إعلان وفاة زعيم «كتائب عبد الله عزام» قبل استجوابه

خبير بالجماعات الجهادية توقع مبايعة «أمير» جديد خلال ثلاثة أيام

ماجد الماجد زعيم تنظيم كتائب عبد الله عزام (أ.ف.ب)
ماجد الماجد زعيم تنظيم كتائب عبد الله عزام (أ.ف.ب)
TT

إعلان وفاة زعيم «كتائب عبد الله عزام» قبل استجوابه

ماجد الماجد زعيم تنظيم كتائب عبد الله عزام (أ.ف.ب)
ماجد الماجد زعيم تنظيم كتائب عبد الله عزام (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات اللبنانية أمس وفاة ماجد الماجد، أمير «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي أعلنت مسؤوليتها عن استهداف السفارة الإيرانية ببيروت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتوفي الماجد، الموقوف لدى استخبارات الجيش اللبناني منذ 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد يوم واحد على تأكيد قيادة الجيش اللبناني هويته رسميا بناء على مطابقة فحوص الحمض النووي.
وأشارت قيادة الجيش اللبناني في بيان قبل ظهر أمس إلى «وفاة الموقوف المدعو ماجد الماجد صباح أمس أثناء معالجته في المستشفى العسكري المركزي، وذلك نتيجة تدهور وضعه الصحي». وكانت مصادر أمنية أكدت قبل يومين لـ«الشرق الأوسط» تدهور حالته الصحية بسبب معاناته من فشل كلوي، حيث إن الكلية الوحيدة الموجودة لديه كانت شبه متوقفة عن العمل. وقالت مصادر أمنية لوكالة «رويترز»، أمس، إن «الماجد، السعودي الجنسية والمطلوب القبض عليه في السعودية، كان يعاني من فشل كلوي ودخل في غيبوبة أول من أمس»، في وقت أكد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر خبر وفاته، مشيرا إلى أنه «كلف طبيبا شرعيا بالكشف على جثته وتحديد أسباب الوفاة وتكوين ملف يضمن التقارير الطبية وإبلاغ السفارة السعودية بما جرى».
وأفادت «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، وهي قناة تلفزيونية خاصة في لبنان، أمس بأن «الماجد كان منذ لحظة إلقاء القبض عليه في حالة صحية سيئة نتيجة القصور في الكلى والتهابات حادة وقد تفاقمت هذه الالتهابات مما أدى إلى وفاته»، مشيرة إلى أن «حالته الصحية لم تساعد مخابرات الجيش في التحقيق معه». وفي حين قال أحد الخبراء بالجماعات الجهادية لـ«الشرق الأوسط» إن الأنباء عن وفاة الماجد تبقى «مشبوهة» إلى حين تسلم ذويه جثته والتأكد من سبب وفاته، أوضح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية شكيب قرطباوي لـ«الشرق الأوسط» أمس أنه بعد الإعلان عن وفاة موقوف أجنبي على الأراضي اللبنانية واستكمال ملفه الطبي «عادة ما تطلب عائلته أو الدولة التي ينتمي إليها تسلم جثته». وقال إنه في حال «امتناع عائلة الماجد أو سلطات بلده عن تسلمه، فسنحدد الترتيبات اللازمة لدفنه في لبنان».
ولفت إلى أن «طلب تسلم الجثة ترفعه سفارة الدولة المعنية إلى وزارة الخارجية اللبنانية، التي تحوله إلى وزارة العدل»، موضحا أن «وزارة العدل بدورها ترسل الطلب إلى النيابة العامة التمييزية، التي يعود لها القرار الأساسي بهذا الصدد».
