نيجيريا... أمام امتحان انتخابي عسير

معركة حامية في كبرى دول أفريقيا «بطلاها» زعيمان شماليان

نيجيريا... أمام امتحان انتخابي عسير
TT

نيجيريا... أمام امتحان انتخابي عسير

نيجيريا... أمام امتحان انتخابي عسير

توصف نيجيريا بأنها «عملاق أفريقيا»، لأنها تملك أكبر اقتصاد في «القارة السمراء» وأكبر تعداد سكاني، كما تملك أكبر احتياطي نفطي في القارة، بيد أن هذا العملاق مصاب بأمراض مزمنة، أبرزها الفساد وانعدام الأمن. أمراض ترهق كاهل البلد وهو يخوض انتخابات رئاسية يتنافس فيها 73 مرشحاً، يتقدمهم الرئيس المنتهية ولايته والجنرال المتقاعد محمد (محمدو) بخاري (76 سنة)، مع منافسة قوية من زعيم المعارضة ورجل الأعمال الثري عتيق (عتيقو) أبو بكر (72 سنة).

توجّه العديد من الناخبين في نيجيريا إلى مكاتب التصويت، صباح السبت الماضي، لكنهم فوجئوا بقرار صدر قبل ساعات من طرف السلطات بتأجيل الانتخابات لمدة أسبوع. ولقد عُلِّل التأجيل بالحاجة إلى «إتاحة فرصة أكبر أمام التحضير الجيد» لانتخابات ستجري في ظروف صعبة تمر بها نيجيريا، تغلب عليها تحدّيات أمنية واقتصادية كبيرة.
يُذكَر أن ما يقرب من 84 مليون ناخب نيجيري، مسجّلون على اللوائح الانتخابية، توجهوا ويتوجهون اليوم إلى مراكز (أقلام) الاقتراع لاختيار رئيس للبلاد، بالإضافة إلى 360 عضواً في مجلس النواب، و109 أعضاء في مجلس الشيوخ. وهو ما يجعل هذه الانتخابات مهمة معقدة جداً في بلد عرف الكثير من الأزمات السياسية في تاريخه، تمحوَر معظمها على صراع الرئاسة.

- رتباك وتأجيل
هذه ليست المرة الأولى التي تؤجل فيها نيجيريا الانتخابات الرئاسية لأسبوع أو أكثر، إذ حدث ذلك في الانتخابات الماضية التي فاز بها بخاري عام 2015، وقبله في انتخابات 2011. وفي المرتين بررت السلطات التأجيل بمشاكل لوجيستية وفنية، والسعي نحو ضمان تحضير جيد للانتخابات، بينما تثار الشكوك من طرف الأحزاب السياسية حول دوافع السلطات. وخلال الأسبوع المنصرم، قال محمد يعقوب، رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات في نيجيريا، في تصريح صحافي، إن «المضي قدما في إجراء الانتخابات، كما كان مقرراً، لم يعد ممكناً»، مشيراً إلى مشاكل لوجيستية تعيق تنظيم العملية الانتخابية «ما يحتّم اتخاذ ذلك القرار الصعب والضروري من أجل ضمان نزاهة وحرية الانتخابات».
وأوضح المسؤول النيجيري أن قرار التأجيل اتخذ في أعقاب اجتماع طارئ عقدته اللجنة المستقلة للانتخابات طال لعدة ساعات، أجريت خلاله «مراجعة دقيقة، للخطة التنفيذية للانتخابات». وتابع أن أفراد اللجنة «مصممون على إجراء انتخابات حرة، ونزيهة وذات صدقية».

