مقتل طفل وجرح عشرات الفلسطينيين في غزة والضفة

كسر الحصار الإسرائيلي المفروض حول المسجد الأقصى

قنابل الغاز الإسرائيلية تنهمر على المتظاهرين الفلسطينيين في الخليل (أ.ف.ب)
قنابل الغاز الإسرائيلية تنهمر على المتظاهرين الفلسطينيين في الخليل (أ.ف.ب)
TT

مقتل طفل وجرح عشرات الفلسطينيين في غزة والضفة

قنابل الغاز الإسرائيلية تنهمر على المتظاهرين الفلسطينيين في الخليل (أ.ف.ب)
قنابل الغاز الإسرائيلية تنهمر على المتظاهرين الفلسطينيين في الخليل (أ.ف.ب)

قُتل طفل فلسطيني وأُصيب العشرات بالرصاص والاختناق، أمس، في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي على أطراف شرق قطاع غزة، حسبما أعلنت مصادر فلسطينية. وذكرت المصادر أن طفلاً يبلغ من العمر 12 عاماً، قُتل جراء إصابته بعيار ناري في الصدر خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي شرق مدينة غزة.
وأضافت المصادر أن 15 متظاهراً أُصيبوا بالرصاص الحي والعشرات بالاختناق خلال المواجهات في مناطق متفرقة على أطراف شرق قطاع غزة قرب السياج الفاصل مع إسرائيل.
واندلعت المواجهات ضمن الجمعة رقم 48 في إطار فاعليات «مسيرات العودة» الأسبوعية التي انطلقت في 30 مارس (آذار) الماضي وقُتل فيها حتى الآن نحو 260 فلسطينياً وأُصيب أكثر من 26 ألفاً آخرين بالرصاص والاختناق.
وتطالب احتجاجات «مسيرات العودة» بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ورفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007.
وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، أُصيب عشرات الفلسطينيين بجراح وحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، أمس (الجمعة)، في مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلية في عدة مواقع متفرقة.
وقد نجح الفلسطينيون، في كسر الحصار المفروض على مصلى باب الرحمة حول المسجد الأقصى المبارك، منذ عام 2003 بقرارات إسرائيلية جائرة. وكان ذلك نتيجةً لثبات أهالي القدس وصمودهم واعتصامهم، وقدرتهم على كسر القرارات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى. فقد تقدمت المرجعيات الدينية وأعضاء مجلس الأوقاف ومئات الفلسطينيين، وأعادوا فتح مصلى باب الرحمة المغلق منذ 16 عاماً، رافعين العلم الفلسطيني وسط تكبيرات وهتافات لنصر جديد سجلوه بثباتهم على مدار الأسبوع الماضي، رغم ما تعرضوا له من اعتداء واعتقال وضرب وإبعاد عن الأقصى. وقام المئات من الفلسطينيين بأداء صلاة الجمعة داخل المبنى وفي ساحته.
واندلعت مواجهات عقب تنظيم الفلسطينيين مسيرات منددة بالاستيطان والجدار الفاصل وبقرصنة أموال السلطة، وذلك في بلدتي المغير وبلعين، في محافظة رام الله، وسط الضفة الغربية، وفي بلدة كفر قدوم والخليل، بالإضافة إلى مدينة القدس. وأفادت مصادر فلسطينية بإصابة ثلاثة فلسطينيين بالرصاص الحي «التوتو»، والعشرات بالاختناق، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة سلمية انطلقت عقب صلاة الجمعة، في قرية المغير شمال شرقي رام الله. وذكرت أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي، والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة صوب المتظاهرين، مما أدى إلى إصابة ثلاثة مواطنين بالرصاص الحي، أحدهم بالصدر واثنين بالقدم، نُقلوا جميعاً إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وأشارت المصادر إلى أن مواجهات عنيفة دارت مع قوات الاحتلال التي اقتحمت القرية. وكان عشرات الفلسطينيين قد خرجوا في مسيرة سلمية احتجاجاً على محاولات الاحتلال المتكررة الاستيلاء على أراضي المواطنين لصالح التوسع الاستيطاني، كذلك تضامناً مع الأسرى في سجون الاحتلال.
وأُصيب عشرات المواطنين بحالات اختناق خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة بلعين الأسبوعية السلمية، المناوئة للاستيطان والجدار العنصري، والتي انطلقت عقب صلاة الجمعة، من وسط القرية، باتجاه الجدار العنصري الجديد في منطقة أبو ليمون. وذكرت مصادر محلية أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة تجاه المشاركين في المسيرة، مما أدى إلى إصابة العشرات بالاختناق.
وشارك في المسيرة التي دعت إليها اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في بلعين، وفاءً للقدس والمقدسات الإسلامية وتنديداً بما يُعرف بـ«صفقة القرن» الأميركية، أهالي القرية، ونشطاء سلام إسرائيليون ومتضامنون أجانب. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، وجابوا شوارع القرية وهم يرددون الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ومقاومة الاحتلال وإطلاق سراح جميع الأسرى والحرية لفلسطين، وعودة جميع اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجروا منها.
وأكدت «اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان»، على لسان منسقها الإعلامي راتب أبو رحمة، في الذكرى السنوية الـ14 لانطلاق المقاومة الشعبية في بلعين، استمرار المقاومة الشعبية في القرية وتوسيع وتفعيل ظاهرة المقاومة الشعبية في محافظات الوطن كافة، والوقوف خلف القيادة الفلسطينية في التصدي لصفقة القرن وقرصنة رواتب الشهداء والأسرى من الأموال الفلسطينية.
واعتدت قوات الاحتلال على المشاركين في مسيرة جماهيرية حاشدة انطلقت في مدينة الخليل في الذكرى الـ25 لمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع الفلسطينيين. وأفادت المصادر بأن قوات الاحتلال أطلقت الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين، ما أدى إلى إصابة طفل على الأقل، بعيار معدني مغلف بالمطاط، والعشرات بحالات اختناق.
وانطلقت عقب صلاة الجمعة من مسجد علي البكاء، وصولاً إلى مدخل مدينة الخليل القديمة، تطالب برفع الإغلاق على مدينة الخليل، وفتح الشوارع المغلقة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ورحيل المستوطنين، ووقف انتهاكات الاحتلال بحق أهالي الخليل القديمة. ورفع المشاركون في المسيرة، الأعلام الفلسطينية، ورددوا الهتافات المطالبة برحيل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه عن الخليل، والمنددة بممارسات المستوطنين ضد أهالي الخليل القديمة، وانتهاكات الاحتلال وإجراءاته في الحرم الإبراهيمي وضد المصلين، وإجراءات الاحتلال الأخيرة ضد بعثة الوجود الدولي في الخليل.
وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة قرية نعلين الأسبوعية السلمية المناوئة للاستيطان والجدار العنصري، ما أدى إلى إصابة عدد من المشاركين بالاختناق. وذكر شهود عيان، أن جنود الاحتلال، أطلقوا وابلاً من قنابل الغاز باتجاه المشاركين لمنعهم من الاقتراب من الجدار العنصري، مشيرين إلى تعمد الاحتلال تصويب القنابل صوب أجساد المشاركين، فيما أصيب العديد بحالات اختناق. ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ورددوا الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال.
إلى ذلك، حذرت حركتا «فتح» و«حماس»، إسرائيل، أمس، بشأن الوضع في المسجد الأقصى، وذلك بعدما أدى الفلسطينيون صلاة الجمعة داخل مصلى «باب الرحمة» في المسجد الأقصى للمرة الأولى منذ أن أغلقته إسرائيل عام 2003.
وقالت «فتح» إن القدس والأقصى «خط أحمر»، وإن «إسرائيل تتحمل مسؤولية أفعالها الإجرامية في ساحات المسجد».
ووجهت «فتح» على لسان عضو مجلسها الثوري والمتحدث باسمها أسامة القواسمي، تحية إلى «المرابطين الصامدين المناضلين في القدس الذين فتحوا اليوم (أمس) باب الرحمة مكبّرين مهللين رافعين علم فلسطين».
وقال القواسمي إن الحركة «كانت وستبقى جنباً إلى جنب مع أبناء شعبنا رأس حربة في مقارعة الاحتلال في القدس والذود عن مقدساتنا وفي كل مكان».
كذلك، اعتبرت «حماس» أن الفلسطينيين «سطروا اليوم نموذجاً عظيماً بإصرارهم على الزحف إلى القدس للدفاع عن المسجد الأقصى، رغم كل العقبات التي وضعها الاحتلال من تهديدات واعتقالات». وأكدت «حماس» في بيان أن الأقصى «خط أحمر لا يمكن للاحتلال تعديه، أو تنفيذ مخططاته بتغيير واقعه والسيطرة عليه».
وقالت إن «على الاحتلال الإسرائيلي أن يعي جيداً رسالة الجماهير الهادرة المدافعة عن قدسها ومقدساتها، بوقف عدوانه، والكف عن العبث بهويتها الإسلامية والعربية، فكل محاولاته ستنكسر على صخرة صمود شعبنا وتضحياته، وهذا ما أثبته وشهد عليه التاريخ». وطالبت «الأمة العربية والإسلامية» بـ«توفير الإسناد والدعم اللازمين للقدس في مواجهة عدوها الأول المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.