إيزيدية تتحدث عن تجربتها مع «داعش»

TT

إيزيدية تتحدث عن تجربتها مع «داعش»

قالت امرأة إيزيدية من الأقلية الدينية في العراق، وكانت زوجة وأرملة عدد من الدواعش خلال حكم التنظيم الإرهابي، وهربت من آخر جيب للدواعش، إن قيادات «داعش» حللوا الرق، وسمحوا بأسواق رقيق لنساء يشترين ويبعن. وقالت فريال (20 عاماً) في مقابلة نشرت أمس الأحد، مع مراسلة صحيفة «واشنطن بوست»، في عمودة شرق سوريا، إنها أُسرت عام 2014، وبعد محاولات كثيرة للهرب، وخوفاً من إعدامها، قررت أن تقبل بما يحدث لها، بهدف المحافظة على حياة طفلها (5 سنوات).
وصفت «فريال» تجربة السير إلى الحرية لمدة 53 ساعة، وقالت إن طفلها كان يبكي طوال الطريق، وإنهم مروا بجثث في الظلام ملقاة على الأرض، وسط دمار وخراب.
وقالت الصحيفة إن «فريال»، التي طلبت عدم نشر اسمها كاملاً، تنتمي إلى الأقلية الإيزيدية في العراق، وهي «جماعة دينية ناطقة باللغة الكردية. وتعرضت لما أعلنت الأمم المتحدة عن أنها إبادة جماعية»، وإن متطرفي «داعش» اختطفوا آلاف الإيزيديين والإيزيديات خلال يوم واحد في أغسطس (آب) عام 2014، وإنهم «ذبحوا الرجال، وألقوا بهم في مقابر جماعية، وأجبروا النساء على الاستعباد الجنسي».
أثناء استعبادها، قالت فريال إنها «كانت مملوكة لستة (داعشيين) مختلفين»، وإن الداعشيين «كانوا يحولون ملكيتها من (داعشي) إلى آخر، وفي بعض الأحيان، عندما يريد واحد منهم شريكة جنسية جديدة، أو عندما يسوي اثنان صفقة، أو تسديد دين، مع (داعشي) آخر». وأضافت: «كانوا وحوشاً، وعاملونا مثل الحيوانات».
وقالت الصحيفة إن «الفظائع التي ارتكبتها (داعش) ضد الإيزيديين دفعت بالولايات المتحدة إلى شن ضربات جوية ضد مسلحي التنظيم، ثم إلى بداية حملة عسكرية للقضاء على بقاياه، التي قد تنتهي في أي يوم الآن، بعد 4 أعوام، في آخر معقل بقرية الباغوز السورية الشرقية».
ووصفت فريال {الدواعش}الذين {امتلكوها} أو أرغموها على {الزواج} أو اعتدوا عليها، بأنهم كانوا «يبدون عاديين، ولا يرون حرجاً، أو ذنباً، أو عيباً، فيما يفعلون. وذلك لأن الحياة الاجتماعية كانت تدار من قبل رجال الدين داخل (داعش)».
وأضافت أن فتاوى رجال الدين سمحت للرجال بامتلاك النساء، على اعتبار أن النساء من «السبايا في حرب جهاد»، وأيضاً سمحت للرجال بعدم التقيد بالزواج من 4 نساء فقط، على اعتبار أن «السبايا» لا يعتبرن زوجات شرعيات. وكانت منظمات قانونية دولية نشرت تقارير عن انتحار كثير من النساء والفتيات كن في أسر الداعشيين، وأن أخريات تعمدن أن يكن قبيحات حتى لا يجذبن الداعشيين. وحسب تلك التقارير، كان الداعشيون يبادرون بتفريق النساء والرجال عندما يستولون على أي مدينة أو قرية، وكانوا يقتلون كثيراً من الرجال، ويرسلون النساء إلى معسكرات ليبعن ويشترين. وقالت فريال إن فرصة هروبها جاءت في الشهر الماضي، عندما زادت هجمات قوات التحالف على قرية الباغوز، على الحدود بين سوريا والعراق، وعندما هرب داعشيون كانوا يمتلكون عدداً من النساء. وتجمعت النساء مع أطفالهن، وقررن الهروب.
وقالت: «في تمام الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر، خرجنا جميعاً من خيامنا في الباغوز، ومشينا ليومين في البرد، ورقدنا في حفر في الأرض، ولم يكن معنا غير أرغفة كنا أعددناها. كانت القنابل تنفجر، وأصوات الحرب تحيط بنا».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.