- أعمال عنف
في الواقع، جاء القرار بعد أعمال عنف متفرقة في نيجيريا استهدفت مكاتب اللجنة المستقلة للانتخابات. إذ تشير بعض التقارير إلى أن الأيام الماضية شهدت إحراق العديد من مقرات اللجنة وتدمير الكثير من بطاقات الناخبين والأجهزة المستخدمة في عملية التصويت، ما خلف حالة من النقص الحاد في التجهيزات اللوجيستية التي لا غنى عنها لتنظيم الاقتراع في بعض مناطق نيجيريا.
ورغم التبريرات التي قدمتها اللجنة، فإن القرار رافقه الكثير من الجدل، وأدانه أكبر حزبين سياسيين في البلاد، أي حزب مؤتمر عموم التقدميين الحاكم (يسار الوسط)، وحزب الشعب الديمقراطي (يمين الوسط). غير أن الحزبين تبادلا اتهامات بمحاولة إفساد التصويت وإثارة الشغب، ما دفع اللجنة المستقلة للانتخابات إلى اتخاذ قرار التأجيل. لكن هذه التهم المتبادلة بين الحزبين امتدادٌ لحالة الصراع المحتدم بينهما، والتي وصلت ذروتها خلال الأيام الأخيرة، وتصاعد أجواء الاستقطاب السياسي التي تعيشها البلاد.
في هذه الأثناء، ثمة أصوات تزعم أن السلطات تسعى من وراء تأجيل الانتخابات التلاعب بالنتائج لصالح الرئيس المنتهية ولايته الطامح للحصول على ولاية رئاسية ثانية، غير أن هذه مجازفة حقيقية يستبعد العديد من المراقبين أن تُقدم عليها السلطات، نظراً لهشاشة الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في نيجيريا.
ومع أن فترة تأجيل الانتخابات لم تزد على أسبوع فقط، فإن الخسائر الاقتصادية الناتجة عنها كانت كبيرة جداً، إذ قال رئيس غرفة التجارة بمدينة لاغوس، العاصمة الاقتصادية والتجارية لنيجيريا، إن «خسائر الاقتصاد جراء إرجاء الانتخابات تقدّر بنحو 1.5 مليار دولار أميركي». بيد أنه لم يكشف عن طبيعة هذه الخسائر ولا إن كانت قد تكبدتها الدولة أم القطاع الخاص.
هذا، وتشير التقارير إلى أن عدداً كبيراً من الناخبين في نيجيريا كانوا قد سافروا لمسافات طويلة من أجل الإدلاء بأصواتهم، وجاء قرار التأجيل ليفسد جميع خططهم. ثم إن العديد من الشركات والمؤسسات كانت قد أغلقت أبوابها استعداداً للانتخابات خشية وقوع أعمل عنف أو شغب، وظلت لأسبوع وهي مغلقة، ما كبدها العديد من الخسائر، حتى أن أحد الصحافيين في نيجيريا قال إن «البلاد عاشت طيلة أسبوع حالة من الشلل التام». إلا أن الجهات الرسمية في نيجيريا تقلل من أهمية الخسائر المترتبة على تأجيل الانتخابات، معتبرة أن القرار مكّنها من تفادي «خسائر سياسية» كانت ستكون كبيرة وباهظة الثمن فيما لو شابت الانتخابات خروق أو عراقيل فنية ولوجيستية مؤثرة على النتيجة.

- شكوك حول اللجنة!
في أي حال، تأجيل الانتخابات صب الزيت على نار الشكوك التي تدور حول كفاءة اللجنة المستقلة للانتخابات ومدى نزاهتها وقدرتها على تنظيم انتخابات شفافة وحرة. وأعاد من جديد إلى الواجهة مطالب قديمة بضرورة إعادة هيكلة هذه اللجنة، التي بدأ العمل بها منذ سقوط الحكم العسكري عام 1999. حين دخلت البلاد في عهد التعددية السياسية. إذ منذ بدأت نيجيريا «المسلسل الديمقراطي» تحوم الشكوك حول صدقية الانتخابات الرئاسية في كل مرة، خاصة، أن اللجنة المشرفة على تنظيمها لجأت في ثلاث مناسبات إلى تأجيل هذه الانتخابات عن موعدها المحدد في الدستور، ما أعطى المبرر والحجة للمطالب الداعية إلى مراجعة آليات عمل اللجنة.
ويقول إيدايات حسن، وهو مدير «مركز الديمقراطية والتنمية»، الذي مقره في العاصمة النيجيرية أبوجا، إن تأجيل الانتخابات الرئاسية «غدا عادة سيئة منذ رئاسيات 2011. عندما أوقف التصويت يوم الاقتراع وعندما كان الناخبون منهمكون في العملية الانتخابية. وعام 2015 أجلت الانتخابات ساعات قليلة قبل بدء التصويت لأسباب تتعلق بانعدام الأمن، ولكن الجديد هذه المرة (2019) هو أن قرار التأجيل يأتي بعدما كانت اللجنة قد أكدت للجميع أنها جاهزة وأن كل شيء على ما يرام».ويضيف الباحث النيجيري أن اللجنة «كانت على علم بالمشاكل اللوجيستية قبل عدة أيام من موعد الاقتراع، لكنها انتظرت حتى ساعات قبل التصويت لتعلن قرار التأجيل، والواضح أنها تجاهلت الانعكاسات الخطيرة لهذا القرار». ثم ذكر أن كثيرين طالبوا باستقالة رئيس اللجنة المشرفة على تنظيم الانتخابات، غير أن هذه المطالب «غير واقعية ولا تحل المشكلة... لأن الحل يتمثل في إصلاحات جوهرية تمس صميم عمل اللجنة».

