أوروبا تسلح الأكراد ومخاوف من تفجير سد الموصل

مجلس الأمن يهدد بالتحرك ضد ممولي {داعش} و{النصرة}

مساعدات ألمانية في طريقها إلى شمال العراق أمس لمساعدة النازحين (رويترز)
مساعدات ألمانية في طريقها إلى شمال العراق أمس لمساعدة النازحين (رويترز)
TT

أوروبا تسلح الأكراد ومخاوف من تفجير سد الموصل

مساعدات ألمانية في طريقها إلى شمال العراق أمس لمساعدة النازحين (رويترز)
مساعدات ألمانية في طريقها إلى شمال العراق أمس لمساعدة النازحين (رويترز)

اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماع طارئ في بروكسل أمس على دعم تسليح المقاتلين الأكراد في العراق ودعوا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بسرعة في البلاد. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير «توصلنا إلى موقف مشترك يفيد في مضمونه أن الاتحاد الأوروبي يرحب بتلبية بعض الدول طلب قوات الأمن الكردية». وأضاف «من غير الواضح بعد أي معدات ستستخدم أو ستلزم».
وأفادت خلاصات الاجتماع أن الوزراء اتفقوا على «الترحيب بقرار دول أعضاء تلبية النداء الذي أطلقته السلطات المحلية الكردية لتزويدها بالمعدات العسكرية بشكل عاجل». وفيما يعود قرار تسليم الأسلحة إلى كل من الدول الأعضاء، برزت إشكالية التوصل إلى موقف يعلن فيه مجلس أوروبا الذي يمثل الدول الأعضاء الـ28 من حيث دوره «تأييد هذه الجهود وإبداء دعمه للأكراد ولحكومة بغداد» على ما أعلن مسؤول أوروبي رفيع قبل الاجتماع.
وقال دبلوماسي أوروبي لاحقا إن «هذه خطوة قوية وتبعث بالرسالة السياسية المطلوبة» وعلى الأخص من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا.
وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «تسليم معدات عسكرية قريبا، تلبية لطلب رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسعود برزاني». وذكر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس أن فرنسا كانت على هذا الصعيد «إحدى أولى الدول التي تتحرك» وتسلم الأسلحة إلى المقاتلين الأكراد الذين يحاولون صد تقدم مسلحي تنظيم «داعش» المتطرف في العراق. أما لندن فتبحث «من منظار إيجابي» إمكانية تسليح القوات الكردية في حال تلقت طلبا بذلك. كما رحب الوزراء «بتعيين رئيس الوزراء العراقي» حيدر العبادي، بعد قرار سلفه نوري المالكي مغادرة الحكم.
وأكدوا في الخلاصات أن «الاتحاد الأوروبي واثق من أن رئيس الوزراء سيشكل حكومة جديدة بشكل عاجل، ويشدد على أهمية أن تشمل الجميع وتكون قادرة على تلبية الحاجات والتطلعات المشروعة» للعراقيين من أجل «تمهيد الطريق إلى حل سياسي للأزمة». كما أدان الوزراء «الفظائع» التي واكبت هجوم «داعش». وأضافوا أن «بعض هذه الأعمال المرتكبة في العراق وسوريا قد تشمل جرائم ضد الإنسانية وينبغي التحقيق فيها».
ومن المحتمل أن تبدأ التشيك في توريد أسلحة خفيفة أو ذخائر إلى الأكراد في شمال العراق نهاية أغسطس (آب) الحالي لمقاومة ميليشيات تنظيم «داعش». وقال متحدث باسم الخارجية التشيكية في براغ إن هناك خيارين، أحدهما أن الحكومة التشيكية من الممكن أن توافق على صفقات سلاح تجارية مع الأكراد، والآخر أن تعطي أوامر بتوريد ذخائر من فوائض الجيش. وأوضح المتحدث أن هذا الأمر يتطلب في كل الأحوال قرارا من مجلس وزراء حكومة يسار الوسط بقيادة رئيس الوزراء بوهوسلاف سوبوتكا، التي بدأت عطلة صيفية لمدة أسبوعين.
من جهة ثانية ذكر مسؤول كردي في محافظة ديالى أن تنظيم «داعش» بدأ في توسيع جبهاته القتالية مع البيشمركة في مناطق المحافظة، باتجاه إقليم كردستان.
وأكد المسؤول أن التنظيم المتشدد بدأ حشد قواته قرب ناحية قرتبة جنوب قضاء كفري، في حين بيّن مصدر في قوات البيشمركة سيطرة قواته على جزء من سد الموصل، محذرا من نية «داعش» تفجير السد.
