حادثة قطار في مصر تُخلّف عشرات القتلى والجرحى... وتطيح وزير النقل

شجار سائقين وراء الكارثة... وتعهُّد حكومي بمحاسبة المتسببين > القيادة السعودية تعزي السيسي

فرق الإسعاف والمطافئ بعد إخماد الحريق داخل محطة القطارات الرئيسية في القاهرة (أ.ف.ب)
فرق الإسعاف والمطافئ بعد إخماد الحريق داخل محطة القطارات الرئيسية في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

حادثة قطار في مصر تُخلّف عشرات القتلى والجرحى... وتطيح وزير النقل

فرق الإسعاف والمطافئ بعد إخماد الحريق داخل محطة القطارات الرئيسية في القاهرة (أ.ف.ب)
فرق الإسعاف والمطافئ بعد إخماد الحريق داخل محطة القطارات الرئيسية في القاهرة (أ.ف.ب)

سقط عشرات القتلى والجرحى بمصر، إثر حريق نتج، أمس، عن ارتطام جرار قطار بحاجز داخل محطة القطارات الرئيسية في العاصمة القاهرة. وعلى أثر هذا الحادث قدّم وزير النقل هشام عرفات، استقالته. لكن رئيس لجنة النقل بالبرلمان هشام عبد الواحد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستقالة لن تعفيه من المساءلة أياً كان شكلها».
وأسفر الحادث عن مقتل 20 مواطناً وإصابة 43 آخرين، حسب الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، التي أكدت أن «حالات المصابين ما بين بسيطة إلى متوسطة، وهناك عدد من الحالات الدقيقة، أغلبها كسور وحروق».
وذكرت هيئة السكة الحديد أن «الحادث نجم عن انحدار جرار واصطدامه بالمصدات الخرسانية عند نهاية الرصيف رقم 6 بمحطة مصر (بميدان رمسيس وسط القاهرة)»، مبرزة أن «الاصطدام أدى لاندلاع حريق»، نتيجة انفجار خزان وقود الجرار، الذي يعمل بالديزل (زيت الوقود).
وأوضحت لقطات فيديو، أُخذت من كاميرا أمنية بمدخل محطة رمسيس، أن جرار قطار كان على أحد الخطوط باتجاه المحطة، وعند دخوله احتكّ بقطار آخر قادم في مواجهته، ما تسبب في إيقاف حركة القطارين، فما كان من سائقه إلا أن تركه، ونزل للتحدث مع سائق القطار الآخر، قبل أن يتحرك الجرار بصورة فجائية، وينطلق بسرعة داخل المحطة ويصطدم بالحاجز.
وأظهرت لقطات فيديو أخرى، متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، الجرار وهو يدخل مسرعا إلى الرصيف، قبل أن يرتطم بحاجز في نهايته، بينما كان ركاب يسيرون بشكل اعتيادي، قبل أن تُظهر اللقطات أشخاصاً يركضون في موقع الحادث والنار تلتهم ملابسهم. وبدت أعمدة الدخان مرتفعة فوق محطة مصر، فيما كان الجرار المتفحم مائلاً على أحد جانبيه بجوار رصيف داخل المحطة.
وعلقت وزارة النقل حركة وصول وانطلاق القطارات من محطة مصر لفترة وجيزة، قبل أن تعلن انتظام حركة القطارات، باستثناء الرصيف الذي وقع عنده حادث الجرار. وألقت قوات الأمن المصرية القبض على سائق جرار القطار، بعد أن عثرت عليه مختبئاً داخل المحطة إثر هروبه، وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضده، وإحالته إلى النيابة التي باشرت التحقيق.
وقالت وزيرة الصحة إنه «لم يتم التعرف على هوية معظم جثامين الحادث»، مضيفة في مؤتمر صحافي أن «الطب الشرعي سوف يقوم بمهمة التعرف على هوية الجثامين». كما نوهت الوزيرة إلى خروج عدد من المصابين من المستشفيات بعد تحسن حالاتهم الصحية.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحافي مع نظيره الألباني ألير ميتا الذي يزور القاهرة، إنه «أمر الحكومة بالتوجه إلى موقع الحادث ومتابعة حالة المصابين، وتقديم الرعاية اللازمة لهم ولأسرهم، ومحاسبة المتسببين فيه بعد انتهاء التحقيقات».
وانتقل فريق من محققي النيابة العامة إلى مكان الحادث. وقال مكتب النائب العام إن «بياناً مفصلاً سيصدر عن ملابسات الحادث وأسبابه». فيما قرر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تشكيل لجنة على درجة فنية عالية لفتح تحقيقات عاجلة لمعرفة تداعيات الحادث، وتحديد ومعرفة المتسبب فيه، إلى جانب تحقيقات النيابة العامة، وذلك لـ«محاسبة المتسببين وتحديد المسؤولين عن الحادث حساباً عسيراً، ومساءلتهم لكي نضمن حقوق المتوفين والمصابين جراء الحادث ومنع تكراره»، على حد قوله.
