بوتين يسعى لتخفيف «الضغوط الأمنية» على قطاع الأعمال الروسي

النيابة تخصص «خطاً ساخناً»... والقضاء يرفض «الوساطة الرسمية»

بوتين يسعى لتخفيف «الضغوط الأمنية» على قطاع الأعمال الروسي
TT

بوتين يسعى لتخفيف «الضغوط الأمنية» على قطاع الأعمال الروسي

بوتين يسعى لتخفيف «الضغوط الأمنية» على قطاع الأعمال الروسي

أعلنت النيابة العامة الروسية عن افتتاح «خط ساخن» لتلقي شكاوى رجال الأعمال الذي يتعرضون لضغط من جانب مؤسسات الدولة، ولا سيما الأجهزة الأمنية المعنية بالجريمة الاقتصادية، والأجهزة الإدارية. وأكد النائب العام في روسيا، أنه سيستقبل شخصياً رجال الأعمال للاستماع لهم. وكشف تقرير أعدته الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة المالية، عن نمو حجم الأصول التي تمت مصادرتها عام 2018 في إطار الملفات والملاحقات القضائية لقطاع الأعمال.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا أخيراً، في رسالته السنوية أمام المجلس الفيدرالي، إلى الحد من الملاحقات الأمنية لقطاع الأعمال. وجاءت هذه التطورات في وقت يستمر فيه الجدل بشأن اعتقال مؤسس واحد من أهم صناديق الاستثمارات في روسيا، بتهمة اختلاس وتهريب أموال من روسيا، ويرفض الأمن إطلاق سراحه رغم مناشدات شخصيات اقتصادية رسمية وعامة بتعديل القرار من توقيف في السجن إلى «إقامة جبرية» في المنزل إلى حين انتهاء التحقيق.
وأعلنت النيابة العامة الروسية، أمس، عن افتتاح «خط هاتف» يعمل على مدار الساعة لتلقي شكاوى حول ضغط تتعرض له الشركات ورجال الأعمال من جانب مؤسسات الدولة. وفضلاً عن ذلك، سيقوم النائب الروسي العام ألكسندر باستريكين شخصياً باستقبال رجال الأعمال للاستماع إلى شكواهم حول «ملاحقات بقضايا جنائية، وجرائم في مجال الأعمال» تؤثر على نشاطهم.
ويشكو قطاع الأعمال من ضغط مستمر خلال السنوات الماضية من جانب الأجهزة الأمنية وأجهزة الأمن والرقابة الاقتصادية، والمؤسسات الإدارية المعنية بمنح الموافقات والتراخيص الضرورية لمزاولة العمل وتنفيذ المشروعات.
وقالت النيابة العامة، أمس، إنها كشفت العام الماضي عن 180 ألف انتهاك للتشريعات والقوانين في مجال النشاط الاستثماري. وأشار ألكسندر كورينوي، المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة، إلى أنه من بين تلك الانتهاكات، تقييد حقوق المستثمرين من جانب مسؤولين في الدولة وفي السلطات المحلية، وتجاوزات في عمليات التفتيش على الشركات ومواقع الأعمال والنشاط الاستثماري، فضلاً عن انتهاكات للقوانين التي تنظم الدور الرقابي للدولة والمديريات المحلية، وانتهاك حقوق المستثمرين في توفير دعم الدولة.
من جانبها، أشارت الهيئة الفيدرالية للرقابة المالية إلى أن الأصول المحجوز عليها، التي تمت مصادرتها في إطار قضايا جنائية ومالية، نمت من 40 ملياراً عام 2013 حتى أكثر من 77 مليار روبل عام 2017، ومن أصل 350 مليار روبل تم الحجز عليها في قضايا جناية، تعود 250 ملياراً إلى الجرائم المالية، مثل التهرب الضريبي، والاختلاس.
