ليندر ديندونكر: لا أعرف سبب استبعادي من تشكيلة وولفرهامبتون

اللاعب البلجيكي انتظر حتى ديسمبر كي يحصل على أول فرصة مع الفريق رغم التزامه وعدم إثارته مشكلات

ديندونكر صمد وصبر حتى نال الفرصة ليثبت جدارته في مكان أساسي بفريق وولفرهامبتون  -  نونو مدرب وولفرهامبتون أدرك أهمية ديندونكر
ديندونكر صمد وصبر حتى نال الفرصة ليثبت جدارته في مكان أساسي بفريق وولفرهامبتون - نونو مدرب وولفرهامبتون أدرك أهمية ديندونكر
TT

ليندر ديندونكر: لا أعرف سبب استبعادي من تشكيلة وولفرهامبتون

ديندونكر صمد وصبر حتى نال الفرصة ليثبت جدارته في مكان أساسي بفريق وولفرهامبتون  -  نونو مدرب وولفرهامبتون أدرك أهمية ديندونكر
ديندونكر صمد وصبر حتى نال الفرصة ليثبت جدارته في مكان أساسي بفريق وولفرهامبتون - نونو مدرب وولفرهامبتون أدرك أهمية ديندونكر

أشاد كثيرون بتعاقد نادي وولفرهامبتون واندررز الإنجليزي خلال الصيف الماضي مع المدافع البلجيكي ليندر ديندونكر على سبيل الإعارة من نادي أندرلخت، لذا كان من الغريب ألا يشارك اللاعب في التشكيلة الأساسية للفريق الإنجليزي ويظل حبيسا لمقاعد البدلاء خلال النصف الأول من الموسم الحالي.
ومن المعروف أن المدير الفني لنادي وولفرهامبتون واندررز، نونو إسبيريتو سانتو، نادرا ما يغير في التشكيلة الأساسية لفريقه إذا كان يحقق نتائج إيجابية. لكن ربما يكون ديندونكر قد فكر في مرحلة ما بأنه قد أخطأ عندما قرار الانتقال إلى وولفرهامبتون واندررز، ووصل الأمر لدرجة أن بعض التقارير الصحافية قد أشارت إلى أن اللاعب البلجيكي كان يفكر في طلب الرحيل عن النادي الإنجليزي في فترة الانتقالات الشتوية الماضية.
لكن من يعرف ديندونكر جيدا يدرك أنه لا يستسلم بسهولة. وقد نشأ اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في «باشنديل»، وهي قرية صغيرة تُعرف بكونها ساحة أول معركة في الحرب العالمية الأولى، ويعرف عنه أنه من نوعية اللاعبين الذين يعملون بكل قوة ويمتلكون إرادة هائلة. وقد استغل اللاعب البلجيكي الشاب الوقت الذي قضاه على مقاعد البدلاء لكي يدرس جيدا طريقة 3 - 4 - 3 التي يعتمد عليها نونو، ويبذل قصارى جهده حتى يكون على أهبة الاستعداد دائما عندما يحصل على فرصة المشاركة. ورغم جلوسه على مقاعد البدلاء لفترة طويلة، فإنه لم يتسبب في أي مشكلة أو يتحدث مع المدير الفني عن مصيره.
يقول ديندونكر: «لم أحدث أي مشكلة على الإطلاق، وكنت أقول إن سبب عدم المشاركة في المباريات يعود إليّ أنا في المقام الأول. أنا شخص هادئ للغاية، وكنت أقول لنفسي إن عدم مشاركتي في المباريات يعني أن هناك سببا لذلك. لقد انتقلت إلى وولفرهامبتون واندررز في وقت متأخر من فترة الانتقالات بسبب مشاركتي مع منتخب بلجيكا في نهائيات كأس العالم، لذا فلم أشارك مع الفريق في فترة الإعداد للموسم الجديد، وهو الأمر الذي جعل بدايتي مع الفريق صعبة بعض الشيء. وعلاوة على ذلك، بدأ الفريق الموسم بشكل جيد، ولذا لم يكن هناك داع للتغير».
وأضاف: «لقد لعبت في هذا النظام من قبل، لكن كل مدير فني لديه طريقة تفكيره المختلفة عن الآخرين. إنه يريد دائماً أن يكون منظماً للغاية، وهو أمر مهم جداً في هذا النظام. لقد حاولت أن أنظر إلى الطريقة التي يلعب بها الفريق، لأرى كيف نلعب عندما نفقد الكرة وكيف نلعب عندما نستحوذ على الكرة، ثم حاولت أن ألعب في ضوء هذه الأمور».
وشارك ديندونكر في أول مباراة له مع وولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز أمام توتنهام هوتسبير في التاسع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول)، والتي انتهت بفوز فريقه بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد. ويجيد اللاعب البلجيكي الشاب اللعب في مركزي قلب الدفاع وخط الوسط، وهو الأمر الذي ساعده على الدخول في التشكيلة الأساسية للفريق مع بداية العام الجديد، بعدما أصبح عنصرا فاعلا في طريقة 3 - 5 - 2 التي يعتمد عليها نونو. وقد أظهر ديندونكر تفاهما كبيرا في خط الوسط مع كل من جواو موتينيو وروبن نيفيس ولعب دورا كبيرا في صعود الفريق إلى المركز السابع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقد تعادل وولفرهامبتون، الذي صعد إلى الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، مع بورنموث أول من أمس بهدف لكل فريق، وسيواجه مانشستر يونايتد في الدور ربع النهائي لكأس الاتحاد الإنجليزي في 16 مارس (آذار) المقبل.
وقد بدأ المدير الفني لوولفرهامبتون يدرك الأسباب التي تجعل ديندونكر لاعبا صاحب إمكانيات كبيرة، حيث سجل اللاعب البلجيكي هدفا في المباراة التي انتهت بفوز فريقه على إيفرتون بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد الشهر الماضي وقدم مستويات رائعة في النواحي الهجومية والدفاعية على حد سواء.
يقول ديندونكر: «إنني أتحدث كثيراً داخل الملعب. ربما لا يرى الناس ذلك. إنني أتحدث كثيرا لكنني لا أصرخ أبداً. أما خارج الملعب فأنا شخص هادئ وأستمع أكثر مما أتحدث، وليس من طبيعتي أن أتحدث كثيرا. وأعتقد أنه يتعين علي أن أكون متواضعا، لأنني قد وصلت للتو للنادي ولم أحقق معه شيئا بعد».
لكن ذلك لا يعني أن ديندونكر لا يمتلك صفات اللاعب القيادي داخل الملعب. وقد صعد اللاعب الشاب عبر المراحل العمرية المختلفة بنادي أندرلخت وساعده على الحصول على لقب الدوري البلجيكي الممتاز عام 2017، ويقول عن ذلك: «في العام الذي حصلنا فيه على لقب الدوري البلجيكي الممتاز، بدأ الناس يرون أنني قائد. وفي العام التالي، حملت بالفعل شارة قيادة الفريق، وهي مسؤولية كبيرة للغاية».
وإذا كان ديندونكر يتسم بالتواضع الشديد فإن السبب في ذلك يعود إلى أنه نشأ في مجتمع مترابط للغاية. وكانت عائلته تمتلك مزرعة لتربية الخنازير، لكنها باعتها منذ عامين. ويعمل والده، ديرك، الآن كعامل بناء. ويبتسم اللاعب الشاب عندما يتذكر يديه المتسختين بسبب رعاية الحيوانات أثناء العطلات المدرسية، ويقول عن ذلك: «كان هناك بعض الأشياء الجيدة التي كنت أقوم بها، وأشياء أخرى غير جيدة في حقيقة الأمر».
وتحدث ديندونكر عن صعوبة انتقاله إلى نادي أندرلخت عندما كان في الرابعة عشرة من عمره قائلا: «لقد جئت من مكان صغير، وأعتقد أن الكثير من الإنجليز يعرفون اسم هذا المكان بسبب ارتباطه بالحرب العالمية الأولى. إنه مكان يشتهر بصناعة الجبن أيضاً. على أي حال، فقد جئت من بلدة صغيرة وذهبت إلى العاصمة، وكان ذلك الأمر بمثابة تحول كبير في حياتي لأن العقلية في بروكسل تختلف كثيرا عنها في القرى الصغيرة».
وأضاف: «لقد كان تغييراً ثقافياً كبيراً، وكنت أشعر بالحنين إلى بلدتي. كنت أتصل بوالدي ووالدتي ثلاث مرات في اليوم لمجرد سماع صوتهما، وكنت أبكي كثيرا. كانت هذه هي المرة الأولى التي أبتعد فيها عن المنزل، لكني أعتقد أن هذا الأمر ساعد كثيرا في بناء شخصيتي».
وقد استغرق الأمر بعض الوقت لكي يتأقلم هذا الطفل الخجول على الحياة في أندرلخت. يقول ديندونكر: «لقد كان الأمر مختلفا حتى بالنسبة للطريقة التي أتحدث بها، فقد كنا نتحدث في القرية لهجة من الصعب جدا فهمها. عندما بدأت الحديث في المدرسة في بروكسل كانوا يضحكون، لكنني تكيفت مع الأمر، وحاولت التحدث بطريقة مفهومة».
وقد كان الأمر صعبا للغاية على العائلة عندما قررت السماح لهذا الطفل الصغير بالابتعاد عن المنزل، لكنها كانت تعرف أن ذلك الأمر سيصب في مصلحته في نهاية المطاف. لقد تخلى والد ديندونكر عن حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم من أجل العمل في المزرعة التي كان يمتلكها، لكنه كان سعيداً وهو يرى أبناءه الثلاثة يلعبون بالكرة. وقد لعب الأخ الأكبر لديندونكر، أندريس، في مسابقات أقل في بلجيكا، في حين يلعب شقيقه الأصغر، لارس، في أكاديمية كلوب بروج للناشئين.
يقول ديندونكر: «كانت لدينا أرض نزرعها بالذرة لإطعام الخنازير. وقام والدي بإعداد ملعب صغير لكرة القدم في هذه الأرض لكي نلعب عليه أنا وإخوتي. لقد قال الناس لأبي إنه مجنون لأنه سيخسر الكثير من الذرة بسبب ما فعله في هذه القطعة من الأرض، لكنه قال لهم إنه يفعل ذلك من أجل أطفاله. وكنا نلعب هناك طوال اليوم».
ورغم أن ديندونكر لا يزال مرتبطا بجذوره العائلة، فإنه لا يفتقد للطموح على الإطلاق. وقد لعب ديندونكر بجانب يوري تيليمانس في نادي أندرلخت، لكنه قرر الرحيل بعد الفوز بلقب الدوري البلجيكي الممتاز. وبينما انتقل تيليمانس إلى موناكو الفرنسي في صفقة مدوية، فشلت صفقة انتقال ديندونكر إلى وست هام يونايتد الإنجليزي في فترة الانتقالات الشتوية لعام 2018.
والآن، يلعب تيليمانس مع نادي ليستر سيتي الإنجليزي على سبيل الإعارة من موناكو. ويخطط ديندونكر لمقابلة صديقه وتناول العشاء معه قريبا، وربما يتحدثان سويا عن ذكرياتهما مع المنتخب البلجيكي الحاصل على المركز الثالث في نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا.
يقول ديندونكر: «كنا نتوقع تحقيق إنجاز أكبر، لأنك عندما تصل إلى الدور نصف النهائي فإنك تنظر إلى الوصول إلى المحطة النهائية. لقد لعبت فرنسا بشكل جيد، لكن كان من الجيد أيضا أن نفوز على إنجلترا في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، خاصة أن احتلال المركز الثالث هو أفضل نتيجة حققها المنتخب البلجيكي في نهائيات كأس العالم عبر تاريخه».
وسوف تسعى بلجيكا للوصول إلى مستوى أعلى في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020 خاصة أنها تمتلك مجموعة رائعة من اللاعبين في الوقت الحالي. ويرفض ديندونكر فكرة أنه سيواجه ضغوطا كبيرة هو ويليمانس ليصبحا قادة للفريق خلال المرحلة المقبلة، ويقول: «الجيل الذي شارك في نهائيات كأس العالم الأخيرة هو من سيشارك في نهائيات كأس الأمم الأوروبية، وأعتقد أن لدينا ما يكفي من اللاعبين الكبار في الفريق».


مقالات ذات صلة

فان دايك عن مستقبله مع ليفربول: لا أملك أدنى فكرة

رياضة عالمية فيرجيل فان دايك (رويترز)

فان دايك عن مستقبله مع ليفربول: لا أملك أدنى فكرة

قال قائد ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي لكرة القدم، المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك، إنه لا يملك أدنى فكرة عما إذا كان سيبقى في ملعب «أنفيلد» بعد هذا الموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية «الشرق للأخبار» أصدرت تاسع تقاريرها المطولة التي ترصد البيانات المالية في قطاع الرياضة (الشرق)

«ميركاتو الشرق 2024»: 667 مليون دولار أنفقتها الأندية العربية لضم لاعبين من الخارج

أصدرت «الشرق للأخبار» تاسع تقاريرها المطولة التي ترصد البيانات المالية في قطاع الرياضة، وهو «ميركاتو الشرق 2024»، من إنتاج (اقتصاد الشرق مع بلومبرغ).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية مدافع برايتون فان هيكي (يمين) وهدف برايتون الأول في مرمى فولهام (رويترز)

10 نقاط بارزة في الجولة الثامنة والعشرين من الدوري الإنجليزي

ميكيل أرتيتا جعل آرسنال أفضل بكثير مما كان عليه قبل قدومه، لكنه ليس جيداً بما يكفي لكي يفوز باللقب.

رياضة عالمية ألكسندر أرنولد حزين بسبب الإصابة (أ.ف.ب)

ألكسندر-أرنولد لاعب ليفربول قد يغيب عن نهائي كأس الرابطة بسبب الإصابة

قال أرنه سلوت، مدرب ليفربول، إن شكوكاً تحوم حول مشاركة مدافع الفريق ترينت ألكسندر-أرنولد بنهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية أمام نيوكاسل يونايتد الأسبوع المقبل

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية عندما كان سترلينغ يتألق ويشارك أساسياً مع منتخب إنجلترا (غيتي)

كيف تراجع مستوى رحيم سترلينغ بشكل مذهل فجأة؟

تحول سترلينغ في غضون 18 شهراً فقط من النجم الأول لمنتخب بلاده إلى لاعب مستبعد لا ينضم إلى القائمة من الأساس.


من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.