- مواجهة بين رجلين
من ناحية ثانية، رغم الجدل الدائر حول اللجنة المشرفة على الانتخابات، فإن الأخيرة أكدت أنها جاهزة لتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، محاولة التخفيف من التوتر السياسي الذي تعيشه نيجيريا إثر قرار التأجيل، وبخاصة أن الحرب الكلامية بين أبرز المرشحين وصلت إلى ذروتها، مكرّسة حالة الاستقطاب السياسي في البلاد. وحقاً أدى الاستقطاب الحاد إلى أعمال عنف راح ضحيتها العديد من القتلى، فأعلنت الشرطة قبل أيام مقتل خمسة أشخاص في إطلاق نار، جنوب شرقي البلاد، خلال مواجهات بين أنصار الحزبين الكبيرين المتنافسين، وأفاد المتحدث باسم الشرطة أن الضحايا ينتمون لحزب «مؤتمر عموم التقدميين» الحاكم، مرجحاً أن يكون الهجوم انتقامياً، وتقف خلفه قوى سياسية مناوئة في المنطقة.
وسط هذه الأجواء تبدو الانتخابات وكأنها استفتاء شعبي على حصيلة حكم الرئيس بخاري، الذي يحكم البلاد منذ 2015، كأول شخصية معارضة تتمكن من تحقيق الفوز في الرئاسيات منذ بداية التعددية السياسية في نيجيريا، حين قلب الطاولة على الرئيس السابق غودلاك جوناثان، من خلال خطاب يتبنى محاربة الفساد والإرهاب.
بخاري، الجنرال السابق، كان قد قاد انقلابا عسكرياً في ثمانينات القرن الماضي حكم بعده نيجيريا لسنتين. لكنه لم ينجح خلال السنوات الأربع الماضية في تحقيق وعوده الكبيرة بتوفير الأمن ومحاربة الفساد. إذ أن «بوكو حرام» الذي وعد بالقضاء عليه عاد لشن هجمات دامية في شمال نيجيريا وشرقها، بل واستطاع التنظيم المتطرف استعادة قوته رغم الضربات القوية التي تلقاها خلال السنوات الأخيرة والانقسامات الحادة التي عانى منها. وللعلم، قتل التنظيم الذي يوصف بأنه الأكثر دموية في أفريقيا، أكثر من 27 ألف شخص في شمال شرقي البلاد منذ 2009.
«بوكو حرام»، خاصة إبان الانتخابات الرئاسية، يشكّل مصدر قلق حقيقيا، كونه كثيراً ما يستهدف التجمعات الشعبية الكبيرة بهجمات إرهابية تتعمّد إسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا، ولا يُستبعد أن يشن هجمات جديدة ضد مراكز التصويت يوم الاقتراع.

- أسوأ أزمة اقتصادية
من جهة أخرى تعيش نيجيريا في ظل حكم بخاري أسوأ أزمة اقتصادية عرفتها في تاريخها، إذ عجز الرجل عن تنويع مصادر الدخل في البلاد التي تعتمد بنسبة 90 في المائة على مداخيل النفط، كما أن نسبة النمو العام الماضي لم تتجاوز 1.9 في المائة فقط. وفي حين يواصل الفساد ينخر الدولة ويكلفها خسائر تقدر بمليارات الدولارات، يرى النيجيريون أن وعود بخاري بخلق الوظائف والتركيز على تحسين مستوى البنية التحتية تبخّرت خلال السنوات الأربع الماضية. إذ تشير الأرقام إلى أن 23 في المائة من سكان البلاد يعانون من البطالة، بينما 44 في المائة يعيشون تحت خط الفقر، في بلاد تضم أكبر عدد من المليونيرات في أفريقيا.
أيضاً، كان الملف الصحي لبخاري حاضراً بقوة خلال الفترة الأخيرة، ذلك أن الرئيس البالغ من العمر 76 سنة، يعاني من مشاكل صحية كبيرة، أرغمته على الاختفاء عن الأنظار لعدة أشهر العام الماضي. وقيل إنه كان يتلقى فيها العلاج خارج البلاد، وبلغت الأمور حد اتهامه بالعجز عن أداء مهامه الرئاسية.ولكن، رغم كل هذه المآخذ على بخاري، فإن النيجيريين كانوا مقتنعين بأنه لا يوجد أي منافس له في المعارضة، قبل أن يظهر رجل الأعمال الثري عتيق أبو بكر، وهو سياسي معروف سبق أن شغل منصب نائب رئيس الجمهورية في عهد الرئيس السابق أولوسيغون أوباسانجو، وكان قبل ذلك رئيساً للجمارك. فلقد استطاع أبو بكر خلال الأشهر الأخيرة طرح نفسه كمنافس شرس لبخاري، مع الإشارة إلى أن كلا المرشحين المتنافسين ينتميان إلى شعب الفولاني النافذ بشمال نيجيريا. الخطاب الذي يتبناه عتيق أبو بكر يقوم على ركائز عديدة، من أهمها الأمن والفساد. وهو يشدد على أن الخطط الأمنية التي انتهجها بخاري في مواجهة «بوكو حرام» كانت فاشلة فلم تؤت أكلها. ويتهمه أيضاً بالفشل في محاربة الفساد، واعدا بأنه إذا ما انتخب سيعفو عن المتهمين في قضايا الفساد شريطة أن يعيدوا إلى خزينة الدولة المبالغ التي تطالبهم بها، وهو ما يرى أنه سيمكّنه من توفير مبالغ ستساهم في تحسين أوضاع المواطنين. إلا أن عتيق أبو بكر يحمل بدوره إرثاً سيئاً خلفه، يتمثل بسجلّ حزبه «حزب الشعب الديمقراطي»، الذي حكم البلاد في الفترة بين 1999 و2015، وارتبط في أذهان النيجيريين بالفساد وانعدام الكفاءة وقلة الخبرة، وهي الأسباب التي تسببت في خسارته للانتخابات أمام بخاري قبل أربع سنوات.
لقد حاول أبو بكر إبان الحملة الانتخابية تغيير هذه الصورة السلبية العالقة بحزبه، من خلال خطاب جديد يتعهد بمحاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية. لكن وعوده، وكذلك وعود منافسه الرئيس بخاري، تبقى غير مقنعة لملايين النيجيريين الذين يرون أنها مجرد كلام انتخابي لن ينعكس على حياتهم بعد انتخاب أصحابها، وهذا، بناءً على تجاربهم السيئة مع الحكومات السابقة المتعاقبة. وهذا ما يوحي بأن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات قد تكون منخفضة جداً بالمقارنة مع الانتخابات السابقة.

- المرشحان المتنافسان ... بُخاري وأبو بكر
* محمد بخاري، من مواليد 1942. يتحدر من أسرة مسلمة تنتمي إلى شعب الفولاني في شمال نيجيريا.
بخاري جنرال سابق في الجيش سبق أن قاد انقلابا عسكرياً ناجحاً عام 1983.
أطاح بالرئيس المدني المنتخب شيخو شاغاري، ليحكم البلاد خلال سنتين، قبل الإطاحة به في انقلاب عسكري آخر.
وحالياً يحكم بخاري نيجيريا – للمرة الثانية – منذ عام 2015.
* عتيق أبو بكر، من مواليد 1946. يتحدر من الشمال ويُوصف من طرف المسلمين في نيجيريا بـ«الحاج»، وله بالفعل ميول دينية وصوفية. أبو بكر، الذي ينتمي أيضاً إلى شعب الفولاني، رجل أعمال ثري ذو خبرة سياسية مهمة، إذ سبق أن شغل منصب نائب رئيس الجمهورية خلال حكم الرئيس الأسبق أولوسيغون أوباسانجو (1999 - 2007)، وكان من معارضي التعديلات الدستورية التي حاول أوباسانجو تمريرها عام 2006 للبقاء في الحكم، لكنها فشلت.