بدوره، قال رئيس الوزراء إن «الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تقاعس، أو أمام الأخطاء التي تهدد حياة المواطنين»، مؤكداً أن «حياة كل مواطن مصري غالية على الجميع وعلى الدولة، وأي حدث يتعرض له المواطنون يسبب ألماً شديداً... وهذه الأخطاء يجب أن تتوقف».
وتقدم وزير النقل الدكتور هشام عرفات باستقالته، وقال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، إن رئيس الوزراء قبل الاستقالة. وفي غضون ذلك كلف مدبولي الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، بالقيام مؤقتاً بمهام وزير النقل، بالإضافة إلى مهام منصبه لحين تعيين وزير للنقل.
ودخل البرلمان المصري على خط الحادث، مؤكداً عزمه محاسبة جميع المسؤولين عن وقوع الكارثة، إذ قال النائب هشام عبد الواحد، رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة في حالة انعقاد دائم، ولن تتوانى عن محاسبة المتسببين في الحادث». موضحاً أن «اللجنة ستدعو المسؤولين كافة، ومن بينهم رئيس هيئة السكة الحديد، للتعرف على ملابسات الحادث، وسيستخدم البرلمان كل أدواته لمعاقبة المتسببين»، منوهاً إلى أن «استقالة وزير النقل لن تعفيه من المساءلة والمحاسبة، أياً كان شكلها». وأكد البرلماني المصري أن «السكك الحديدية في مصر تعاني إهمالاً رهيباً، وأن هذا الحادث لن يكون الأخير إذا استمرت الأوضاع على حالها دون أي تطوير للعنصر المادي (القطارات والمحطات)، وكذلك البشري».
وعلى أثر هذا الحادث الأليم، وافق مجلس الوزراء على صرف 80 ألف جنيه (نحو 4500 دولار) لورثة كل متوفٍّ، أو مصاب بعجز كلي، وكذا صرف 25 ألف جنيه (1400 دولار) لكل مصاب في هذا الحادث. كما وجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، ببدء إجراء البحث الاجتماعي للمصابين وأسر المتوفين، وتقديم أقصى درجات الدعم لها، وتقديم التعويضات اللازمة.
في غضون ذلك، قدمت دول عربية وأجنبية عزاءها إلى مصر في ضحايا الحادث.
وأعرب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عن تعازيه ومواساته للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ضحايا الحريق، وقال الملك سلمان في برقيته: «علمنا بنبأ الحريق الذي اندلع في محطة قطارات رمسيس بمدينة القاهرة، وما نتج عنه من وفيات وإصابات، وإننا إذ نبعث لفخامتكم ولأسر المتوفين وشعب جمهورية مصر الشقيق باسم شعب وحكومة المملكة العربية السعودية وباسمنا أحرّ التعازي وأصدق المواساة، لنرجو المولى سبحانه وتعالى أن يتغمد المتوفين بواسع رحمته ومغفرته، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان».
كما أبرق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد معزياً الرئيس السيسي، وقال: «تلقيت نبأ الحريق الذي اندلع في محطة قطارات رمسيس بمدينة القاهرة، وما نتج عنه من وفيات وإصابات، وأعرب لفخامتكم ولأسر المتوفين كافة عن بالغ التعازي وصادق المواساة».
وبعث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، برقية عزاء للرئيس السيسي، معرباً عن خالص تعازيه وصادق مواساته في ضحايا الحريق. كما بعث العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني برقية مماثلة، مؤكداً وقوفه بجانب مصر وشعبها الشقيق.
بدورها، أعربت بريطانيا عن تعازيها لمصر حكومةً وشعباً في ضحايا الحادث. وقالت المتحدثة باسم السفارة بالقاهرة إن «المملكة المتحدة وطاقم عمل السفارة البريطانية يتقدمون بخالص العزاء للمصريين شعباً وحكومة».
وفي جدة، توجه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، بـ«أصدق عبارات العزاء والمواساة لمصر حكومة وشعباً، ولأهالي الضحايا لمصابهم الأليم». كما بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس، برقية عزاء إلى الرئيس السيسي، وتقدم باسم دولة فلسطين وشعبها للحكومة والشعب المصري وللعائلات الثكلى بأحرّ التعازي.
كما أعربت فرنسا عن تضامنها مع أسر ضحايا الحادث، ووصف سفيرها في القاهرة ستيفان روماتيه، الحادث بأنه «مأساوي»، مؤكداً تضامن بلاده مع أسر الضحايا.كما وصف يوليوس جيورج لوي سفير ألمانيا بالقاهرة، الحادث «بأنه مأساة مفزعة»، معرباً عن خالص العزاء لأسر الضحايا.
فيما حذرت السفارة الأميركية بالقاهرة رعاياها من الوجود في محيط منطقة رمسيس.



