واشنطن تتوقع نهاية قريبة لحكم مادورو

لجوء عشرات العسكريين إلى كولومبيا والبرازيل... ومباحثات بين غوايدو وبنس في بوغوتا اليوم

جنود فنزويليون يتفقدون آثار الاشتباكات العنيفة أمس (أ.ف.ب)
جنود فنزويليون يتفقدون آثار الاشتباكات العنيفة أمس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تتوقع نهاية قريبة لحكم مادورو

جنود فنزويليون يتفقدون آثار الاشتباكات العنيفة أمس (أ.ف.ب)
جنود فنزويليون يتفقدون آثار الاشتباكات العنيفة أمس (أ.ف.ب)

أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، عن ثقته في أنّ «أيام» رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو «معدودة»، وسط الأزمة المتعلّقة بالمساعدات الإنسانية. وصرّح بومبيو لشبكة «سي إن إن» بأنّ «التوقّعات صعبة. وتحديد الأيام صعب... وأنا واثق أنّ الشعب الفنزويلي سيضمن أن تكون أيام مادورو معدودة».
وقبل ذلك بساعات، أعلن وزير الخارجية الأميركي في تغريدة، أن «الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات ضد هؤلاء الذين يعارضون إعادة الديمقراطية بشكل سلمي في فنزويلا. الآن هو وقت التحرك لدعم احتياجات الفنزويليين اليائسين». كما وصف بـ«العصابات» قوات الأمن الفنزويلية التي قمعت بشدة مظاهرات السبت، ما أوقع 4 قتلى وأكثر من 300 جريح من بينهم كولومبيون، وفق مصادر مختلفة.
وجاءت تصريحات بومبيو بعد أن خسرت المعارضة الفنزويلية رهانها على إدخال المساعدات الإنسانية المكدّسة على الحدود الكولومبية، وإحداث شرخ كبير في جبهة القوات المسلّحة التي ما زالت في غالبيتها الساحقة موالية للنظام.
وأدلى الرئيس بالوكالة خوان غوايدو بتصريحات أيقظت المخاوف من الخاتمة التي يخشاها متابعون لهذه الأزمة منذ بداية مرحلتها الراهنة أواخر الشهر الماضي، عندما أعلن غوايدو تولّيه الرئاسة بالوكالة مدعوماً بقوة من الولايات المتحدة التي حذّرت مراراً من استعدادها لحلها بالقوة إذا تعذّرت تسويتها بالطرق السلمية.
وفي نهاية مواجهات السبت، توجّه غوايدو إلى الهيئات والمؤسسات الدولية التي ساندته منذ بداية حركته بتصريحات أوحت كأنها تذهب أبعد من مجرد طلب الدعم المعنوي واللوجيستي. وقال في نهاية مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، والأمين العام لمنظمة البلدان الأميركية لويس آلماغرو: «إن الأحداث التي شهدناها اليوم تلزمني أن أطرح رسميّاً على الأسرة الدولية إبقاء كل الخيارات مفتوحة لتحرير الوطن الذي يناضل وسيستمرّ في نضاله حتى النهاية». وأضاف أن «هذا الأمل لم يولد كي يموت».
واستدرك غوايدو بعد ساعات عبر تغريدة جاء فيها أن «خيارات الأسرة الدولية هي مواصلة الحصار الدبلوماسي الذي فرضته على النظام الذي يغتصب السلطة من أجل إسقاطه، وتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة».
وساد القلق في أوساط العواصم المتابعة للأزمة، وعبّر بعضها عن خشيتها من أن يكون الرئيس بالوكالة قد قرّر الانتقال إلى مرحلة المواجهة العسكرية التي لم تتوقّف واشنطن عن التلويح بها. وتحذّر مصادر أوروبية من أن غوايدو قد بدأ يتخلّى عن الخطاب الهادئ والرزين الذي اتبّعه منذ بداية الأزمة، والذي أتاح له أن يجمع شمل المعارضة التي تتعدّد مشاربها العقائدية وتتباين استراتيجياتها لإسقاط النظام. وتعزو ذلك إلى الإحباط الذي يشعر به إزاء عجزه عن تغيير الواقع السياسي في البلاد ويقينه من أن الحكومة ما زالت تسيطر بشكل كامل على أجهزة الدولة التنفيذية. وتميل مصادر أخرى إلى الاعتقاد بأن غوايدو يتحرّك وفقاً لمخطط أميركي بالتدخّل العسكري لإنهاء الأزمة، بعد فشل المحاولات لدفع القيادات المسلحة أو إغرائها بالتخلّي عن مادورو، رغم انشقاق عشرات الجنود في اليومين الماضيين وإعلان جنرال سابق ولاءه للشرعية الجديدة.
ومن المقرّر أن يجتمع غوايدو اليوم (الاثنين)، في بوغوتا مع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي يدير ملف الأزمة الفنزويلية، والذي سيشارك في الاجتماع الطارئ الذي تعقده «مجموعة ليما»، المنبثقة عن منظمة البلدان الأميركية وتضمّ دول أميركا اللاتينية المعارضة بشدة لنظام مادورو. ويعلّق المراقبون أهمية كبيرة على اللقاء الذي سيضمّ الرئيس الفنزويلي بالوكالة ونائب الرئيس الأميركي في العاصمة الكولومبية، التي انتقل إليها عدد كبير من قيادات المعارضة.
وكان غوايدو قد أعلن أنه يتوجّه إلى بوغوتا «لمواصلة الطريق والاجتماع مع الحلفاء في الأسرة الدولية لتحديد وتنظيم الخطوات المقبلة والتنسيق لإنهاء معاناة الشعب الفنزويلي». ومعروف أن أطرافاً عدة في المعارضة الفنزويلية تعتبر أن الحفاظ على التوازن بين الضغط الشعبي في الداخل، والضغوط السياسية الخارجية أساسي، لكنها ترى في أداء الإدارة الأميركية ما يقوّض صدقيّة التحرّك الذي تقوم به المعارضة ويحدّ من شرعيته.
وتعتبر هذه الأطراف أن الدعم الأميركي ما زال ضروريّاً وحيويّاً، لكنها تخشى أن «مجرّد التفكير بمواجهة مسلّحة سيؤدي إلى فقدان غوايدو قدراً كبيراً جداً من التأييد في الأوساط الشعبية». وتخشى أن جنوح غوايدو إلى الحل العسكري «مُحبطاً أو مدفوعاً من واشنطن، سيفقده كثيراً من الدعم الدولي، خصوصاً بين بلدان الاتحاد الأوروبي».
من جهتها، أمرت الحكومة الكولومبية طاقمها الدبلوماسي بمغادرة العاصمة الفنزويلية بعد إعلان مادورو قطع العلاقات مع بوغوتا. ومن واشنطن، أعلن الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تأييده غوايدو، فيما كان مستشار الأمن القومي جون بولتون يلغي رحلة مهمة كانت مقرّرة إلى كوريا الجنوبية ليتفرّغ لمتابعة تطورات الأزمة الفنزويلية. وصرّح: «أمام القوّات المسلّحة الفنزويلية فرصة لحماية الشعب الفنزويلي ومساعدته، وليس لدعم نظام مادورو وعصابة اللصوص التي تحيط به... اختاروا طريق الديمقراطية».
من جانبه، دان الاتحاد الأوروبي الأحد، أعمال العنف واللجوء إلى مجموعات مسلحة من قبل النظام الحاكم في فنزويلا لمنع دخول المساعدة الإنسانية، مؤكداً استعداده لزيادة هذه المساعدات. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد، فيديريكا موغيريني، في بيان باسم الدول الـ28 الأعضاء: «نرفض استخدام مجموعات مسلحة غير نظامية لترهيب المدنيين والمشرعين الذين تحركوا لتوزيع المساعدة»، مؤكدة استعداد الاتحاد «لزيادة مساعداته والعمل من أجل آليات تنسيق أمتن وأشمل بإدارة المؤسسات المختصة في الأمم المتحدة». وروى إدينسون سيسنيروس، الذي جُرح في مواجهات على جسر حدودي قطعته قوات من الحرس الوطني البوليفاري بين أورينيا الفنزويلية وكوكوتا الكولومبية، متحدثاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «أطلقوا غازات مسيلة للدموع، وكثيراً من الغازات، لم نتمكن من الصمود، كانت قوانا تضعف. وفيما كنا نحاول استعادة أنفاسنا، أطلقوا النار علينا». وأُحرقت شاحنتان مع حمولتهما من الأدوية بعد دخولهما فنزويلا من كولومبيا، بحسب ما أعلنت السلطات الكولومبية التي أمرت عندها شاحنات المساعدات الأخرى بالعودة إلى أدراجها. فيما عادت شاحنتا مساعدات أرسلتهما برازيليا أدراجهما. وأوضح مسؤول عن العمليات عبر مكبر الصوت: «أعطانا غوايدو الأمر بالحفاظ على المواد. نريد المرور بشكل سلمي». مضيفاً: «أثمن ما لدينا هو حياتنا، لا نريد قتلنا».