وفي سياق متصل، قال الخبير بالجماعات الجهادية الداعية اللبناني عمر بكري فستق لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «قبل تسليم جثة الماجد إلى ذويه، فإن الإعلان عن وفاته يبقى في خانة (الخبر المشبوه)، خصوصا أن هناك احتمالات عدة ربما استدعت الإعلان عن وفاته على غرار أن يكون مات تحت التعذيب على أيدي محققين منتمين لأحزاب مرتبطة بإيران وموالية للنظام السوري، أو أنه مات فعلا بسبب إصابته بفشل الكلى، علما بأن ما ذكرته مواقع إسلامية تفيد بأن حالته الصحية لم تكن سيئة إلى هذا الحد، أو أنهم يريدون التفرد به لأخذ معلومات عن عمليات كتائبه وأنصاره للإيقاع بهم». ويضيف: «هذه الاحتمالات كلها واردة ما لم تسلم جثته إلى ذويه».
وفي موازاة إشارته إلى تغريدة تناقلها بعض أنصاره على موقع «تويتر» أمس تؤكد وفاته، من دون صدور أي بيان نعي رسمي من «كتائب عبد الله عزام» حتى ساعات المساء، يستغرب بكري أن يكون «التسريب الوحيد عن التحقيق معه يشير إلى اعترافه بأن السيارة التي استخدمت في تفجير السفارة الإيرانية ببيروت (نوفمبر الماضي) فخخت في مخيم عين الحلوة»، للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا، بجنوب لبنان. وكانت «كتائب عبد الله عزام» تبنت التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مقر السفارة الإيرانية ببيروت في 19 نوفمبر الماضي، وأوديا بحياة أكثر من 20 قتيلا. وأعلنت إيران رسميا قبل يومين عن نيتها إرسال فريق تحقيق إيراني إلى بيروت للمشاركة في استجواب الماجد، فيما ينتظر أن يصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى لبنان في 13 من الشهر الحالي في إطار جولة يجريها في المنطقة.
ويعد الماجد من أبرز المطلوبين للقضاء اللبناني، وأصدر حكما بحقه عام 2009، بتهمة الانتماء إلى تنظيم «فتح الإسلام» الذي خاض مواجهات مسلحة مع الجيش اللبناني استمرت ثلاثة أشهر في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان عام 2007. وقضى الحكم الغيابي بالسجن المؤبد لماجد الماجد بتهمة «الانتماء إلى تنظيم مسلح بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والنيل من سلطة الدولة وهيبتها وحيازة متفجرات واستعمالها في القيام بأعمال إرهابية».
وسبق لمدونة «لونغ وور جورنال» وهي مدونة بارزة مناهضة للإرهاب، أن ذكرت أن الماجد «واحد من بين 85 فردا تضمهم قائمة للحكومة السعودية صدرت عام 2009 لأبرز المطلوبين لضلوعهم في أنشطة مع تنظيم القاعدة».
وهددت «كتائب عبد الله عزام» بعد استهداف السفارة الإيرانية ببيروت بمواصلة عملياتها ضد حزب الله، المدعوم من إيران، حتى انسحابه من سوريا، حيث يقاتل إلى جانب القوات النظامية. ويعرب بكري، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتقاده بأنه «بات لدى كتائب عبد الله عزام ثأر جديد ضد الدولة اللبنانية بعد إعلانها وفاة أميرها، يضاف إلى مساندتها للنظام السوري».
ويقول بكري إنه انطلاقا من اطلاعه على «أدبيات الجماعات الجهادية»، فإنه «في حال وقوع أميرها في الأسر أو اعتقاله أو قتله، يصار إلى تعيين أمير جديد خلفا له خلال ثلاثة أيام، إذ لا يجوز شرعا بقاء أي جماعة إسلامية من دون أمير أكثر من ثلاثة أيام»، متوقعا أن يحصل ذلك «من خلال عملية ما أو من خلال تسجيل صوتي أو شريط فيديو أو أن يعلن ذلك أمام أنصاره وأتباعه». ويشير بكري إلى أن مبايعة الماجد، التي حصلت خلال يونيو (حزيران) 2012 في سوريا وفق ما أوردته مواقع إلكترونية إسلامية في حينه، «جاءت بعد عزل سلفه صالح القرعاوي من منصبه إثر بتر قدميه نتيجة إصابته خلال حرب العراق».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.