في صفحتين و16 فقرة تقع مسودة البيان الختامي الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط» والمفترض أن يصدر في حال تم الاتفاق بين الطرفين على إصداره في ختام القمة العربية - الأوروبية الأولى في شرم الشيخ الاثنين.
وأظهرت مسودة البيان الرغبة في تجنب الخلاف بين الأطراف المشاركة، والتزام الخطوط العامة للمسائل التي يتعرض لها. وبحسب مصادر اطلعت على المناقشات التي أفضت إلى كتابة مسودة البيان، فإن الجميع كان واعيا لـ«الألغام» التي تحتويها كل فقرة وبالتالي تم تناولها بلغة دبلوماسية «لا تخدش مواقف أحد» وتنزع من الأطراف المعنية الحجج «لرفض البيان».
وتنم المسودة التي يمكن أن تخضع بعض فقراتها للتعديل في الساعات الأخيرة عن رغبة في تناول المسائل كافة التي تهم الطرفين العربي والأوروبي. من هنا، فقد جاء على شاكلة «جردة حساب» شاملة خصص لكل مسألة فقرة واحدة. والقرار «العملي» الوحيد الذي ينص عليه البيان هو الإعلان عن عزم الطرفين على عقد قمة كل ثلاث سنوات بالتداول على أن تكون القمة القادمة في بروكسل، مقر الاتحاد الأوروبي، في عام 2022.
تكتفي الفقرات الأولى والثانية والثالثة والرابعة بعرض الاعتبارات العامة بشأن أهمية التعاون بين المجموعتين اللتين تشكلان 12 في المائة من سكان العالم لتدعيم الاستقرار والازدهار والأمن والسلام في العالمين العربي والأوروبي والعالم أجمع واعتبار التعاون الوثيق بينهما «مفتاح الوصول» إلى الحلول للتحديات المشتركة. وأحد وجوه التعاون تعزيز الشراكة وآلياتها على مستوى القمة والمستويات الأخرى الموجودة. كذلك تنص على التمسك بالمعالجة متعددة الأطراف «أي البعيدة عن الأحادية» للنظام العالمي لمواجهة «التحديات الشاملة» التي أدرج بينها ملف الهجرات الذي يشكل موضوعا حساسا بين المجموعتين.
وسبق له أن أثار مناقشات حادة خلال اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل بداية الشهر الحالي. وبهذا الخصوص، نص مشروع البيان الختامي على أن الطرفين يستلهمان في تناوله «اتفاق لافاليتا» الذي أقره الأوروبيون في اجتماعهم في عاصمة مالطا في شهر فبراير (شباط) من عام 2017 مع التشديد على احترام حق اللجوء وفق ما ينص عليه القانون الدولي.
وبالمقابل، يدعو البيان إلى التشدد في جبه الهجرات غير المشروعة ومحاربة مهربي البشر. وألحقت بالفقرة الثالثة عبارات مختصرة عن دعم اتفاق باريس حول التغيرات المناخية. وفي السياق عينه، تدعو الفقرة الرابعة إلى «تعميق» التعاون الاقتصادي بين الجانبين وإقامة «شراكة قوية» للاستثمار والتنمية المستدامة والوصول إلى «أجندة» مشتركة في قطاعات التجارة والطاقة وأمنها «أي الوصول الحر إلى الأسواق» والزراعة والسياحة لضمان تنمية توفر فرص عمل لخفض البطالة والاستجابة لحاجات الشعوب.
أما في المسائل السياسية، فقد نص البيان في فقرته السادسة على مبدأ عام، إذ اعتبر أن الوصول إلى حلول سياسية لأزمات المنطقة يجب أن يكون بالالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. ويلي ذلك ثبت بأزمات المنطقة بدءا بالنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ يعبر الطرفان عن «مواقف مشتركة» لجهة التمسك بمسار السلام ووضع القدس واعتبار المستوطنات في «الأراضي الفلسطينية المحتلة» خروجا عن الشرعية الدولية. ويجدد الطرفان تمسكهما بالوصول إلى حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة واعتبار ذلك «الحل الوحيد الواقعي» لوضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وبلوغ الحل العادل، الدائم والشامل من خلال المفاوضات بين الطرفين بشأن مسائل الحل النهائي.
