طبعة جديدة من «العقل والوجود» ليوسف كرم

«الدار المصرية اللبنانية» تطلق سلسلة «كلاسيكيات الفلسفة»

طبعة جديدة من «العقل والوجود» ليوسف كرم
TT

طبعة جديدة من «العقل والوجود» ليوسف كرم

طبعة جديدة من «العقل والوجود» ليوسف كرم

أعادت الدار المصرية اللبنانية طبع أعمال يوسف كرم، أحد أبرز المشتغلين بالفكر الفلسفي العربي في العصر الحديث، وذلك ضمن سلسلة جديدة أطلقت عليها «كلاسيكيات الفلسفة»» في «ظل ندرة الكتابات العربية الفلسفية وتراجعها»، كما ذكرت الدار
ويوسف بطرس كرم هو من مواليد في مدينة طنطا عام 1886، وهو لبناني الأصل، هاجرت أسرته من لبنان واستوطنت مصر، درس وعاش طفولته فيها ثم سافر شاباً إلى باريس لدراسة الفلسفة، وحصل على دبلوم الدراسات العليا من السوربون عام 1917، عاد بعد ذلك إلى مصر، وطلب منه طه حسين أن يدرس الفلسفة في الجامعات المصرية. واستجابةً لذلك عمل أستاذاً للفلسفة في جامعتَي القاهرة والإسكندرية. وتوفي عام 1959 مخلّفاً إرثاً قيّماً من الكتابات الفكرية التي تعد من أمهات الكتب في مجال الفلسفة.
وتعد كتابات يوسف كرم علامة فارقة في أدبيات الفلسفة باللغة العربية، حيث أثرى حقل الدراسات الفلسفية بالكثير من المؤلفات التي انقسمت قسمين: مؤلفات في الفلسفة التاريخية، مثل: تاريخ الفلسفة اليونانية، وتاريخ الفلسفة الحديثة، ومؤلفات فلسفية ككتاب الطبيعة وما بعد الطبيعة، وكتاب العقل والوجود.
ويأتي كتاب «العقل والوجود» بطبعة فاخرة ليسلط الضوء على أهمية الفكر الفلسفي في حياتنا المعاصرة، بتقديم وشرح وتعليق للدكتور مصطفى النشار في 175 صفحة من القطع المتوسط، ضمن سلسلة الإصدارات الجديدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2019.
يعتبر الكتاب تلخيصاً لفكر ورؤية يوسف كرم حول إشكالية العلم والمعرفة وقضية الوجود، وحقيقته، عبر 3 أبواب، هي: «وجود العقل»، متناولاً المذهب الحسي وتعريفات الحكم والاستدلال وغيرها، ثم الفصل الثاني «نقد العقل»، متعرضاً لمذهب الشك واليقين، وفي الفصل الثالث الذي حمل عنوان «المعاني والمبادئ الأولى» يتناول معنى العلة الفاعلية والعلة الغائية، مقدماً ردوداً بليغة على تيار التصوريين والحسيين، طارحاً بأسلوب مبسط ودقيق المتناقضات في أفكار وتصورات كانط وأوجست كونت وهربرت سبنسر، وسبينوزا، وهملتون، وبرجسون، ووليم جيمس وبعض اللاهوتيين.
وعبر الأبواب الثلاثة يفكك كرم نظريات الإلحاد ويدحضها بالرد العلمي، لكنه في الوقت نفسه، يؤكد على أن إنكار قدرة الإنسان على المعرفة أمر يتنافى مع الإنسانية؛ فالإنسان في نظره خلق مزوداً بأدوات المعرفة، وأهمها العقل ليساعده على إدراك حقيقته وحقيقة وجوده بالعالم، كما أنه كان دائم التأكيد على أن «إنكار الفلسفة هو في حد ذاته فلسفة».
