في حضور 6 آلاف سائح وسفراء دول أفريقية، صافحت أشعة الشمس صباح أمس، وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، في زيارتها الأولى لمعبد أبو سمبل، التي تتكرر مرة أخرى يوم 22 أكتوبر (تشرين الأول)؛ حيث تخترق مدخل المعبد وصولاً إلى غرفة قدس الأقداس؛ حيث يوجد تمثال رمسيس الثاني، بصحبة تماثيل آمون رع، ورع حور، وبتاح.
وعكس احتفال وزارة الآثار بهذا الحدث الفلكي، السياسة المصرية في مزيد من الانفتاح على أفريقيا. وقال بيان صدر عن وزارة الآثار المصرية، إن وزراء الآثار والثقافة والسياحة والاستثمار والتعاون الدولي والاتصالات، اصطحبوا 22 سفيراً ودبلوماسياً من الدول الأفريقية وعائلاتهم، من أبرزهم سفير الكاميرون الذي يعد عميد السفراء الأفارقة، وسفراء غانا ومالي وغينيا وكوت ديفوار.
وتكشف هذه الظاهرة عن عبقرية المصري القديم في اختيار المكان الذي سيوجد فيه تمثال رمسيس الثاني، لتتعامد عليه الشمس. فقبل نحو 3300 عام، نحت رمسيس الثاني معبده على أحد الجبال الشامخة المطلة على الشاطئ الغربي لنهر النيل، وبمرور الوقت بدأت رمال الصحراء تزحف على تماثيله حتى غطتها تقريباً (المعبد الكبير معبد الملك، والمعبد الصغير معبد زوجته الجميلة نفرتاري) وأعيد في عام 1813 اكتشاف المعبدين، وبعد أقل من 150 عاماً على إعادتهما للحياة جاء تهديد جديد من مياه بحيرة ناصر، التي كانت ستغمر المعبدين تماماً عند الانتهاء من إنشاء السد العالي وقتها، الأمر الذي دفع اليونيسكو إلى استنهاض العالم لإنقاذ المعبد عام 1965، وتنفيذ أكبر مشروع إنقاذ أثري شهده التاريخ.
وقبل موعد الظاهرة بيومين، أصدر المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بياناً يتضمن أبرز 13 معلومة عن الظاهرة، تضمن تأثير عملية النقل على موعد الظاهرة.
وقال البيان إنه قبل نقل المعبد عام 1964 كان يتم الاحتفال بالظاهرة يومي 21 فبراير (شباط) و21 أكتوبر، ثم تغير الموعد إلى يومي 22 فبراير و22 أكتوبر بعد نقل المعبد.
وأشار البيان إلى أن هذه الظاهرة تم اكتشافها عام 1874 عن طريق المستكشفة إميليا إدوارد، وتم تسجيلها في كتابها «ألف ميل فوق النيل» عام 1899.
وأضاف أن هناك روايتين لمناسبة التعامد؛ حيث تذهب الرواية الأولى إلى أن التعامد يتعلق ببدء الموسم الزراعي، وتقول الرواية الثانية إنه يتعلق بيوم ميلاد الملك، وعيد جلوسه على العرش.
ولفت البيان إلى عبقرية المصري القديم في اختيار موقع تمثال رمسيس الثاني، الذي تزوره أشعة أشمس مع التماثيل المصاحبة له، عدا تمثال واحد يظل مظلماً، وهو تمثال بتاح، إله الظلام عند المصري القديم، وهو ما يعكس براعة المصري القديم.
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» يفسر الدكتور أشرف تادرس، رئيس قسم الفلك بمعهد البحوث الفلكية، كيفية احتفاظ الشمس بموعدها السنوي لزيارة وجه رمسيس الثاني، قائلاً: «إن الأمر يتعلق بحركة الشمس الظاهرية في السماء، والتي تعتمد في مضمونها على أن الشمس في شروقها وغروبها تمر على كل نقطة خلال مسارها مرتين في السنة، وبذلك يكون التعامد على مكان بعينه عند شروق الشمس ينحرف بمقدار ربع درجة تقريباً يومياً، ذهاباً إلى أقصى الشمال الشرقي حتى 23.5 درجة صيفاً، ثم إياباً إلى أقصى الجنوب الشرقي حتى 23.5 درجة شتاء.
ويشيد تادرس بعملية الإنقاذ الأثري للمعبد، التي حافظت على هذه الظاهرة بفارق يوم واحد فقط عن موعدها قبل الإنقاذ، لافتاً إلى أن ذلك «جاء لأنهم حافظوا على محور حركة الشمس نفسه، وأدى الارتفاع بالمعبد 183 متراً عن منسوب مياه البحيرة لإنقاذه إلى حدوث الفارق بهذا اليوم».
الشمس تصافح وجه رمسيس داخل معبده في «أبو سمبل»
بحضور 6 آلاف سائح وسفراء دول أفريقية
الشمس تصافح وجه رمسيس داخل معبده في «أبو سمبل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة