مصر ترفض انتقادات دولية بشأن أحكام الإعدام

الخارجية شددت على «استقلالية القضاء»

TT

مصر ترفض انتقادات دولية بشأن أحكام الإعدام

أعلنت مصر رفضها التام لكل ما يمس القضاء المصري، مشددة على «استقلالية القضاء المصري، وحقه في إصدار الأحكام وفقاً للقوانين المصرية، التي تستند أيضاً على احترام المعايير الدولية ذات الصلة».
جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أمس، تعليقاً على انتقادات دولية لتنفيذ حكم بإعدام تسعة رجال يوم الأربعاء الماضي، أدينوا في قتل النائب العام هشام بركات، في هجوم بسيارة ملغومة عام 2015، بالإضافة إلى إعدام ستة آخرين أدينوا في قضايا عنف أيضاً، خلال فبراير (شباط) الجاري.
وأوضح البيان أن «الحكم أتى بعد جلسات محاكمة مُطوّلة توفرت فيها كافة الضمانات الخاصة بالمحاكمات العادلة والنزيهة». كما أكد رفض مصر لأي إشارة لادعاءات حول انتزاع الاعترافات، داعياً «للقراءة المتأنية لحيثيات الحكم، والأسانيد التي ارتكز عليها، للتعرُّف على مدى التزام القضاء المصري بالمحدّدات الوطنية والدولية في هذا الشأن، بدلاً من الارتكان فقط إلى ما يُطلق من ادعاءات مغرضة، ومقصود منها التشويه».
كذلك، أكد البيان «ضرورة التزام الآليات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان باحترام الخصوصيات الثقافية والقانونية للدول، والتنوّع الذي يُعد احترامه جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان، والامتناع عن محاولة فرض رؤى أحادية لنموذج واحد، باعتباره يسمو على ما سواه».
وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد «عبر عن قلقه» يوم الجمعة الماضي، من أن المحاكمات التي أفضت إلى إعدام 15 شخصاً في مصر هذا الشهر «ربما لم تكن منصفة، في ظل مزاعم عن استخدام التعذيب في انتزاع اعترافات». وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان روبرت كولفيل، في إفادة بجنيف: «هناك سبب قوي للقلق من أن الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة ربما لم تتبع في بعض الحالات أو كلها، وأن المزاعم الخطيرة للغاية عن استخدام التعذيب لم يتم التحقيق فيها بالشكل الملائم».
وأضاف أن جميع القضايا كانت جرائم قتل، والتي يبيح فيها القانون الدولي عقوبة الإعدام، رغم أن الأمم المتحدة تدعو لإلغاء هذه العقوبة. وقال: «المسألة هنا هي المحاكمة العادلة واستخدام التعذيب وانتزاع اعترافات بالإكراه».
وألقت مصر باللوم على تنظيم جماعة «الإخوان»، المصنفة رسمياً جماعة إرهابية، في عملية قتل النائب العام، بهجوم بسيارة ملغومة على موكبه في القاهرة. ونفت الجماعة أي صلة بالهجوم.
ومنذ عزل الرئيس المنتمي لجماعة «الإخوان» محمد مرسي، عام 2013، أصدرت محاكم مصرية مئات من أحكام الإعدام. ويقول نشطاء حقوقيون إن نسبة صغيرة من تلك الأحكام نُفذت، وإن كانت الوتيرة تتسارع منذ 2015.
وردت دار الإفتاء المصرية على انتقادات أنصار الجماعة لأحكام الإعدام التي يؤخذ برأي مفتي الجمهورية فيها. وقال «مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة» التابع لدار الإفتاء أمس، إن «جماعة (الإخوان) دأبت منذ نشأتها على استغلال عناصرها من الشباب وتجييشهم للدفع بهم نحو الهاوية، من أجل هدف الجماعة الإرهابية في إبراز المظلومية التاريخية».
وأكدت «الإفتاء» في دراسة حديثة صادرة عنها بعنوان «مظلومية جماعة (الإخوان) الإرهابية... الدوافع والمآلات»، أن «تاريخ الجماعة مليء بأحداث وجرائم طوعتها تلك الجماعة الإرهابية لتحقق مظلوميتها المتصورة، لكسب التعاطف وجذب الأتباع والتغطية على الجرائم».
كما أوضح المرصد في دراسته أن الجماعة الإرهابية وظَّفت جرائمها العنيفة على وجهين أساسيين: الأول هو القضاء على الخصوم والرموز الوطنية الذين يتصدون للجماعة الإرهابية، والثاني هو كسب التعاطف والظهور بثوب المنكَّل به والمطارد والمعذب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».