الحوثيون يعطّلون «إعادة الانتشار» في الحديدة إلى أجل غير معلوم

وفد الحكومة اليمنية يرتّب مع الأمم المتحدة لنقل الغذاء من المخازن

الحوثيون يعطّلون «إعادة الانتشار» في الحديدة إلى أجل غير معلوم
TT

الحوثيون يعطّلون «إعادة الانتشار» في الحديدة إلى أجل غير معلوم

الحوثيون يعطّلون «إعادة الانتشار» في الحديدة إلى أجل غير معلوم

عطّلت الميليشيات الحوثية، أمس، عملية الانسحاب المقررة في مرحلتها الأولى من ميناءي الصليف ورأس عيسى بمحافظة الحديدة، بعد اختلاقها عراقيل جديدة أمام البدء في تنفيذ الاتفاق الجزئي الذي وافقت عليه الحكومة الشرعية.
وأكد محافظ الحديدة، الدكتور الحسن طاهر، أن الميليشيات الانقلابية لم تلتزم بتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار في محافظة الحديدة، التي كان من المتوقع أن تتم أمس بانسحابها من ميناءي الصليف ورأس عيسى لمسافة 5 كيلومترات مقابل انسحاب القوات الحكومية لمسافة كيلومتر واحد بالتزامن مع عملية نزع الألغام من المناطق المنسحب منها، والتحقق من ذلك.
وقال المحافظ في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: إن الميليشيات تتلكأ في تنفيذ الاتفاق وتعيق طريق إحلال السلام، موضحاً أن هذه الجماعة منذ قيامها بالعملية الانقلابية على الحكومة الشرعية وحتى الآن لم تفِ بوعدها، ولا تلتزم مع المجتمع الدولي بمطالب المبعوث الخاص مارتن غريفيث، والجنرال مايكل لوليسغارد، رئيس لجنة التنسيق وإعادة الانتشار.
وفي حين تأجلت عملية الانسحاب الحوثي، أمس، إلى أجل غير معلوم، أكد محافظ الحديدة، أن ممثلي الحكومة الشرعية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار سيتجهون اليوم (الثلاثاء) إلى مطاحن البحر الأحمر (مخازن الغذاء) حسب الاتفاق، وسيلتقون كبير المراقبين الدوليين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، حيث سيجري الترتيب مع الفرق الأممية لنقل القمح والمواد الغذائية المخزنة تمهيداً لتوزيعها.
وعطّلت الجماعة الحوثية عملية إعادة الانتشار، لأسباب غير معروفة، ورغم تصريح قياداتها لوسائل الإعلام بأن الجماعة ملتزمة بتنفيذ عملية الانسحاب ودعم جهود الجنرال الأممي. وتقضي الخطة الأممية بأن «يتم الانسحاب على مرحلتين، في الأولى يتم الانسحاب الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى، وفي الخطوة الثانية يكون الانسحاب الكامل من ميناء الحديدة وفتح الممر الإنساني»، وهو ما وافقت عليه الحكومة اليمنية، مع اشتراطها التحقق من الإجراءات قبل الانتقال إلى الجزء الثاني. ويقول أعضاء الفريق الحكومي في لجنة تنسيق الانتشار إنهم لم يلمسوا أي جدية من الطرف الانقلابي الذي لا يزال يناور إعلامياً، في حين على الأرض يعرقل الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق استوكهولم.
في غضون ذلك، أفادت المصادر الرسمية بأن الرئيس عبد ربه منصور هادي التقى أمس رئيس الوزراء السويدي كيل ستيفان لوفن، على هامش أعمال مؤتمر القمة العربية - الأوروبية التي اختتمت أمس بمدينة بشرم الشيخ المصرية. وأشاد هادي بجهود السويد الحميدة في الدفع بمسار السلام في اليمن من خلال استضافتها مشاورات استوكهولم، وما ترتب عنها من تفاهمات بشأن الموانئ والوضع في الحديدة، التي تعد خطوة أولى على طريق السلام الذي ينتظره اليمنيون، وقال الرئيس اليمني، إنه «وجّه الفريق الحكومي الميداني بالتعاطي الإيجابي لتنفيذ خطوات الاتفاق رغم مماطلة وتسويف ميليشيات الحوثي الانقلابية من الالتزام بما تم الاتفاق عليه». وبحسب ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، أشار هادي إلى الخطوات والجهود التي قامت بها الحكومة الشرعية من خلال صرف مرتبات مختلف الأجهزة الحكومية بمحافظة الحديدة والمحافظات التي ما زالت تقع تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية لاعتبارات إنسانية رغم عبث الميليشيات بموارد تلك المحافظات وتسخيرها لما يسمى مجهودها الحربي». وكانت الحكومة الشرعية بدأت أمس صرف رواتب شهرين دفعة واحدة لجميع موظفي القطاع الحكومي في محافظة الحديدة، بما فيها الأجزاء الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية في سياق الالتزام الحكومي الإنساني وتخفيف المعاناة على السكان.