«توترات القرن الأفريقي»... كيف يمكن احتواء التصعيد؟

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
TT

«توترات القرن الأفريقي»... كيف يمكن احتواء التصعيد؟

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)

تصاعد منحنى التوترات في القرن الأفريقي وسط سجالات بين الصومال وإثيوبيا وهجوم إعلامي يتجدد من أديس أبابا تجاه الوجود المصري في مقديشو، مع مخاوف من تصعيد غير محسوب وتساؤلات بشأن إمكانية احتواء ذلك المنسوب المزداد من الخلافات بتلك المنطقة التي تعد رئة رئيسية للبحر الأحمر وأفريقيا.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن «التصعيد سيكون سيد الموقف الفترة المقبلة»، خصوصاً مع تمسك مقديشو بخروج قوات حفظ السلام الإثيوبية من أراضيها وتشبث أديس أبابا بمساعيها للاتفاق مع إقليم الصومال الانفصالي، لإيجاد منفذ بحري البحر الأحمر رغم رفض مقديشو والقاهرة، فضلاً عن تواصل الانتقادات الإثيوبية الرسمية للقاهرة بشأن تعاونها العسكري مع الصومال.

وتوقعوا سيناريوهين أولهما الصدام مع إثيوبيا، والثاني لجوء أديس أبابا لحلول دبلوماسية مع ازدياد الضغوط عليها بعدّها أحد أسباب التصعيد الرئيسية في المنطقة.

وقدّم وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، الاثنين، «شرحاً للتلفزيون الحكومي حول العلاقات المتوترة بين مقديشو وأديس أبابا»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية للبلاد، التي قالت إن أديس أبابا «انتهكت في 1 يناير (كانون الثاني) العام الحالي، السيادة الداخلية للدولة عقب إبرامها مذكرة تفاهم باطلة مع إدارة أرض الصومال».

وزير الخارجية والتعاون الدولي الصومالي (وكالة الأنباء الرسمية)

ولم تتمكن أديس أبابا من تنفيذ الاتفاق غير الشرعي الذي ألغاه البرلمان الصومالي، كما أن الصومال نجح دبلوماسياً في الحفاظ على سيادة البلاد واستقلال أراضيه، عبر القنوات المفتوحة في كل الاجتماعات بالمحافل الدولية، وفق تقدير أحمد معلم فقي.

وبشأن مستقبل العلاقات الدبلوماسية للبلدين، أشار فقي إلى أن «العلاقات لم تصل إلى طريق مسدودة، فسفارة الدولة مفتوحة وتعمل هناك، بينما تعمل سفارة أديس أبابا هنا في مقديشو، والسفير الإثيوبي حالياً يوجد في بلاده، بيد أن طاقم سفارته موجود، كما أن طاقمنا لا يزال موجوداً هناك».

وكشف فقي في مقابلة متلفزة الأحد، أن الحكومة الصومالية ستتخذ إجراءات سريعة لنقل السفارة الإثيوبية إلى موقع جديد خارج القصر الرئاسي في المستقبل القريب.

وفي أبريل (نيسان) 2024، طرد الصومال السفير الإثيوبي، واستدعى مبعوثه من أديس أبابا، قبل أن تعلن وزارة الخارجية الصومالية أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في إفادة، أنها طلبت من المستشار الثاني في سفارة إثيوبيا لدى الصومال، مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة، واتهمته بممارسة «أنشطة لا تتفق مع دوره الدبلوماسي، وتشكل خرقاً لاتفاقية (فيينا) للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عام 1961».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من الحكومة الصومالية ودول الجامعة العربية، لا سيما مصر، التي تشهد علاقاتها مع أديس أبابا توتراً بسبب تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي.

وفي مواجهة تلك التحركات، حشد الصومال، دعماً دولياً وإقليمياً، لمواقفه، ضد المساعي الإثيوبية، وأبرم بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، وفي أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو.

إثيوبيا هي الأخرى تواصل الدفاع عن اتفاقها مع إقليم أرض الصومال، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أواخر أكتوبر الماضي، إن بلاده تسعى للوصول السلمي إلى البحر الأحمر، وتتمسك بموقف واضح بشأن هذه القضية.

وعادت وكالة الأنباء الإثيوبية، السبت، للتأكيد على هذا الأمر، ونقلت عن نائب المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية عبده زينبي، قوله إن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر أمر بالغ الأهمية، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل بشكل وثيق للغاية مع جميع الجهات الفاعلة الإقليمية لضمان ذلك.

وبتقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير صلاح حليمة، فإن «تلك التوترات تزيد من حدة السخونة في منطقة القرن الأفريقي»، لافتاً إلى أن «إثيوبيا تتحمل زيادة منسوب التوتر منذ توقيع اتفاقية مع إقليم انفصالي مخالفة للقانون الدولي ومهددة لسيادة الصومال».

وبرأي الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن «كلا الطرفين (الصومال وإثيوبيا) لا ينوي خفض التصعيد، بل كلاهما يتجه إلى التصعيد والتوترات بينهما مرشحة للتصاعد»، لافتاً إلى أن «كل المحاولات التي تمت الشهور الأخيرة للوساطة، سواء كانت تركية أو أفريقية، لم تفعل شيئاً يذكر لخفض التصعيد».

وبشيء من التفاصيل، يوضح الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، أن «إقدام الصومال على طرد دبلوماسي إثيوبي رفيع من أراضيه تحت مبررات التدخل في الشؤون الداخلية، يأتي متزامناً مع طبيعة التحركات الرسمية التي تنتهجها مقديشو بشأن التشاور والإعداد لاستبدال بعثة لحفظ السلام في الصومال، تكون أكثر قبولاً وترحيباً عند مقديشو، بالحالية».

ومن المعلوم أن مقديشو «لا تريد قوات إثيوبية ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية» داخل أراضيها، تحت أي اسم بعد مساعيها لإنشاء منفذ بحري مقابل الاعتراف بإقليم انفصالي، لذلك ارتفع صوت الصومال عالياً خلال الفترة الأخيرة مطالباً الاتحاد الأفريقي بضرورة عدم إشراك قوات إثيوبية ضمن البعثة الجديدة التي من المقرر أن تتولى مهامها بحلول عام 2025م»، وفق الحاج.

ولم يتوقف موقف أديس أبابا عند التمسك بمواقفها التي ترفضها مقديشو، بل واصلت مهاجمة وجود القاهرة بالصومال، ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية عن الباحث الإثيوبي يعقوب أرسانو، الأحد، دعوته إلى «ضرورة تقييم دور مصر في الصومال ووجودها الذي قد يؤدي إلى تصعيد عدم الاستقرار في جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقي»، متحدثاً عن أن «القاهرة تورطت في الصومال كقوة مزعزعة للاستقرار».

ووفقاً ليعقوب، فإن «نفوذ مصر في الصومال ربما يكون جزءاً من استراتيجية أوسع لإضعاف إثيوبيا»، لافتاً إلى أنه «إذا فشلت مصر في فرض سيطرتها، فقد تقع الأسلحة بأيدي الجماعات الإرهابية، ما يشكل تهديدات فورية لكل من الصومال وإثيوبيا»، عادّاً أن «السماح لمصر بكسب النفوذ قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال، وسيقوض أمن واستقرار الصومال على وجه الخصوص».

ويعدّ الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، الهجوم الإثيوبي تجاه القاهرة نتيجة أن «أديس أبابا تفهم جيداً خطورة دور المصري إذا دعمت الصومال، لذا فهي تحاول وقف دور مصري داعم للصومال، لذلك ربما يكون ما يثار بالإعلام الإثيوبي فقط للتضليل».

ويستبعد أن «تصل الأمور إلى حرب بين إثيوبيا والصومال أو إثيوبيا ومصر»، لافتاً إلى أن «انتخابات أرض الصومال في هذا الشهر سيكون لها دور في مستقبل مذكرة التفاهم، خصوصاً إذا فاز عبد الرحمن عرو أمام الرئيس الحالي موسى بيحي عبدي بالانتخابات الرئاسية المقررة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فيتوقع أن يقوم بإلغاء مذكرة التفاهم لقربه من الصومال».

ويرجع الخبير السوداني، عبد الناصر الحاج، الموقف الإثيوبي تجاه مصر، إلى أنه «منذ توقيع القاهرة ومقديشو على اتفاقية أمنية في أغسطس (آب) الماضي، باتت تجتاح أديس أبابا مخاوف كبيرة من تشكيل حلف عسكري استخباراتي جديد في منطقة القرن الأفريقي يجمع مصر والصومال وإريتريا، وهي ذات الدول الثلاث التي تجري علاقة إثيوبيا بهم على نحو متوتر وقابل للانفجار».

ويرى السفير حليمة أن «احترام إثيوبيا للقوانين وعدم اللجوء لتصرفات أحادية وسياسة فرض الأمر الواقع، السبيل الوحيد لاحتواء أي تصعيد بمنطقة القرن الأفريقي»، مضيفاً أن «هذا يحتاج إيجاد حلول لملف سد النهضة ووقف مساعي إبرام الاتفاقية مع إقليم أرض الصومال، وبدء علاقات قائمة على الاحترام والتعاون مع دول منطقة القرن الأفريقي».