- شعوب نيجيريا... وقبائلها
تُعد نيجيريا سابع أكبر بلد في العالم من حيث تعداد السكان، بنحو 200 مليون نسمة، مُشكَّلة من أكثر من 500 جماعة عرقية، تتوزّع على آلاف الشعوب والقبائل، التي تعتز كل واحدة منها بهويتها الخاصة، ولغتها ودينها. وتريد حصة من الدولة المركزية على شكل نفوذ وعائدات مادية، وعندما لا تتحقق مطالبها تهدّد بالانفصال عن الدولة الفيدرالية.
من أبرز شعوب نيجيريا وقبائلها: الهَوسا (أكثر من 55.6 مليون نسمة) واليوروبا (أكثر بقليل من 41.6 مليون نسمة) والإيغبو – أو الإيبو – (نحو 32 مليون نسمة) والفولاني (في نيجيريا وحدها أكثر من 15.3 مليون، ولكن مجموعهم في دول جنوب الصحراء يقارب الـ40 مليون نسمة). هذه الشعوب (القبائل) الأربعة تشكل وحدها أكثر من 70 في المائة من إجمالي تعداد السكان، ولقد أثرت العلاقات بينها في تفاصيل المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في نيجيريا.
- قبائل شعب الهَوسا (أكثر من 90 في المائة منها تدين بالإسلام) تنتشر في شمال نيجيريا مع امتدادات في النيجر وتشاد، ولديها ارتباط تاريخي بشعوب جنوب الصحراء الكبرى، وخاصة قبائل الفولاني والصُّنغاي والزبرما (الجيرما). من أبرز شخصيات الهَوسا في نيجيريا الرئيس السابق الجنرال مرتضى الله محمد.
- قبائل شعب الفولاني – أو الفلاتة – التي تشكّل رابع أكبر مكوّنات نيجيريا القبلية، وتعيش في شمالها، فهي مسلمة تتمتع بإرث تاريخي عظيم، يتمثل في بنائها عدة إمبراطوريات إسلامية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، ومنها يتحدر الرئيس المنتهية ولايته محمد بخاري وسلفه الرئيس شيخو شاغاري. أبرز شخصيات الفولاني القائد الإسلامي التاريخي عثمان دان فوديو، الذي أخضع الهَوسا وأسس حلفاً معهم ساهم في نشر الإسلام جنوباً، إذ حوّل نحو نصف شعب اليوروبا إلى مسلمين. ولقد حظي نسل دان فوديو، ولا سيما من سلاطين سوكوتو (شمال غربي نيجيريا) بنفوذ سياسي وديني ضخم، وكان آخرهم «السرداونا» أحمدو بيلو رئيس وزراء شمال نيجيريا وأكبر ساستها سلطة في عهد الاستقلال.
- قبائل شعب اليُوروبا، تقطن جنوب غربي نيجيريا، مع امتداد عرقي في بنين وتوغو المجاورتين. اليوروبا ثاني أكبر المكوّنات القبلية في نيجيريا، وهم منقسمون بالتساوي تقريباً بين الإسلام والمسيحية، ويقطن أغلب أفراد قبائلهم المدن الكبيرة مثل لاغوس وإيبادان وأوغبوموشو وأويو وأبيوكوتا، ويمارسون التجارة ويتمتعون بنفوذ كبير. منهم الرئيس الأسبق الجنرال أولوسيغون أوباسانجو.
- قبائل شعب الإيغبو (أو الإيبو)، هي ثالث أكبر مكوّنات نيجيريا من حيث التعداد السكاني، وكلها تدين بالمسيحية، ويتركز انتشارها في جنوب شرقي البلاد (مناطق النفط).
كانت هذه القبائل سبّاقة للتواصل مع البريطانيين ما أتاح لأبنائها الاستفادة من مزايا التعليم والتوظيف بشكل مبكّر. وبسبب الثروتين النفطية والعلمية سعت قيادات عسكرية وسياسية من الإيغبو إلى الانفصال، معلنة تحت قيادة الجنرال أودوميغوو أوجوكوو تأسيس دولة «بيافرا». غير أن مشروعها فشل وكبّدها وكبّد نيجيريا تكلفة باهظة بشرياً وسياسيا. من الإيغبو يتحدّر الدكتور نامدي أزيكيوي أول رئيس جمهورية لنيجيريا المستقلة، والجنرال جونسون إيرونسي القائد الذي استغل الانقلاب الدامي (قُتل فيه أحمدو بيلو ورئيس الحكومة الاتحادية أبو بكر تفاوا باليوا) في مطلع 1966 ليتولى الحكم.
جدير بالإشارة، أنه رغم هيمنة الشعوب الأربعة المذكورة على المشهد في نيجيريا، فهناك العديد من الشعوب والقبائل التي ساهمت من موقعها في رسم ملامح المشهد في نيجيريا خلال العقود الماضية، منها الكانوري (أبناء عمومة شعب الفور في دارفور بغرب السودان، ومنهم الرئيس الأسبق الجنرال ساني آباتشا) والتيف (الذين ينتمي إليهم الرئيس الأسبق الجنرال ياكوبو غوون الذي أنهى انفصال «بيافرا»).


