انتخابات فرعية تعيد خلط الأوراق في عاصمة الشمال اللبناني

ريفي يحسم ترشّحه و«الأحباش» لن يخلوا الساحة وكبارة يريد نجله

الرئيسان الحريري وميقاتي خلال أحد لقاءاتهما
الرئيسان الحريري وميقاتي خلال أحد لقاءاتهما
TT

انتخابات فرعية تعيد خلط الأوراق في عاصمة الشمال اللبناني

الرئيسان الحريري وميقاتي خلال أحد لقاءاتهما
الرئيسان الحريري وميقاتي خلال أحد لقاءاتهما

فوجئ الشارع الطرابلسي مع بدء الاستعدادات لإجراء الانتخابات الفرعية لملء المقعد النيابي الذي شغر بقبول المجلس الدستوري الطعن المقدّم من طه ناجي مرشّح «جمعية المشاريع» (الأحباش) في نيابة ديما جمالي (المستقبل) بوجود رغبة لدى النائب عن طرابلس الوزير السابق محمد كبّارة في تقديم استقالته من البرلمان إفساحاً في المجال أمام ترشيح نجله كريم، ما قد يعيد خلط الأوراق في العملية الانتخابية، خصوصاً أن الوزير السابق أشرف ريفي حسم أمره وبدأ يتحضّر لإعلان ترشُّحه في 14 مارس (آذار) المقبل.
لكن النائب كبارة الذي تواصل مع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري ونقل إليه رغبته في تقديم استقالته من البرلمان لمصلحة ترشيح نجله كريم لم يلقَ بعد قبولاً من الحريري الذي تمنى عليه التريُّث وعدم حسم أمر استقالته، وتواعدا على عقد لقاء فور عودة الحريري من شرم الشيخ التي توجّه إليها أمس لتمثيل لبنان في قمة الحوار العربي - الأوروبي التي استضافها أمس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
هل ينجح الرئيس الحريري في إقناع حليفه النائب كبارة بأن يصرف النظر عن استقالته أم أنه سيصرّ عليها ويتقدّم بطلب في هذا الخصوص من رئيس المجلس النيابي نبيه بري؟ عندها سيضطر بري إلى طرح الأمر على الهيئة العامة في البرلمان في أول جلسة نيابية يعقدها ليأخذ علماً بها لأنه لا صلاحية تجيز لهذه الهيئة رفضها والتعامل معها كأنها لم تكن.
والإجابة على هذا السؤال تنتظر ما سيؤول إليه لقاء الحريري - كبّارة، وفي حال اقتنع الأخير بسحب استقالته من التداول فإن المعركة الانتخابية ستبقى محصورة في ملء المقعد النيابي الشاغر على أن تجري على أساس النظام الأكثري.
أما إذا أصرّ كبّارة على استقالته فهل تشكَّل لائحة من المرشَّحَيْن ديما جمالي وكريم كبّارة لمنافسة اللوائح الأخرى؟ وذلك في ضوء ما يتردد بأن المعركة في هذه الحال ستشهد مواجهة بين ثلاث لوائح إن لم يكن أكثر.
وفي هذا السياق يتردد بأن الحريري سيبذل قصارى جهده لإقناع كبّارة بعدم استقالته من البرلمان وهو كما تقول أوساط طرابلسية لـ«الشرق الأوسط» قادر على إقناعه وإنما لا يريد ذلك على مضض لئلا يؤدي إلى تراخي قاعدته الانتخابية وعدم حماستها لدعم ترشُّح جمالي.
وإلى أن يكتمل المشهد السياسي الانتخابي في طرابلس ترشحاً وتحالفاً فإن «المشاريع» ما زالت تدرس خياراتها الانتخابية، انطلاقاً من إمكاناتها المادية لتوفير المال المطلوب لتغطية نفقات المصاريف الانتخابية من جهة وتأمين أوسع تحالف انتخابي لدعم ترشُّح ناجي على قاعدة الارتكاز إلى تحالفاتها السابقة وتحديداً في طرابلس مع حليفها النائب فيصل كرامي و«الحزب الديمقراطي العربي» الذي يتمتع بنفوذ واسع لدى الطائفة العلوية في جبل محسن وقوى سياسية أخرى.
وكان تردد بأن «المشاريع» تدرس حالياً من بين خياراتها عزوفها عن خوض الانتخابات إذا ما انحسرت المنافسة على المقعد النيابي الذي شغر بقبول الطعن في نيابة جمالي، مع «المستقبل» على أمل أن يؤدي خيارها هذا إلى إعطاء فرصة لترميم علاقتها بالرئيس الحريري.
لكن مثل هذا الخيار قد لا يلقى تسويقاً لدى جمهور «المشاريع» بذريعة أنه من غير الجائز إخلاء الساحة الانتخابية لخصومهم في طرابلس، إضافة إلى أن القرار في هذا الشأن يتجاوزهم إلى خارج الحدود.
وبكلام آخر، بحسب الأوساط الطرابلسية، فإن «جمعية المشاريع» لن تتخذ منفردة قراراً بأهمية خوض الانتخابات الفرعية من دون الوقوف على رأي حلفائها في الداخل ومن خلالهم النظام في سوريا الذي ليس في وارد تسهيل الانتقال السلمي للنيابة، من الطعن بنيابة جمالي إلى إعادة انتخابها في غياب من ينافسها، خصوصاً أنها تنتمي إلى «المستقبل» في وقت يحاول الثأر منه على مواقفه من النظام. كما أن الحديث عن عدم اكتمال المشهد الانتخابي في طرابلس سواء أصرّ كبارة على استقالته أو تجاوب مع رغبة الحريري وعدل عن تقديمها، يستحضر موقف الرئيس نجيب ميقاتي الذي حل أولاً بأشواط في حصوله على الصوت التفضيلي في الانتخابات العامة التي جرت في مايو (أيار) الماضي، إضافة إلى موقف النائب السابق محمد الصفدي الذي سيقف حتماً بلا أي تردد إلى جانب دعم جمالي.
والرئيس ميقاتي الذي كان التقى الحريري بعيداً عن الأضواء يؤكد على تحالفه المتين معه، ويتطلّع إلى مصلحة طرابلس وأهلها من خلال العملية الانتخابية. وهذا يعني أن مبادرته إلى تشغيل ماكينته الانتخابية سيكون له تأثير في رفع منسوب الاقتراع.
وإلى أن تتضح الصورة النهائية للمشهد الانتخابي في طرابلس، فإن تعدّد اللوائح الانتخابية يتوقّف على قرار كبّارة بالاستقالة أو صرف النظر عنها من دون أن يدفع في اتجاه عزوف ريفي عن الترشّح. لكن في مطلق الأحوال فإن المنازلة الانتخابية في طرابلس لن تكون نسخة طبق الأصل عن الانتخابات العامة، نظراً لتبدُّل التحالفات في ضوء العلاقة الوثيقة القائمة يبن الحريري وميقاتي خلافاً لما كانت عليه في السابق التي شهدت في حينها خصومة سياسية وانتخابية.
كما أن نسبة الاقتراع يمكن أن تزيد عن سابقتها في طرابلس التي بلغت في الانتخابات العامة نحو 31 في المائة من عدد الناخبين وهذا يتوقف على حجم الاستنفار في معركة سياسية بامتياز.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».