وأكد كامران برايتي مسؤول اللجنة المحلية للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في ناحية قرتبة، لـ«الشرق الأوسط»، وجود «داعش» في قرتبة.. «لكن لم تحدث أي موجهات الآن مع البيشمركة، حتى اليوم (أمس).. دخل مسلحو (داعش) إلى قرية عوامل الجبور التابعة لناحية قرتبة، وكانت قواتهم تتكون من ثماني سيارات، والتقوا وجهاء القرية وأبلغوهم أنهم سيأتون إلى هذه المنطقة، حقيقة بدأت تحركاتهم الأولية منذ أول من أمس، ونصبوا علمهم، وطالبوا من الأهالي حماية هذا العلم، (داعش) تريد أن تقوي موقعها في قرتبة وتنظم صفوها، وبالتالي تُستفاد كمنفذ من هذه الناحية، فيما إذا شنت قوات البيشمركة هجوما على جلولاء لاستعادتها». وحذر برايتي من نية «داعش» في السيطرة على قرتبة، ومن ثم التقدم نحو كفري وكلار القريبتين من قرتبة، وقال: «(داعش) يريد أن تسيطر على قرتبة لتشكل خطورة حقيقية على كفري وكلار ومناطق الإقليم الأخرى»، مبينا أن هناك تعاونا كبيرا بين «داعش» وجميع العشائر والقرى العربية التابعة لقرتبة، وكشف أن هناك مخططا من قبل مسلحي «داعش» بالهجوم الفجائي على قرتبة، والسيطرة عليها بالتعاون مع هذه القرى التي أبدت دعما لـ«داعش» ورفع أعلامه على عدد منها.
وأشار برايتي إلى أن قوات البيشمركة على استعداد لمواجهة أي هجوم لـ«داعش»، وطالب، في الوقت ذاته من وزارة البيشمركة، إرسال قوات أكثر إلى هذه المنطقة، والحفاظ على قرتبة، قبل أن تسقط بيد «داعش»، موضحا أن رئيس مجلس محافظة ديالى زار قرتبة، أول من أمس، ووزع مجموعة من الأسلحة على المواطنين الشيعة في الناحية ليدافعوا عن أنفسهم، إذا ما هاجم «داعش» الناحية.
ووسع تنظيم «داعش» منذ بداية أغسطس (آب) الحالي جبهاته مع قوات البيشمركة الكردية في جميع مناطق سهل نينوى ومحافظة ديالى، أما في صلاح الدين وكركوك، فإن التنظيم بدأ بمهاجمة مواقع البيشمركة.
واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين استطاعت البيشمركة التصدي لهذه الهجمات، وتمكن «داعش»، خلال الأيام الأسابيع الماضية، السيطرة على أغلب مناطق سهل نينوى وقضاء سنجار وزمار وسد الموصل، وناحية جلولاء بمحافظة ديالى، بعد أن انسحبت قوات البيشمركة منها، في المقابل، تمكنت قوات البيشمركة، بعد معارك دامت لساعات، أن تستعيد السيطرة على مخمور والكوير غرب الموصل، في حين بينت قيادات البيشمركة أنها تنتظر ساعة الصفر للبدء باستعادة المناطق الأخرى.
وقال اللواء عبد الرحمن كوريني آمر لواء «سبيلك» التابع لقوات البيشمركة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن قواته تسيطر على جزء من سد الموصل «لكن مسلحي (داعش) يسيطرون على الجزء الأكبر، أو بالأحرى، على مركز السد، هناك مخاوف حقيقية من أن تقدم (داعش) على تفجير السد، الأمر الذي سيؤدي إلى غرق بغداد بالكامل والموصل ومناطق أخرى من العراق». وتابع كوريني: «أتوقع أنهم يعملون في هذا الاتجاه حاليا، ويجب أن يكون هناك تنسيق من قبل بغداد، لأن واجب استعادة السيطرة على السد وحمايته وتأمينه ليس واجبنا نحن فقط، بل هو واجب بغداد والمجتمع الدولي أيضا»، مشيرا إلى أنهم ينتظرون الأوامر للتحرك ومهاجمة «داعش».
وأوضح أن «هذا الهجوم يحتاج إلى إمكانيات بغداد، ودعا القرى العربية إلى العدول عن تقديم الدعم لمسلحي (داعش)، وعدم خلط قضيتهم بقضية (داعش) وعدم محاربة البيشمركة، لأنهم، ولهذه اللحظة، يتعاونون مع (داعش)، ويسهِّلون له المهمة».
ويرى المراقب الأمني سعيد الجياشي أن تنظيم «داعش» اتخذ عدة مسارات اقتصادية لتوسيع نفوذه على الأرض، وقال الجياشي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن دققنا النظر في حركة تنظيم (داعش) نجد أنها تسير مع وجود النفط والسدود وتهديد المجتمعات التي تشعر بالاستقرار، وهي ثلاث نقاط أساسية جرت ملاحظتها خلال تشكيل هذا التنظيم، وبالتالي فاستراتيجية (داعش) مبنية على تفكيك المجتمعات وإشاعة الفوضى وطمس الهوية الديموغرافية، لأي مدينة أو منطقة تسيطر عليها».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.