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني، أثناء لقائه أمس في شرم الشيخ وزير الخارجية والتعاون الأوروبي، الإسباني جوزيب بوريل: «إن المجتمع الدولي مدعو اليوم لممارسة المزيد من الضغط على الطرف الحوثي للانصياع وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها برعاية المجتمع الدولي». وذكرت المصادر الرسمية، أن لقاء اليماني مع المسؤول الإسباني كُرّس «لمناقشة مستجدات الأوضاع في اليمن عقب التوصل إلى اتفاقات استوكهولم، والزخم الذي ترتيب عنها لإنجاز خطوات بناء الثقة التي تقوم على خروج ميليشيات الحوثي الانقلابية من مدينة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمختطفين والمخفيين قسراً، وفتح الممرات الإنسانية في تعز».
من جهته، شكّك وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، في نوايا فريق الرقابة التابع للأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، بعد رفضهم مقترح الحكومة اليمنية إخراج كميات من القمح من مطاحن البحر الأحمر عبر الممرات الآمنة. وقال الإرياني في تغريدة على «تويتر»: «فريق الرقابة التابع للأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي يرفضون التعاطي مع مقترح الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار بإخراج كميات القمح المخزنة في صوامع البحر الأحمر والمساعدات الإنسانية عبر الممرات الآمنة الواقعة ضمن سيطرة الجيش من المطاحن جنوباً حتى مديرية الخوخة». وأضاف الوزير اليمني: إن «استمرار فريق الرقابة الدولية في رفض المقترح الحكومي بخصوص الممرات الإنسانية الآمنة رغم تعنت الميليشيات الحوثية في تنفيذ باقي المقترحات ورفع الألغام في حي 7 يوليو أو كيلو16، يثير الكثير من علامات الاستفهام».
وفي مسعى من الجماعة الحوثية لإلقاء تهمة التعطيل على الجانب الحكومي في تنفيذ إعادة الانتشار، زعم القيادي في الجماعة محمد عياش قحيم، المعيّن من قبل الميليشيات في منصب المحافظ في الحديدة، أن الفريق الحكومي «يريد أن ينقلب على اتفاق السويد عبر إرسال كتائب عسكرية لتسلم الموانئ»، وهي إشارة إلى رفض الجماعة نشر قوات الأمن الحكومية بعد تنفيذ الانسحاب الحوثي.
إلى ذلك، كشف المتحدث باسم القوات الحكومية في الحديدة وضاح الدبيش، عن أن الفريق الحكومي سلم أسماء المراقبين من طرف الحكومة إلى رئيس لجنة المراقبين الدوليين. وقال في بيان على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: إن الخطة الحكومية المقترحة تتضمن بدء الانسحاب في المرحلة الأولى غداً (اليوم/ الثلاثاء) عند الثامنة صباحاً، وأن تتضمن تشكيل فريقين مراقبين بواقع ثلاثة أشخاص في كل فريق من الجانب الحكومي؛ من أجل القيام مع الجنرال لوليسغارد ولجنة إعادة الانتشار الحكومية، بالمراقبة والإشراف والتأكد من انسحاب ميليشيات الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى لمسافة خمسة كيلومترات شرقاً والمحددة والمقرة من قبل رئيس لجنة المراقبين الدوليين لمدة ثلاثة أيام متتالية. كما تتضمن مهمة المراقبين الحكوميين المراقبة والإشراف على سحب وخلو الميليشيات الانقلابية لجميع الأسلحة ومعداتها الثقيلة والمتوسطة من ميناءي الصليف ورأس عيسى وما بين المسافة المحددة، والتأكد من عدم وجود أي جيوب وأوكار، والتأكد من دفن الخنادق والأنفاق داخل المنشأتين وعلى طول خط الانسحاب.
وتشتمل الخطة من قبل الفريق الحكومي - بحسب الدبيش - على فريق خبراء دوليين بالمراقبة والإشراف على نزع وإخلاء الألغام والعبوات الناسفة من داخل المنشأتين وعلى طول خط الانسحاب، وذلك بعد تسلمهم الخرائط مرفقة بإشعار خطي بإخلاء المنشأتين من الألغام والعبوات الناسفة، حيث بموجب ذلك سيتم دخول فريق المراقبين الحكوميين بمعية رئيس لجنة المراقبين الدوليين. كما يتولى فريق المراقبين من الجانب الحكومي رفع تقرير عن مدى التزام ميليشيات الحوثي بتنفيذ وتطبيق المرحلة الأولى من عملية إعادة الانتشار.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.