تشارك رهف شمالي، البالغة من العمر 16 عاما، في تدريبات فرقة "صول" الموسيقيّة لتتمكن من الظهور بشكل مميز خلال العروض التي ستنظمها الفرقة في عدد من الأماكن ضمن قطاع غزّة.
تقول رهف لـ "الشرق الأوسط": "منذ طفولتي أحببت الغناء، وصدحت بأغنيات مختلفة في أفراح عائلتي وأعياد الميلاد وبين صديقاتي في المدرسة. ثم تطور الأمر لأشارك في عدد من الحفلات العامّة، وقبل أشهر أصبحت عضوا في فرقة موسيقيّة ذات سمعة جيدة في الوسط المحلي".
واجهت رهف انتقادات مجتمعية متعددة، لكنها تجاوزت ذلك بإصرار، وتمكنت بسهولة من الاندماج مع جو الفرقة التي تتكون في الوقت الحالي من خمسة شبان بالإضافة إليها، لافتة إلى أنّها شاركت في مجموعة حفلات قدمت خلالها أغاني وطنية وأخرى طربية لأم كلثوم ووديع الصافي وغيرهما.
بداية الفرقة
عام 2012، قرر مجموعة شبان غزيين الاجتماع على فكرة واحدة يستثمرون فيها مواهبهم الفنية في الغناء والتلحين والعزف، ليحاولوا إثبات وجودهم في الساحة الفنية الفلسطينية، وكانت أعمارهم آنذاك بين 15 و 19 عاما.
اختار الأصدقاء أن يطلقوا اسم "صول" على مجموعتهم، خروجاً عن الأسماء التقليدية التي لازمت بعض الفرق الموسيقيّة الفلسطينية، وحرصوا على تحديد أنماط فنية معينة يركزون عليها في تدريباتهم ليضمنوا التميز في عملهم.
يقول مطرب الفرقة حمادة نصرالله - 23 عاما- لـ "الشرق الأوسط": "أول ما اصطدمنا به حين فكرنا في إنشاء الفرقة هو المكان الذي نجتمع فيه لإجراء التدريبات وتجهيز الأعمال التي نرغب في تقديمها في العروض العامّة والأحداث المختلفة"، فكان الحل العمل في بيوت عدد من أعضاء الفرقة.
يضيف حمادة: "شاركنا منذ انطلاقنا في مبادرات مجتمعية ومناسبات وطنية نظمتها مؤسسات المجتمع المدني. وكذلك شاركنا في جلسات تفريغ نفسي للأطفال من خلال الموسيقى والغناء في عدد من المناطق الحدودية والمهمّشة في قطاع غزة".
حققت الفرقة بفضل نشاطاتها وحضورها على منصات التواصل الاجتماعي، وقعاً شكّل حافزا للسير قدما في الفكرة. ويوضح حمادة أنّهم لم يقدموا في بداياتهم إنتاجا خاصا لعدم امتلاكهم قدرات الإنتاج الذاتي وغياب الجهات الراعية والحاضنة.
وعن أنواع الأغاني التي يقدمها شباب الفرقة، يقول: "نحن أبناء الواقع والقضية الفلسطينية، وعشنا المعاناة بمختلف أشكالها، لذلك الأغنية الوطنية تأتي أولاً، تليها الأغاني الطربية والمجتمعية التي تعالج قضايا شبابية وفكرية مختلفة".
أعمال خاصة
خلال الأشهر الماضية، تمكن أعضاء الفرقة من إنتاج مجموعة أعمال خاصّة بجهود ذاتية، آخرها أغنية "رافع راسي" التي حققت انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي وبلغ عدد مشاهداتها على "فيسبوك" وحده 1.5 مليون مشاهدة، و"هذا رقم كبير جدا بالنسبة إلى شباب مبتدئين ويعني الكثير، فقد أعطانا تصورا واضحا عن مدى تقبل الجمهور لأعمالنا، لهذا كان نقطة انطلقنا منها نحو الأفضل".
كانت الفرقة في طليعة المجموعات المحلية التي شاركت في مسيرات العودة على حدود قطاع غزة، من خلال تقديم عروض فنية هناك. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت مشاركات الفرقة في المهرجانات المحلية تطورا خلال العام المنصرم، فقد شاركت في "مهرجان فلسطين الدولي"، ومهرجان "على السطح"، وغنّت إلى جانب مجموعة من الفنانين الأوروبيين في حفلة نظمتها "اليونسكو" على مقربة من شاطئ غزّة.
تحديات
منذ انطلاقها، حرصت الفرقة على ضم عدد من المواهب الموسيقية النسائية، وذلك من باب أنّ المرأة الفلسطينية يجب أن تكون شريكة في كلّ تفاصيل الحياة المجتمعية والفنية المحلية. لكنّها واجهت انتقادات كثيرة في محاولاتها المتكررة، و"أوقفت الأجهزة الأمنية عدداً من حفلاتنا في قطاع غزّة بسبب وجود فتيات ضمن الفرقة". يكمل نصرالله: "على الرغم من ذلك استمرت محاولاتنا، ونجحنا قبل أشهر في ضمّ الفتاة الموهوبة رهف الشمالي لتكون ضمن العناصر الأساسين الذين يشاركون في معظم العروض التي تقدمها الفرقة".
ختاما، يلفت نصر الله إلى أنّ الحصار والإغلاق هما من أهم التحديات التي تواجه "صول" ويمنعان أعضاءها من التفكير في تقديم عروض خارجية أو خوض المسابقات العربية.
*من «مبادرة المراسل العربي»