واللافت التركيز في فقرة مطولة على أهمية التمسك بالوضع القائم للأماكن المقدسة في القدس ودور المملكة الهاشمية في الإشراف عليها وبأهمية المحافظة على وكالة الأونروا ودعمها سياسيا وماليا للسير في مهامها. ولم تنس مسودة البيان وضع غزة والتعبير عن «القلق» من وضعها الإنساني والسياسي والاقتصادي والأمني ودعوة «جميع الأطراف» من أجل اتخاذ الخطوات اللازمة لتحسين أوضاعها بموجب القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان وخصوصا حماية المدنيين. وأدانت المسودة الاستخدام المفرط للقوة والعقوبات الجماعية المعنية بها إسرائيل ولكن دون تسميتها. وبالمقابل أدانت المسودة «كل أعمال العنف والإرهاب».
وفي سبع فقرات، تناولت مسودة البيان الحرب في سوريا وأوضاع ليبيا واليمن والإرهاب والتطرف وأسلحة الدمار الشامل «في إشارة إلى إيران ولكن دون تسميتها».
وبخصوص سوريا، شددت المسودة على اعتبار أن «أي حل دائم يستلزم انتقالا سياسيا حقيقيا وفق بيان جنيف للعام 2012 وقرار مجلس الأمن 2254 مع إدانة «كل الأعمال الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان والحاجة لمحاكمة المتسببين بذلك». وأهم ما جاء في هذه الفقرة الإعلان عن ربط أي تطور في السياسات تجاه حصول «تقدم ملموس» نحو التسوية السياسية. ولم تأت مسودة البيان بجديد عن ليبيا.
أما بخصوص اليمن، فقد نصت المسودة على الترحيب باتفاق استوكهولم وبقراري مجلس الأمن رقم 2451 و2452 والتعبير عن القلق إزاء الوضع الإنساني ودعوة «كل الأطراف المعنية من أجل العمل بشكل بناء للوصول إلى تسوية سياسية عادلة وشاملة تكون لصالح الشعب اليمني».
ونصت المسودة فيما خص الموضوع النووي في المنطقة على أهمية المحافظة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وعلى هدف الوصول إلى شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل. إلا أن الفقرة 11 تناولت بشكل أوسع التهديدات للأمن والسلام إقليميا ودوليا المتأتية عن الإرهاب والتطرف والأعمال المزعزعة للاستقرار وانتشار الأسلحة الممنوعة... وشددت بشكل خاص على الإرهاب وأهمية التعاون والتنسيق لمحاربته والتخلص من أسبابه واستمرار الجهود لمواجهة الإرهاب المتنقل عبر الحدود مع اعتبار أن النجاح في هذه المهمة يفترض «مقاربة شاملة» لحجب أي دعم ومن أي شكل كان عن الإرهاب.
ولم يفت معدي المسودة أن يشيروا إلى أهمية قرارهم مواجهة التعصب والتشدد الديني والثقافي والمعاملة التمييزية والصور النمطية والتفرقة والحض على العنف وغير ذلك مما يؤجج النزاعات، بما في ذلك شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وأخيرا، أشارت المسودة إلى طلب المسؤولين من إداراتهم تحديد آليات التعاون والتنسيق في كل المجالات المذكورة مع الأخذ بعين الاعتبار ما هو موجود منها.
مسودة بيان القمة العربية ـ الأوروبية تتجنب القضايا الخلافية
صفحتان و16 فقرة واجتماع كل ثلاث سنوات... و«الشرق الأوسط» تنشر نصها
مسودة بيان القمة العربية ـ الأوروبية تتجنب القضايا الخلافية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة