لكن بعد حسم المعركة في الرمادي فإن الأنظار تتجه إلى الفلوجة».
وقال مصدر أمني عراقي رفيع المستوى في محافظة الأنبار لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مدينة الفلوجة خارج سيطرة الدولة وتحت سيطرة تنظيم (داعش)»، مضيفا أن «المناطق المحيطة بالفلوجة (60 كم غرب بغداد) في أيدي الشرطة المحلية». وتابع «لقد عينوا واليا عليها».
من جهته، أكد مراسل الوكالة ذاتها في المدينة أن «القوات التي تسيطر على مدينة الفلوجة بشكل كامل هي من تنظيم القاعدة»، مشيرا إلى أن «قوات الأمن العراقية وقوات الصحوة لا توجد في الفلوجة». وذكر أن «اشتباكات متقطعة تدور عند أطرافها بعد يوم دامٍ شهدت خلاله الفلوجة والرمادي اشتباكات بين عناصر «داعش» والشرطة مدعومة بمسلحي العشائر، تخللها قصف مناطق من قبل قوات الجيش الموجودة خارج المدينتين، مما أدى إلى مقتل 32 مدنيا و71 من مقاتلي «الدولة الإسلامية».
وتشكل سيطرة تنظيم القاعدة على مركز مدينة الفلوجة حدثا استثنائيا لما تحمله هذه المدينة التي خاضت حربين شرستين مع القوات الأميركية في عام 2004 من رمزية خاصة. وكان الهجوم الأميركي الأول الذي هدف إلى إخضاع التمرد السني في المدينة شهد فشلا ذريعا، مما حول الفلوجة سريعا إلى ملجأ لتنظيم «القاعدة» وحلفائه الذين تمكنوا من السيطرة وفرض أمر واقع فيها. وقتل في المعركة الثانية نحو ألفي مدني، إضافة إلى 140 جنديا أميركيا، في ما وصفت بأنها المعركة الأقسى التي خاضتها القوات الأميركية منذ حرب فيتنام.
وفي الرمادي (100 كم غرب بغداد)، أكد قائد القوات البرية في الجيش العراقي، الفريق الركن علي غيدان، أن «اشتباكات عنيفة تجري في عدة مناطق» في الرمادي، مضيفا أن «قوات الشرطة وأبناء العشائر يتولون عملية التطهير فيما تقوم قطاعات الجيش بالإسناد». وأضاف أن «الساعات المقبلة ستشهد نتائج إيجابية في ملاحقة زمر (القاعدة)»، مشيرا إلى أن السلطات تعمل أيضا على «معالجة الوضع في الفلوجة». وذكر غيدان أن «هناك ثلاثة مجاميع تقاتل، الأولى هي عناصر (داعش)، والثانية هي أبناء الصحوات والعشائر التي تقف إلى جانب الشرطة والجيش، والثالثة ما يعرف بالمجلس العسكري الذي أعلن عنه يوم أمس (الجمعة) في الفلوجة».
وكانت مجموعات مسلحة بينها «الجيش الإسلامي» و«كتائب ثورة العشرين» و«مجلس شورى المجاهدين» وجماعات أخرى أعلنت الجمعة تشكيل هذا المجلس بهدف التنسيق في مقاتلة القوات الأمنية، من دون أن يتضح ما إذا كان هذا المجلس مواليا لتنظيم «داعش» أم لا.
وفي بغداد، طالب نواب عن القائمة العراقية بدعم عشائر الأنبار مع سحب الجيش من مدنها، وهو ما يشكل أحد أهم محاور الخلاف مع ائتلاف دولة القانون الذي اتهم أحد نوابه كتلة «متحدون» باحتمال وجود تنسيق لها مع (داعش)، لا سيما أن التدهور الأمني حصل هناك بعد دعوة «متحدون» لسحب الجيش من داخل المدن. وقال عضو ائتلاف العراقية حامد المطلك، في مؤتمر صحافي عقده مع عدد من نواب الائتلاف أمس «ندعو القوى السياسية وزعماءها إلى اخذ مسؤوليتهم الإنسانية والوطنية والتاريخية تجاه شعبهم وتجاه ما تتعرض له الأنبار ومدنها»، مشددا على ضرورة إيقاف القصف المدفعي والهاونات على مدن الأنبار والفلوجة خصوصا. وأضاف «نطالب بسحب الجيش من المدن والعمل بجد وإخلاص لمعالجة التدهور الأمني الحاصل».
لكن ياسين مجيد، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، تساءل في مؤتمر صحافي ما إذا كان هنالك تنسيق بين ائتلاف «متحدون» وتنظيم «داعش». وقال مجيد إن «ذئاب داعش ظهرت في الأنبار وهي تقتل وتذبح بعد انسحاب الجيش بدعوة (متحدون)، فهل هناك تنسيق بينهما؟». وأضاف مجيد «هل انزعج نواب (متحدون) لأن القوات الأمنية أزالت الوجه القبيح لـ(داعش؟)، هل أن ساحة الاعتصام هي ساحة مقدسة عند (متحدون)؟ وهل أصبحت الساحة كأنها المسجد الأقصى يدافعون عنها ويقاتلون؟ هل أن الجيش العراقي هو جيش احتلال وعدو لـ(متحدون)؟». «في لفتة نادرة بدت بحق رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين الذي كان معروفا بقسوته ضد الشيعة والأكراد، فقد برأه مجيد من تهمة الطائفية ضمنا، وذلك بقوله «ولو كان صدام حسين من يحكم لضرب خيمة الأنبار بالكيماوي».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.