مقالات ذات صلة

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

حصاد الأسبوع جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب

يوسف دياب (بيروت)
حصاد الأسبوع تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني

براكريتي غوبتا (نيودلهي (الهند))
حصاد الأسبوع تشون دو - هوان (رويترز)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
حصاد الأسبوع الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

شرق السودان... نار تحت الرماد

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق

أحمد يونس (كمبالا (أوغندا))
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
TT

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)
لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مستوياتها منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي السابق، وجرى تقويض كل قنوات الاتصال السياسية والدبلوماسية والأمنية. وحتى «الخط الساخن» الذي طالما عوّل عليه البلدان لمواجهة الظروف الطارئة وتجنّب الانزلاق إلى احتكاكات مقصودة أو غير مقصودة، جرى تجميده كلياً. كانت تلك، وفقاً لمسؤولين روس، أسوأ أربع سنوات في العلاقات، ولقد تحوّلت فيها الولايات المتحدة إلى خصم مباشر، و«شريك رئيس في الحرب الهجينة ضد روسيا». ولم ينعكس التدهور فقط في ملفات أوكرانيا والأمن الاستراتيجي والوضع في أوروبا - وهي القضايا المركزية التي تشغل بال الكرملين - بل أيضاً امتد في تأثيره بعيداً عن الجغرافيا الحيوية لروسيا... ليصل إلى الملفات الإقليمية الساخنة في الشرق الأوسط التي شهدت تصعيداً متواصلاً فاقم تأجيج الأزمة في العلاقات.

بمجرد اتضاح نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، بدأ محللون روس في وضع «سيناريوهات» للتقارب مع الإدارة الجمهورية الجديدة في واشنطن. ولطالما كان ينظر في موسكو للرئيس المنتخب دونالد ترمب على أنه «قادر على إعادة تشغيل العلاقات مع موسكو»، والتوصل إلى تسويات أو «صفقات» حول القضايا الأكثر خلافية.

بيد أن الكرملين كان قد خاض تجربة مريرة مع ولاية ترمب الأولى، عندما بدا الرئيس - المتهم بالتعاون سرّاً مع روسيا - عاجزاً عن مواجهة تركة باراك أوباما الثقيلة في العلاقة مع موسكو. لذلك لم ينجح التفاؤل الروسي في حينه، ولا الخطوات المحدودة التي انتهجها ترمب في تحسين العلاقات جدياً، ووضع «سيناريوهات» للتعاون في ملفات دولية أو إقليمية. بل بالعكس من ذلك، فقد واجهت روسيا في ولاية ترمب السابقة أضخم رُزم عقوبات فرضتها واشنطن. ومن ناحية ثانية، فشل الطرفان أيضاً في تحسين شروط التعاون حيال ملفات إقليمية مهمة، فتدهور الوضع حول إيران بعد انسحاب ترمب من الاتفاقية النووية، وتراجع الأخير عن تنفيذ تعهد الانسحاب من سوريا.

ثلاثة أفخاخ

بناءً عليه، بدت موسكو أكثر حذراً هذه المرة وهي تستقبل أنباء فوز ترمب الساحق. وحقاً، تجنّبت تعليق آمال جدية، بانتظار ما ستقدم عليه الإدارة الجديدة من خطوات عملية فور تسلم الرئيس منصبه رسمياً في يناير (كانون الثاني) المقبل.

لكن هذا لم يمنع التوقّعات المتشائمة، التي غلبت على العلاقة، من البروز بشكل مباشر أو غير مباشر. والحال أن موسكو تبدو حالياً ضعيفة الثقة بقدرة «ترمب الجديد» على تجاوز التغيّرات الكبرى التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الإطار، أجمل أليكسي بوشكوف، عضو مجلس الشيوخ الروسي وأحد خبراء السياسة المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين، المأزق الذي يواجه ترمب بأنه يشتمل على «ثلاثة أفخاخ صعبة».

الفخ الأول، بطبيعة الحال، هو ملف أوكرانيا: فلقد استثمرت الولايات المتحدة بالفعل الكثير في أوكرانيا لدرجة أنها ما عادت تعرف كيفية الخروج من هذه الأزمة. وهنا لا تتوقف موسكو كثيراً عند الوعود الانتخابية لترمب بإنهاء الحرب في 24 ساعة. ويتساءل بوشكوف: «هل ستتخلى واشنطن عنها مثل أفغانستان؟ لم يعد يمكنها ذلك». أو تكمل ما بدأته الإدارة الديمقراطية؟ عندها... وكما حذّر ترمب بحق، فإن هذا قد يؤدي إلى صراع نووي مع روسيا. تدرك موسكو حجم الصعوبات التي تواجه ترمب في هذا الملف.

أما الفخ الثاني، فهو شرق أوسطي. وهنا - حسب بوشكوف - «لا يمكن لترمب التراجع عن دعم إسرائيل بسبب وجود لوبي قوي جدّاً مؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة. لكنه لا يستطيع دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علناً في كل ما يفعله، لأن هذا يضرّ بمكانة الولايات المتحدة في العالم العربي (...) ولأن المخطط الأميركي لمصالحة إسرائيل مع جيرانها ما زال موضع شك. لقد حاولت الولايات المتحدة إخراج إسرائيل من عزلتها في المنطقة... لكن هذا المدخل لم يعد يعمل. وعلاوة على ذلك: يُصرّ العالم العربي على إقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل بشكل قاطع. إذن فهذا أيضًاً فخ».

وأما الفخ الثالث فهو تايوان. ووفقاً لبوشكوف: «من الممكن أن تصبح قضية تايوان فخاً كبيراً للولايات المتحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستدعم أوروبا الأميركيين إذا دخلت الولايات المتحدة في صراع مع الصين؟ لقد قوّضت أوروبا نفسها اقتصادياً بشدة بالفعل بسبب انفصالها عن روسيا. وإذا فتحت أيضاً معركة مع الصين، التي يبلغ حجم تجارة الاتحاد الأوروبي معها تريليون دولار أميركي، فمن المرجح أن ينهار الاقتصاد الأوروبي ببساطة».

قنابل موقوتة

السياسي الروسي يرى أن «الأفخاخ الثلاثة» تمثل قنابل موقوتة بالنسبة إلى دونالد ترمب... مهما كانت طبيعة التركيبة النهائية لفريقه الرئاسي، أو خطواته الأولى على صعيد السياسة الخارجية.

فضلاً عن ذلك، يرى بوشكوف، أن ترمب الذي تعهد بإيلاء القدر الأكبر من الاهتمام للإصلاح الداخلي، سيواجه صعوبة كبرى في إيجاد توازن بين الانكفاء إلى الداخل من أجل تحسين الأداء الاقتصادي ومواجهة الهجرة و«إعادة أميركا عظيمة» بقدراتها واقتصادها ومستوى المعيشة لشعبها، وبين العمل بسرعة لتنفيذ وعود انتخابية بإنهاء حروب وتقليص التوتر في أزمات خارجية. ويضيف متسائلاً: «كيف يمكن أن تكون أميركا عظيمة مجدّداً... وهي تنكفئ في السياسة الدولية؟».

تبدو موسكو حالياً ضعيفة الثقة بقدرة «ترمب الجديد» على تجاوز

التغيّرات الكبرى التي شهدتها الأوضاع الإقليمية والدولية خلال السنوات الأخيرة

تباين حيال التسوية في الشرق الأوسط

لا يبدو أن موسكو تثق كثيراً بقدرة ترمب على لعب دور نشط لإنهاء الحرب على غزة ولبنان، ودفع الإسرائيليين إلى التوصّل لحلول سياسية تعيد الهدوء - ولو نسبياً - إلى الشرق الأوسط.

وهنا، يذكر خبراء أن المدخل الأميركي السابق قام على أساس تعزيز اتفاقات تطبيع وفرض سلام من نوع خاص، لا يؤدي إلى تسوية سياسية حقيقية تنهي العنف في المنطقة وتنزع ذرائعه.

وترمب نفسه أعرب خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى عن نيته التوسط في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكنه أظهر لاحقاً التقارب مع إسرائيل من أجل كسب دعم المانحين الرئيسيين والناخبين الرئيسيين، وخاصة الصهاينة المسيحيين الإيفانجيليين.

بحسب خبراء، هذا الموقف يتوافق مع النهج القائل: «أميركا تفعل ما تريد، وبالتالي أصدقاء أميركا يفعلون ما يريدون». مع الإشارة هنا إلى أن هذا النهج المائل إلى عقد «صفقات» ينصّ على «امتيازات خاصة للحلفاء كدفعة مقابل الأمن». غير أن موسكو ليست مقتنعة بأن هذا المدخل سيعزّز طريق الحلول النهائية للمنطقة.