وقُتل 4 أشخاص، أحدهم فتى في الرابعة عشرة بالرصاص في صدامات وقعت على الحدود بين البرازيل وفنزويلا، بحسب منظمة «فورو بينال» الحقوقية، التي اتّهمت العسكريين الفنزويليين بفتح النار على الحشد.
من جهة أخرى، عادت سفينة أدراجها بعد إبحارها من بورتوريكو مُحمّلة بمساعدات، إثر «تلقيها تهديداً مباشراً بإطلاق النار» من البحرية الفنزويلية، على ما أعلن حاكم الجزيرة الأميركية ريكاردو روسيلو.
وكان زعيم المعارضة خوان غوايدو الذي اعترف به نحو 50 بلداً رئيساً بالوكالة، حدد أول من أمس، مهلة أخيرة لتسليم فنزويلا مساعدات من المواد الغذائية والأدوية مخزنة في كولومبيا والبرازيل.
وفي تحدٍ لمادورو، انتقل غوايدو الجمعة، إلى كولومبيا رغم أمر قضائي صادر بحقه يمنعه من مغادرة أراضي فنزويلا. وأكد أن الجيش الذي يشكل عماد النظام التشافي «شارك» في عملية خروجه. ودعا السبت من مدينة كوكوتا الكولومبية القريبة من الحدود، الأسرة الدولية إلى «درس كل الاحتمالات» لمواجهة مادورو.
في غضون ذلك، ندّدت الحكومة الكولومبية المؤيدة علناً لغوايدو بـ«انتهاكات لحقوق الإنسان». وأعلن وزير الخارجية الكولومبي كارلوس هولمز تروخيلو أن «هذا العمل السلمي والإنساني تعطل انطلاقاً من فنزويلا في ظل نظام مادورو المغتصب، مع قمع عنيف وغير متناسب». وبينما دارت مواجهات على الحدود، جرت مظاهرتان متنافستان في كراكاس؛ الأولى بمشاركة محتجين ارتدوا ملابس بيضاء دعماً لغوايدو، والثانية بملابس حمراء دعماً لمادورو. وتجمع آلاف من أنصار غوايدو أمام المطار العسكري في لا كارلوتا لمناشدة الجيش السماح بمرور المساعدات.
وأعلن مادورو في خطاب ألقاه أمام آلاف من أنصاره قطع العلاقات الدبلوماسية مع بوغوتا، وأمهل الدبلوماسيين الكولومبيين 24 ساعة للمغادرة، معلناً: «اخرجوا أيها الأوليغارشيون».
غير أن رئيس كولومبيا إيفان دوكي الذي وصفه مادورو بـ«الشيطان»، يعتبر غوايدو الرئيس الوحيد في فنزويلا حالياً. وذكرت السلطات الكولومبية أن ما لا يقل عن 100 عسكري فنزويلي، بينهم عدد من الضباط فروا السبت، وانتقلوا دون أسلحتهم إلى كولومبيا حيث طلبوا اللجوء.
وعرف أحد العسكريين عن نفسه بأنه «الميغور هوغو بارا»، وهو يرتدي بدلة القوات المسلحة الوطنية البوليفارية. وقال للصحافة: «إنني أعترف برئيسنا خوان غوايدو، وسأكافح مع الشعب الفنزويلي في كل مرحلة».
إلى ذلك، لجأ عسكريان فنزويليان إلى البرازيل مساء السبت، بحسب ما صرّح لوكالة الصحافة الفرنسية الكولونيل البرازيلي جورج فارس كنعان، المسؤول في عملية «اوبيراسيون أكوجيدا» التي تستقبل المهاجرين القادمين من فنزويلا على الحدود بين البلدين.
وقال الضابط البرازيلي: «كنا هنا عند مركز المراقبة التابع لعملية استقبال» في باكارايما على حدود فنزويلا، «عندما جاء اثنان من أفراد الحرس الوطني الفنزويلي ليطلبا اللجوء».



مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».