مصر تبث «الأذان الموحد» في القاهرة

تمهيداً للتعميم على جميع المساجد

TT

مصر تبث «الأذان الموحد» في القاهرة

بثت مصر، أمس، الأذان الموحد في القاهرة، وأكدت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، أنه تم بدء البث في 100 مسجد بالعاصمة، بعد الانتهاء من الإجراءات الفنية والتقنية والإدارية لإعادة الأذان الموحد وتعميمه على المساجد في ربوع البلاد. وقال مصدر في الأوقاف إن «الوزارة تهدف من توحيد الأذان إلى القضاء على الأصوات غير المقبولة التي تصدر من بعض المؤذنين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كما تهدف الفكرة إلى تقليل الأخطاء في المساجد، وإنهاء الخلل في التوقيت بين المساجد، وتوفير صوت جيد يسمعه كل المصريين في وقت واحد».
وأكد عمرو شكري، المشرف على الأذان الموحد في الأوقاف، أن «البث سوف يستمر أسبوعين كنوع من التجريب، بعدها يتم تقييم التجربة وتعميمها على مراحل لتشمل كل المساجد بمحافظات مصر»، موضحاً أنه تم اختبار أجهزة الاستقبال بالمساجد التي بدأت البث، أمس، مشيراً إلى أنه تمت إعادة الأذان الموحد بالتعاون مع وزارة الاتصالات، والهيئة العربية للتصنيع، وكلية الهندسة جامعة القاهرة؛ عقب التجهيز التقني للأذان، والذي يتم بثه من المقطم (جنوب القاهرة) إلى مبنى الإذاعة المصرية بماسبيرو، لتستقبله المساجد في الأوقات الشرعية للأذان.
وتجربة الأذان الموحد ليست جديدة، حيث تم تطبيقها في مساجد بالقاهرة عام 2011؛ لكنها لم تستمر، بعدما واجهت هجوماً كبيراً من جماعات الإسلام السياسي، ومطلع 2018 وبعد مطالبات كثيرة بضرورة إكمال التجربة، أعلن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، «إطلاق البث التجريبي للأذان الموحد، وراهن على نجاح التجربة دون خلل، عبر اختيار أصوات متميزة لرفع شعيرة الأذان الموحد»؛ لكن لم يتم التطبيق دون ذكر الأسباب، حسب مراقبين.
وأوضح المشرف على الأذان الموحد في الأوقاف أن مساجد «الفتح في ميدان رمسيس، وحسان بن ثابت بحدائق القبة (شرق)، وجامع البنات بالأزهر» من المساجد التي بدأ بها الآذان الموحد، أمس.
ويشار إلى أن وزارة الأوقاف تختار أفضل المؤذنين بعد اجتياز اختبارات متنوعة لرفع الأذان الموحد بأفضل الأصوات، حيث إن «دار الإفتاء وافقت على الأذان الموحد».
ورغم تأكيد الأوقاف نجاح تجربة الأذان الموحد هذه المرة؛ فإن المراقبين أكدوا أنها «تتنافى مع مسألة روحانيات المؤذن والأذان، خصوصاً أن كل حي اعتاد على سماع صوت معين، فلا يجوز إجبار سكانه على أذان موحد تحت أي مبرر من المبررات».
في غضون ذلك، قررت وزارة الأوقاف أمس، نشر خطبة الجمعة أسبوعياً بعدة لغات لا تقل عن خمس لغات. وقال وزير الأوقاف إن هذه الخطوة تأتي في ضوء الإيمان بأن الدين الإسلامي هو دين الرحمة للناس أجمعين، وحرصاً على ترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعاً من خلال تواصل الحضارات لا تصادمها، موضحاً أنه سيتم نشر الخطبة مكتوبة ومسموعة ومرئية «بالصوت والصورة» من خلال قيام عدد من أساتذة اللغات المتخصصين بتسجيلها في المركز الإعلامي بوزارة الأوقاف أسبوعياً.
وأضاف الوزير أنه سيتم نشر الخطبة مسموعة باللغة العربية، ومرئية بلغة الإشارة خدمةً لذوي القدرات الخاصة، ونشر ذلك كله على نطاق واسع من خلال موقع وزارة الأوقاف، وقناة الوزارة على «يوتيوب»، وموقع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وموقع أكاديمية الأوقاف، وموقع مركز الثقافة الإسلامية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».