متحدث حماس لـ {الشرق الأوسط}: «قضية بروكلين» سياسية

مع نظر محكمة أميركية دعاوى ضد مصرف عربي

أسامة حمدان
أسامة حمدان
TT

متحدث حماس لـ {الشرق الأوسط}: «قضية بروكلين» سياسية

أسامة حمدان
أسامة حمدان

وصف أسامة حمدان مسؤول العلاقات الخارجية في حركة حماس قضية البنك العربي التي أقامها مدعون بسبب حسابات، يقولون إن لها علاقة بحماس في بروكلين بالولايات المتحدة بأنها «قضية سياسية» في المقام الأول.
وقال حمدان في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» إن حسابه البنكي في البنك العربي معطل ومغلق منذ سنوات طويلة، واستغرب حمدان توقيت القضية والزخم الإعلامي الذي يلاحقها، في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، وأضاف «هناك أدلة واضحة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب، ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، خلال نحو شهر من الزمان، ولكن هل يمكن أن نتقدم بقضايا ضد إسرائيل في الولايات المتحدة». وأوضح حمدان أن تفعيل القضية في هذا الوقت بالذات جاء للتغطية على جرائم الحرب الإسرائيلية التي ارتكبت في غزة. وأضاف «لو تقدم أحد من الفلسطينيين الآن بقضايا ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أو أحد من قادة إسرائيل إلى المحاكم الأميركية بتهم ارتكاب جرائم حرب هل ستقبل المحاكم الأميركية مثل هذا النوع من القضايا، أم أن المسالة لها هدف آخر، والواضح أن الهدف هو التغطية على الجرائم الإسرائيلية التي وقعت في غزة».
وقال حمدان «إن الهدف أيضا من القضية، مواجهة حالة التعاطف المتزايد مع الفلسطينيين في الشارع الأوروبي والأميركي، بعد قتل الآلاف من الأبرياء من أبناء غزة». وقال إن الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع لم يعد يحتمل الانتظار، وإنه لا بد من وضع حد لممارسات إسرائيل بحق الفلسطينيين. وأعرب «عن قناعته بوجود قلق إسرائيلي بالغ بسبب حالة الاحتجاج في العواصم الغربية من الضربات الإسرائيلية طوال أكثر من شهر لأهداف مدنية داخل قطاع غزة». وتحدث أن «داعمي إسرائيل في الولايات المتحدة باتوا يشعرون بالحرج والضغط من مجازر إسرائيل ضد الأهداف المدنية في غزة، ولذلك جرى الكشف عن هذه القضية في هذا الوقت للتغطية على ما جرى في حرب غزة». وأعتقد أن «القضية إهانة للنظام القضائي الأميركي، وقبول هذه القضية يرسم علامة استفهام على مهنية القضاء الذي قبلها، ومدى تأثر القضاء بالسياسة أكثر من ارتباطه بقضية الحق والعدل». وجاءت هذه القضية ضد فرع البنك العربي في منطقة المزرعة في بيروت بسبب حساب لأسامة حمدان المتحدث باسم حركة حماس، إذ يقول المدعون الذين يمثلون أميركيين تعرضوا لعمليات انتحارية أو تفجيرات خلال زيارتهم إلى إسرائيل إنه «أثناء فترة الست سنوات التي ظل فيها حساب السيد حمدان جاريا، تلقى الحساب ما لا يقل عن ثلاثة تحويلات مصرفية لصالح حركة حماس». ويؤكد البنك أنه بمجرد إضافة حمدان إلى إحدى القوائم الأميركية للإرهاب عام 2003، جرى إغلاق حسابه.
وتعرض هذه القضية كامل البنية التحتية المصرفية في منطقة الشرق الأوسط لمخاطر كبيرة. ويراقب بعض مديري البنوك التنفيذيين المحاكمة بشيء من التوتر، خشية إدانة البنك وما قد يعنيه ذلك من أن يصبح الخوض في أعمال تجارية في مناطق كثيرة بالعالم أمرا خطيرا للغاية.
وكانت المحاكمة التي تراقبها الأوساط المصرفية العالمية بقلق بدأت، أول من أمس، في دعوى مدنية في بروكلين في نيويورك ضد فرع البنك العربي في منطقة المزرعة في بيروت، واتهم محامون البنك العربي بتقديم دعم مادي كبير لحركة حماس. وهم يتهمون البنك العربي بانتهاك قانون أميركي لمكافحة الإرهاب يسمح لضحايا المنظمات التي تصنفها الولايات المتحدة على أنها منظمات إرهابية أجنبية بالمطالبة بتعويضات. وصنفت وزارة الخارجية الأميركية حماس على أنها منظمة إرهابية في عام 1997.
ومن المعتقد أن هذه أول قضية تتعلق بتمويل الإرهاب أمام محكمة مدنية ضد بنك يقدم للمحاكمة في الولايات المتحدة.
وقال البنك العربي إنه لم يتسبب في الهجمات، ولم يقدم دعما ماديا له، والمدعون الذين يبلغ عددهم نحو 300 يمثلون متوفين أو أفرادا بعائلات من ضحايا 24 من الهجمات داخل إسرائيل، وتبنت مسؤوليتها حماس، التي وقعت في أوائل الألفية الحالية.
وأشار المدعون إلى معاملات مصرفية معينة تتضمن الآتي: تحويل مبلغ قيمته 60 ألف دولار، عام 2001، إلى قيادي بحركة حماس، وفي حال فوز المدعين في هذه القضية، يمكن أن ينظر إلى هذه القضية بوصفها فريدة من نوعها، فمن شأن ذلك أن يعرض البنوك للمسؤولية القانونية فيما يتعلق بالمعاملات المصرفية المرتبطة بالمجرمين، بالإضافة إلى توفير وسيلة فعالة لضحايا الأعمال الإرهابية للمطالبة بالتعويض.
ويقول البنك العربي إن المعاملات المصرفية محل النقاش، التي أجريت عن طريق الخطأ تعد قليلة، وجرى اتخاذ الإجراءات السليمة بشأنها، وذلك من خلال فحص أسماء أصحاب الحسابات والمعاملات المصرفية التي تتعارض مع قوائم الإرهابيين المعمول بها.
وكان هناك تركيز كبير على أحد تلك الحسابات بعينه أثناء الجلسات الافتتاحية للمدعين بالمحكمة، وهو يخص أسامة حمدان المتحدث باسم حماس الذي فتح حسابا ما يطلق عليه «حساب بيروت»، في فرع البنك العربي بلبنان عام 1998.
وأشار المدعون إلى كثير من المعاملات المصرفية التي أُجريت من هذا الحساب، بما في ذلك تحويل حمدان لنحو 60 ألف دولار إلى قيادي بحركة حماس عام 2001. وفي حالات أخرى، جاءت تحويلات مالية إلى حساب حمدان، تحمل رقم حسابه، ولكن الاسم المخصص لحماس.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.