ومقابل القناعة الروسية بالعودة إلى الآليات التي توافر عليها نوعٌ من الإجماع الدولي، كإحياء «الرباعية الدولية» وتوسيعها بضم بعض الأطراف الإقليمية المهمة (المملكة العربية السعودية ومصر وجامعة الدول العربية)، وأيضاً العودة إلى مبادئ التسوية القائمة على أساس رفض التوسّع الجغرافي للاحتلال، وإعلاء «مبدأ حل الدولتين» ووضع خرائط طريق جديدة بينها «المبادرة العربية للسلام»، فإن مدخل ترمب يقوم على عقد صفقات سريعة للتهدئة، وترك المناطق أمام «برميل بارود» قابل للانفجار مجدداً في أي وقت.

في هذا الإطار لا يتوقّع خبراء روس أن تكون التسوية في الشرق الأوسط بين أولويات الحوار المنتظر مع الإدارة الأميركية الجديدة، بالنظر إلى أن هذا الموضوع فيه تباعد واسع في وجهات النظر، ولا يدخل ضمن الملفات التي قد يكون بوسع الطرفين التوصل إلى صفقات حولها.

وفي الوقت ذاته، ترى موسكو - وفقاً لتحركات محدَّدة برزت في سوريا، ومن خلال حوارات مكثفة أجريت غالباً خلف أبواب مغلقة مع الجانب الإسرائيلي - أن بوسعها لعب دور أساسي في تأكيد دورها بضمان أمن إسرائيل من جهة سوريا وإيران مستقبلاً. وهو ما يعني أن هذا الموضوع قد يكون جزئياً على طاولة حوار روسي - أميركي في وقت لاحق.

تأهب للحوار حول سوريا

في هذه الأثناء، لدى الأوساط الروسية نظرة إيجابية، ولكن حذرة، بشأن احتمالات سحب ترمب القوات الأميركية من سوريا إبان ولاية ترمب الجديدة.

موسكو تتذكر الإرادة الأميركية في الانسحاب من سوريا إبان ولاية ترمب السابقة، لكن يومذاك كان التهديد الإرهابي ما زال نشطاً، والخطوط الفاصلة ومناطق النفوذ لم تكن قد تبلورت بشكل شبه نهائي. لذا يرى خبراء روس أن ترمب عندما يتكلّم عن سحب القوات حالياً فهو ينطلق من واقع ميداني وسياسي جديد. وبالتالي، سيكون حذراً للغاية عند مناقشة هذه المشكلة مجدداً.

أيضاً، ونظراً لوعود ترمب الانتخابية المتكررة، يُرجح أن ترغب واشنطن في سحب قواتها من سوريا، لكن لا يبدو لموسكو أن هذه القضية ستكون مُدرجة على جدول الأعمال ضمن أولويات التحرك الأميركي حالياً.

لقد قوبلت خطط ترمب لسحب القوات في السابق بمقاومة مفتوحة، خاصة من «القيادة الوسطى» الأميركية وشخصيات، مثل بريت ماكغورك، الذي عمل مبعوثاً خاصاً لمكافحة «داعش» حتى أواخر عام 2018، واستقال قبل شهرين من انتهاء فترة ولايته، مباشرة بعد قرار إدارة ترمب سحب القوات من سوريا في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018. بعدها عيّن جو بايدن، الرئيس الأميركي المنتخب، عام 2020، ماكغورك منسقاً لمجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واكتسبت سياسة واشنطن في سوريا لدعم حزب العمال الكردستاني «وحدات حماية الشعب» زخماً.

حالياً يعود الملف إلى دائرة النقاش، ولقد برز بشكل واضح خلال اجتماعات «جولة آستانة للحوار» التي انعقدت أخيراً. وأكد المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف إلى سوريا في ختام الاجتماعات أن موسكو منفتحة على الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة فور تشكيلها، لبحث الملفات المتعلقة بسوريا. وقال الدبلوماسي الروسي: «إذا كانت هناك مقترحات، فإن الجانب الروسي منفتح، ونحن على استعداد لمواصلة الاتصالات مع الأميركيين».

وفي هذا المجال، تنطلق موسكو من قناعة بأنه لا يمكن التوصل إلى بعض الحلول الوسط إلا من خلال المفاوضات المباشرة. وهي هنا مستعدة للاستماع إلى وجهات النظر الأخرى، وربما تقديم بعض الضمانات التي تحتاج إليها واشنطن لتسريع عملية الانسحاب ودعم التسوية في سوريا برعاية روسية تضمن مصالح الأخيرة.