ويشكو رجال الأعمال الروس من الضغط المستمر والتفتيش من جانب الأجهزة الأمنية، وعدم كفاءة القضاء في التعامل مع الملفات الاقتصادية. وكانت «موديز» أدرجت «تفشي الفساد» و«عدم كفاءة النظام القضائي» الروسي ضمن مخاطر الاقتصاد الروسي.
وأثيرت مسألة الضغط الهائل من جانب أجهزة الدولة والمؤسسات الأمنية على قطاع الأعمال، وتأثيرها السلبي على نشاط هذا القطاع وعلى النشاط الاستثماري، أكثر من مرة خلال السنوات الماضية. وطالب اقتصاديون روس بما في ذلك من العاملين في الدولة بتخفيف القيود على «البيزنس» والحد من هذا الضغط الذي وصفه كثيرون بأنه غير مبرر أحياناً، ولا يقوم على أسس في أحيان أخرى.
وتوقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً عند هذه القضية، ودعا في رسالته السنوية أمام المجلس الفيدرالي إلى تخفيف ذلك الضغط، وضرورة تحرير قطاع الأعمال من شعور دائم بخطر التعرض للملاحقة، ومواجهته اتهامات جنائية أو إدارية. وشدد على أن تحقيق الأهداف الكبيرة المعلنة للنمو الاقتصادي تتطلب التخلص من كل ما يعيق حرية نشاط الاستثمار.
ووضع موقف بوتين بشأن الملاحقات الأمنية لقطاع الأعمال على المحك مباشرة؛ ذلك لأن تصريحاته جاءت في وقت احتدم فيه الجدل حول قضية مايكل كالفي، مؤسس ومدير صندوق «بارينغ فوستوك» للاستثمارات، الذي اعتقله الأمن، ومن ثم قررت محكمة في موسكو احتجازه مع خمسة مسؤولين آخرين في الصندوق، على ذمة التحقيق في اتهامات باختلاس 2.5 مليار روبل من مصرف روسي.
ومعروف أن صندوق «بارينغ فوستوك» الذي تأسس عام 1994، متخصص بالاستثمارات في روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة، واستثمر أكثر من 2.4 مليار دولار في 70 مشروعاً في مجالات الخدمات المالية، وإنتاج النفط والغاز، والاتصالات والقطاع الاستهلاكي.
وأثارت عملية اعتقال كالفي استياءً واسعاً في أوساط الأعمال، ولدى عدد كبير من المسؤولين في الدولة، وأبدى بوريس تيتوف، مفوض حقوق الأعمال لدى الرئيس الروسي، استعداده لكفالة كالفي، وقال: إن ما يجري «مجرد نزاع بين شركات»، كما دعا الصندوق للتوجه بطلب المساعدة من الاتحاد الروسي للمنتجين ورجال الأعمال. وكذلك فعل كيريل دميتريف، مدير صندوق الاستثمارات الروسية المباشرة، الذي أشاد بما قدمه صندوق كالفي للاقتصاد الروسي، وتقدم بطلب خطي لتغيير قراره احتجازه في السجن إلى «إقامة جبرية» في المنزل. وانضم إليه لاحقاً في هذا الطلب، وفي الدفاع عن كالفي كل من مدير مصرف «ألفا بنك» وحتى السفير الأرميني في روسيا، وعدد آخر من المسؤولين وكبار رجال الأعمال.
من جانبه، أكد أليكسي كودرين، رئيس غرفة الحساب الروسية، دعمه المطالبة بنقل كالفي إلى «إقامة جبرية»، ووعد التقدم بطلب مماثل عندما يتطلب الأمر، ووصف اعتقاله بأنه «حالة طارئة للاقتصاد الروسي»، ورأى أنه مؤشر على «عدم تنفيذ توجيهات الرئيس بوتين بعدم الاعتقال في الجرائم الاقتصادية»... إلا أن كل تلك الأصوات لم تحدث أي تغيير، وما زال كالفي قيد الحجز على ذمة القضية بأوامر قضائية؛ رغم الوساطة من المسؤولين الرسميين.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.