العثور على جثة معماري تفتح ملف المختطفين في ليبيا

TT

العثور على جثة معماري تفتح ملف المختطفين في ليبيا

جدّد العثور على جثة المعماري صلاح بوقرين بضواحي مدينة بنغازي (شرق ليبيا)، الذي اختطف من قبل مسلحين نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، أحزان الكثير من الأُسر، التي تشتكي من اختفاء أبنائها قسراً منذ سنوات، وسط مطالبات سياسيين بـ«تعقب القتلة، وإخضاعهم للمحاكمة العادلة».
ومنذ اندلاع انتفاضة فبراير (شباط) عام 2011، تتزايد عمليات العثور على رفاة مواطنين مخطوفين، وتشهد اتساعاً ملحوظاً في أرجاء البلاد، نتيجة عمليات قتل على الهوية، أو ثأر قديم، أو فشل الخاطفين في الحصول على فدية من أهل المخطوف.
وشغل بوقرين، الذي نعته الأوساط السياسية والاجتماعية في البلاد أمس، منصب مدير شركة التنمية الوطنية القابضة في بنغازي، وكلفه المجلس الوطني الانتقالي، الذي تولى شؤون البلاد بعد إسقاط الرئيس الراحل معمر القذافي، إدارة «المرافق»، وقد اكتُشفت جثته قرب مزرعته في منطقة سيدي فرج.
ووصف عبد الله الرفادي، رئيس حزب الجبهة الوطنية، مقتل بوقرين بالعمل «الشنيع»، الذي يستوجب التحقيق، مطالباً السلطات الليبية بـ«البحث الجاد عن المتورطين في الجريمة».
معتبراً اغتيال بوقرين «عملاً سياسياً بامتياز»، وبرر ذلك بأن «الراحل لم تكن له أي خصومة من أحد».
وقال الكاتب والمؤرخ الليبي شكري السنكي: إنه «منذ خطف بوقرين، الذي يعتبر أبرز المعماريين في البلاد، لم تبذل أي جهة رسمية جهداً في البحث عنه، كما لم تتواصل الجهات الرسمية مع أسرته بشأن غيابه أو اختفائه».
وأضاف السنكي عبر حسابه على «فيسبوك»: إن قاتل بوقرين لن ينجو من المحاسبة، وسينال عقابه»، لافتاً إلى أنه «سينكشف أمر من عبث ويعبث بأمن وأمان الوطن، وإغراقه في الفوضى والإرهاب وإن طال الأمد».
لكن حالة بوقرين لا تعد معزولة في ليبيا. فمن وقت إلى آخر تعثر السلطات المحلية على رفاة مواطنين تعرضوا لعمليات خطف، بينهم أطفال وشيوخ. وفي هذا السياق، اعتبرت عملية خطف ثلاثة أطفال من عائلة الشرشابي نهاية سنة 2015 بأنها الأكثر إيلاماً، بعد العثور على رفاتهم مطلع أبريل (نيسان) العام الماضي في إحدى الغابات غرب العاصمة طرابلس.
ورغم أن جريمة أطفال الشرشابي لا تختلف في شكلها عن باقي جرائم الخطف والقتل، التي انتشرت بشكل كبير في تلك الفترة تحديداً، فإن المتابعين لهذه النوعية من الجرائم يرصدون مدى تمسك عائلتهم بأمل عودتهم حتى آخر لحظة، قبل أن يُصدموا بالحقيقة بعد تغيبهم لقرابة عامين أو أكثر.
وفي بيانها الأخير، رصدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا تصاعد مؤشرات جرائم الاختطاف والقتل، وقالت: إنها تتابع بقلق بالغ تصاعد وتيرة حالات القتل خارج نطاق القانون، التي شهدتها مدن سبها، والجفرة، ومرزق بالجنوب الليبي، خلال الفترة الممتدة من 25 يناير (كانون الثاني) وحتى 23 فبراير الحالي، حيث بلغت حالات الخطف خَمساً، وحالات القتل أربعاً خارج إطار القانون.
وسبق لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، استقبال عدداً من أهالي المخطوفين والمغيبين قسراً، واستمع إلى تفاصيل ظروف اختفائهم، وجدد في حينه الالتزام بتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مشدداً على القيام بكل ما يمكن فعله لإنهاء معاناة ضحايا الخطف والإخفاء القسري في كافة أنحاء البلاد.
وطالبت بعض أسر المخطوفين غير مرة بتطبيق المادة «26» من الاتفاق السياسي الخاصة بالمفقودين، التي تنص على جمع معلومات كاملة عن الأشخاص المفقودين والمخطوفين وتقديمها لحكومة الوفاق الوطني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.