سويسرا تتقصى مصير 31 قطعة سلاح اشتراها وزير الدفاع اللبناني السابق

غازي زعيتر لـ «الشرق الأوسط»: موجودة بحوزة عناصر حمايتي في بيروت ومنطقة البقاع

غازي زعيتر
غازي زعيتر
TT

سويسرا تتقصى مصير 31 قطعة سلاح اشتراها وزير الدفاع اللبناني السابق

غازي زعيتر
غازي زعيتر

أعلن الوزير السابق والنائب غازي زعيتر، أمس، أنه اشترى 40 قطعة سلاح من شركة سويسرية لتسليح مرافقيه في بيروت وشرق لبنان «من ماله الخاص»، ولا تزال بحوزة مرافقيه. جاء هذا الإعلان لاحتواء جدل أثاره إعلان سويسرا «وقف تسليم معدات عسكرية للبنان، ما دامت لن تتمكن من مراقبة الوجهة الأخيرة لهذه الأسلحة» بعد فشلها في العثور على 31 قطعة منها.
وأكد زعيتر، وهو نائب عن «حركة أمل» لـ«الشرق الأوسط» أنه اشترى في عام 2016، 40 قطعة سلاح، مؤلفة من 10 بنادق آلية، و30 مسدساً «من مالي الخاص لحمايتي الشخصية» زود بها مرافقيه في بيروت وبعلبك والهرمل، في شرق لبنان. وقال إن السلاح اشتراه من شركة سويسرية ضمن صفقة وافقت عليها الحكومة السويسرية، مشدداً على أنها «تمت وفقاً للأصول القانونية المرعية الإجراء في سويسرا ولبنان»، بالنظر إلى أن شركات السلاح السويسرية لا تستطيع بيع السلاح من غير موافقة الدولة هناك. وأكد أن «لا علاقة للجيش اللبناني بها، ولا للدولة اللبنانية»، نافياً المعلومات التي تحدثت عن أنه اشتراها لتزويد مأموري الأحراش بها، عندما كان وزيراً للزراعة، مؤكداً أنه «ليس مطلوباً في القانون اللبناني أصلاً أن يكون مأمورو الأحراش مسلحين». ومن المعروف أن شركات تصنيع وتسويق السلاح في العالم، لا تبيع منتجاتها من دون موافقة حكوماتها، وتلزم الجهة المشترية بتحديد الوجهة الأخيرة للاستعمال، بحسب ما يقول خبراء، وغالباً ما يتم توقيع اتفاقات لمراقبة الأسلحة التي بيعت.
ويقول رئيس مركز «الشرق الأوسط» للدراسات، الدكتور هشام جابر لـ«الشرق الأوسط»، إن الدول التي تبيع شركات فيها الأسلحة «تفرض على الجهة المشترية معرفة المستخدم الأخير لها، وذلك ضماناً لعدم ذهاب السلاح نحو دولة أخرى أو ميليشيا أو منظمات إجرامية وإرهابية». وكانت أمانة الدولة السويسرية لشؤون الاقتصاد، قد أعلنت أول من أمس، أن سويسرا قررت وقف تسليم معدات عسكرية للبنان «ما دامت لن تتمكن من مراقبة الوجهة الأخيرة لهذه الأسلحة». وأكدت في بيان أنه «تم في عام 2016 تصدير 10 بنادق هجومية و30 سلاحاً رشاشاً إلى لبنان، وخلال عملية تدقيق على الأرض في مارس (آذار) 2018، عثر فقط على 9 أسلحة».
وأشارت إلى أنها «حاولت مراراً بواسطة السفارة السويسرية في بيروت العثور على 31 قطعة سلاح مفقودة؛ لكنها فشلت في مسعاها. وكانت هذه الأسلحة مخصصة حصرياً لوحدات مكلفة حماية شخصيات سياسية. وكان المتلقي النهائي تعهد بعدم تسليم أسلحة لطرف آخر دون موافقة سويسرا الخطية، التي كان يحق لها القيام بتحقيقات على الأرض».
وحصل التباس فيما يتعلق بالسلاح ووجهته، وما إذا كان بحوزة الجيش اللبناني؛ لكن السفارة السويسرية في لبنان سرعان ما أوضحته قائلة في بيان نشرته أمس، إن «وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية اتخذت هذا القرار بعد أن عجزت بعثة التدقيق السويسرية، في شهر مارس 2018 عن تحديد مكان شحنة أسلحة، سبق أن بيعت وأرسلت إلى لبنان»، مشيرة إلى أنه «ليس للحرس الجمهوري أو القوى المسلحة اللبنانية أي علاقة بهذا التدقيق»، ولفتت إلى أنه «سبق وأتت بعثتا تدقيق في السابق، في عامي 2013 و2015، استطاعتا إنجاز التدقيق المراد إنجازاً كاملاً، إحداهما متعلقة بشحنة أرسلت إلى الحرس الجمهوري».
بدوره، أوضح وزير الدفاع إلياس بو صعب، أنه «لا صحة لما نسب لسويسرا عن فقدان أسلحة سلمت للجيش اللبناني». وقال في تصريح: «إننا لن نسمح بأي إساءة يتعرّض لها الجيش اللبناني. وعلى من يريد معرفة الحقيقة أن يسأل السفيرة السويسرية في لبنان»، مشيراً إلى أنه «على من يطلق معلومات تسيء للجيش توخّي الحذر».
ونُقل عن السفيرة السويسرية في بيروت قولها إن الفريق السويسري لدى سؤاله الوزير السابق عن مصير الأسلحة الباقية، لم يلقَ تعاوناً، ما اضطره للعودة إلى سويسرا؛ حيث أعاد الفريق على مرتين متتاليتين التواصل مع الوزير السابق للتحقق من مصير الأسلحة، إلا أنه لم يلقَ مجدداً أي تعاون.
لكن النائب زعيتر كشف في بيان أصدره أمس، أنه نظراً للتهديدات الأمنية الخطيرة التي كان يواجهها الوطن، لا سيما الاعتداءات الإرهابية على الحدود الشرقية المحاذية لمحافظة بعلبك والهرمل: «تمت مراسلة الجهات المعنية في سويسرا، لشراء 40 قطعة سلاح فردي لتأمين الحماية الشخصية للنائب غازي زعيتر، في أماكن سكنه في كل من بيروت وبعلبك والهرمل، وقد وافقت هذه الجهات أصولاً ووفق الأعراف الدولية المتبعة، على تسليمها للنائب غازي زعيتر في عام 2016، وبعد أن سدد هذا الأخير كامل قيمتها من ماله الخاص دون العمل بأموال الخزينة أو ترتيب أي أعباء عليها».
وأبدى زعيتر «استغرابه لهذه الضجة الإعلامية حول إخفاء الأسلحة المذكورة»، وقال: «لا يسعنا في هذا الصدد إلا التأكيد على وجودها مع مرافقي النائب غازي زعيتر»، لافتاً إلى أنه «تم الاتصال بالسفارة السويسرية لإطلاعها على مكان وجود هذه الأسلحة؛ لكنها رفضت الانتقال للكشف عليها، ويُقتضى التواصل معنا لترتيب زيارة للكشف عليها، والقيام بما هو مطلوب». ورفض «زج الجيش أو أي مراجع رسمية أخرى بهذا الخصوص».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.