وقد جمعت فلسفة يوسف كرم ما بين الميتافيزيقية والعقلية في محاولة للتأكيد على الإيمان بالوجود الإلهي.
يشير دكتور مصطفى النشار، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة والمتخصص في تاريخ الفلسفة اليونانية والشرقية القديمة، في مقدمته للكتاب إلى أن «يوسف كرم قدم صورة معدلة لمذهب فلسفي يجمع بين الأرسطية والتوماوية في قضايا المعرفة والوجود في دراسة الطبيعة وما بعد الطبيعة. وامتاز أسلوبه بالدقة المتناهية والرصانة التي لا يمتلك معها قارئ مؤلفاته إلا اليقظة والانتباه لما عرض أمامه من أفكار ومذاهب».
وذهب إلى أن يوسف كرم قدم تأريخاً شاملاً للفلسفة باللغة العربية كما كانت له مقالات فلسفية باللغة الفرنسية عن «القلق الإنساني في الفكر اليوناني»، و«مفهوم الفلسفة المسيحية»، و«المدينة الفاضلة عند الفارابي»، و«حملة الغزالي على الفلاسفة»، كما ترجم محاضرات الرعيل الأول من أساتذة الفلسفة الفرنسيين في مصر، ومنهم: ألكسندر كواريه، وأندريه لالاند.
ويلفت الكتاب إلى أن المذهب الفلسفي لكرم كان مستمداً من أرسطو وينتصر له، لكنه ممزوج برؤية دينية ترفض كل ما يتعارض مع الدين، وبخاصة فيما يتعلق بإنكار العلم الإلهي والمعجزات، حيث كان حريصاً على أن يعلن دائماً أن مذهبه هو «المذهب العقلي المعتدل».
وحول قيمة العودة لكلاسيكيات الفلسفة الآن، يقول الناشر محمد رشاد، رئيس الدار المصرية اللبنانية ورئيس اتحاد الناشرين العرب: «هناك حاجة ملحة إلى إعادة تسليط الضوء على كتابات يوسف كرم، الذي قدم نظرة حرة وعميقة للمذاهب الفكرية في مجال الفلسفة وأبدع توجهات فلسفية خاصة به، بل ومهّد الطريق أمام الكثير من الباحثين المصريين والعرب. الفكرة بدأتها الدار عام 2012، حيث رصدنا تراجعاً في الكتب الفكرية، التي فتحت المجال لظهور الفكر المتطرف والمتعصب مع غياب القدرة على التحليل ونقد الأفكار؛ لذا عكفنا على إعادة إصدار أمهات الكتب الأدبية والتراثية والفكرية، وبخاصة الكتب التي أثرت في تشكيل الوعي الثقافي العربي خلال القرن العشرين على أن تخرج الإصدارات مطعّمة بدراسة شاملة عن المؤلف أو الأديب، وتقدم حصراً لمؤلفاته وعصره والظروف الاجتماعية والسياسية التي تشكل فيها فكره وأدبه، مع شرح الجمل المبهمة وتوضيح المصطلحات والمفاهيم في الهوامش بهدف إثراء الجيل الحالي من الشباب بما لم يعايشوه من أعمال فكرية مهمة».
وكانت الدار قد أعادت إصدار كتب فلسفية وفكرية عدة، منها: «جمهورية أفلاطون» ترجمة فؤاد زكريا، وكذلك كتب مصطفى عبد الرازق.


مقالات ذات صلة

كبار العلماء في رسائلهم الشخصية

كتب فرويد

كبار العلماء في رسائلهم الشخصية

ما أول شيء يتبادر إلى ذهنك إذا ذكر اسم عالم الطبيعة والرياضيات الألماني ألبرت آينشتاين؟ نظرية النسبية، بلا شك، ومعادلته التي كانت أساساً لصنع القنبلة الذرية

د. ماهر شفيق فريد
كتب ناثان هيل

«الرفاهية»... تشريح للمجتمع الأميركي في زمن الرقميات

فلنفرض أن روميو وجولييت تزوَّجا، بعد مرور عشرين سنة سنكتشف أن روميو ليس أباً مثالياً لأبنائه، وأن جولييت تشعر بالملل في حياتها وفي عملها.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

ترجمة عربية لـ«دليل الإنسايية»

صدر حديثاً عن دار نوفل - هاشيت أنطوان كتاب «دليل الإنسايية» للكاتبة والمخرجة الآيسلندية رند غنستاينردوتر، وذلك ضمن سلسلة «إشراقات».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
ثقافة وفنون «شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

«شجرة الصفصاف»... مقاربة لعلاقة الشرق والغرب

عن دار «بيت الياسمين» للنشر بالقاهرة، صدرتْ المجموعة القصصية «شجرة الصفصاف» للكاتب محمد المليجي، التي تتناول عدداً من الموضوعات المتنوعة مثل علاقة الأب بأبنائه

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
TT

ديمي مور «في حالة صدمة» بعد فوزها بأول جائزة تمثيل خلال مسيرتها

مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)
مور مع جائزة «غولدن غلوب» (أ.ف.ب)

حصلت الممثلة ديمي مور على جائزة «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في فئة الأفلام الغنائية والكوميدية عن دورها في فيلم «ذا سابستانس» الذي يدور حول ممثلة يخفت نجمها تسعى إلى تجديد شبابها.

وقالت مور وهي تحمل الجائزة على المسرح: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا (ممارسة التمثيل) لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الممثلة ديمي مور في مشهد من فيلم «ذا سابستانس» (أ.ب)

تغلبت الممثلة البالغة من العمر 62 عاماً على إيمي آدمز، وسينثيا إيريفو، ومايكي ماديسون، وكارلا صوفيا جاسكون وزندايا لتفوز بجائزة أفضل ممثلة في فيلم موسيقي أو كوميدي، وهي الفئة التي كانت تعدّ تنافسية للغاية.

وقالت مور في خطاب قبولها للجائزة: «أنا في حالة صدمة الآن. لقد كنت أفعل هذا لفترة طويلة، أكثر من 45 عاماً. هذه هي المرة الأولى التي أفوز فيها بأي شيء بصفتي ممثلة وأنا متواضعة للغاية وممتنة للغاية».

اشتهرت مور، التي بدأت مسيرتها المهنية في التمثيل في أوائل الثمانينات، بأفلام مثل «نار القديس إلمو»، و«الشبح»، و«عرض غير لائق» و«التعري».

وبدت مور مندهشة بشكل واضح من فوزها، وقالت إن أحد المنتجين أخبرها ذات مرة قبل 30 عاماً أنها «ممثلة فشار» أي «تسلية».

ديمي مور تحضر حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت مور: «في ذلك الوقت، كنت أقصد بذلك أن هذا ليس شيئاً مسموحاً لي به، وأنني أستطيع تقديم أفلام ناجحة، وتحقق الكثير من المال، لكن لا يمكن الاعتراف بي».

«لقد صدقت ذلك؛ وقد أدى ذلك إلى تآكلي بمرور الوقت إلى الحد الذي جعلني أعتقد قبل بضع سنوات أن هذا ربما كان هو الحال، أو ربما كنت مكتملة، أو ربما فعلت ما كان من المفترض أن أفعله».

وقالت مور، التي رُشّحت مرتين لجائزة «غولدن غلوب» في التسعينات، إنها تلقت سيناريو فيلم «المادة» عندما كانت في «نقطة منخفضة».

وأضافت: «لقد أخبرني الكون أنك لم تنته بعد»، موجهة شكرها إلى الكاتبة والمخرجة كورالي فارغيت والممثلة المشاركة مارغريت كوالي. وفي الفيلم، تلعب مور دور مدربة لياقة بدنية متقدمة في السن على شاشة التلفزيون تلتحق بنظام طبي غامض يعدها بخلق نسخة مثالية من نفسها.