المجلس الدستوري يبطل عضوية نائبة من «المستقبل»... والحريري يعيد ترشيحها

اتهامات بتدخل سياسي في قراراته... ورئيسه يؤكد أنه محصّن ضدها

الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع النائبة المطعون بصحة انتخابها ديما جمالي (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع النائبة المطعون بصحة انتخابها ديما جمالي (دالاتي ونهرا)
TT

المجلس الدستوري يبطل عضوية نائبة من «المستقبل»... والحريري يعيد ترشيحها

الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع النائبة المطعون بصحة انتخابها ديما جمالي (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع النائبة المطعون بصحة انتخابها ديما جمالي (دالاتي ونهرا)

أبطل المجلس الدستوري في لبنان أمس، فوز عضو كتلة «المستقبل» النائبة ديما جمالي في عضوية البرلمان، واتخذ قراراً بإعادة الانتخابات في دائرة طرابلس التي تضم أربع بلديات من بينها المدينة، وفق نظام التصويت الأكثري، وذلك إثر الطعن الذي قدمه منافسها طه ناجي أمام المجلس قبل أشهر، وفتح قرار المجلس النقاش حول التحالفات السياسية الجديدة والتقديرات حول نتيجة الانتخابات الفرعية التي ستجري بعد شهرين.
وعلى الرغم من أن رئيس الحكومة سعد الحريري لم يعلق على القرار خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت أمس، فإن وزراء لاحظوا امتعاضه بعد إعلان القرار. والتقت النائبة ديما جمالي الرئيس الحريري بعد ظهر أمس، معلنة أنه رشحها للانتخابات الفرعية في طرابلس التي ستجري خلال الشهرين المقبلين. وقالت بعد لقاء الحريري: «نحترم قرار المجلس الدستوري واشكر الحريري الذي دعاني اليوم لإعادة الترشح مجددا، ومتأكدة أن الشارع الطرابلسي سيجدد ثقته بي».
وفتح قرار المجلس الدستوري، الذي يعد الأول منذ العام 2002، نقاشاً حول شبهات بالتدخل السياسي في قراراته، رغم نفي رئيسه عصام سليمان لتلك الشبهات، في وقت تنظر مصادر سياسية مطلعة إلى أن القرار «لم يتخطّ التوازنات اللبنانية المعمول بها» لجهة إبطال فوز نائبة، وعدم إعلان فوز منافسها. وتبادلت الأطراف المعنية بالطعون الانتخابية المعطيات حول شبهات التدخل، إذ استند فريق المرشح طه ناجي إلى أسباب عدم إعلانه فوزه، فيما ألمحت مصادر «المستقبل» إلى ضغوط سياسية دفعت المجلس لإعادة التصويت على القرار بالطعن.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن عضوين من المجلس الدستوري كانا توصلا في المطالعة الأولى إلى توصية بقرار رد الطعن قبل أن يبدل أحدهما رأيه ليصوت بقبول الطعن إلى جانب 6 أعضاء آخرين، ويحتاج القرار إلى 7 أصوات من أصل 10 هم أعضاء المجلس الدستوري.
وبعد ثمانية أشهر على إجراء الانتخابات النيابية، أعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي عصام سليمان إبطال نيابة ديما جمالي (كتلة المستقبل)، بفعل الطعن الذي قدمه المرشح الخاسر طه ناجي (على لائحة النائب فيصل كرامي)، على أن تجرى الانتخابات الفرعية في طرابلس خلال شهرين من تاريخ إعلان هذا القرار، على أساس القانون الأكثري، علما بأنه لم يبطل أي نيابات في دائرتي بيروت الأولى والثانية، ولا في المتن وزحلة وبعلبك - الهرمل.
وأشار إلى أنه في دائرة الشمال الثانية، تم رد طعنين في الأساس، وطعن في الشكل لوروده بعد انتهاء المهلة القانونية (شهر بعد انتهاء الانتخابات). ونتيجة التدقيق في الطعن المقدم من المرشح الخاسر طه ناجي بنيابة المرشحة المعلن فوزها ديما الجمالي، تبين أنه في قلم قرصيتا رقم 546 المدرسة الرسمية غرفة رقم 5 قد جرى العبث بمحتويات المغلف العائد لهذا القلم والذي تسلمته لجنة القيد من دون مستندات، وبعد التدقيق في أوراق الاقتراع الموجودة في هذا المغلف تأكد العبث بها أيضا، لذلك قرر المجلس الدستوري إبطال نتيجة هذا القلم وتصحيح النتيجة المعلنة رسميا في دائرة الشمال الثانية. وأشار إلى أن الفارق بين لائحة «الكرامة الوطنية» التي ترأسها النائب فيصل كرامي، ولائحة «المستقبل» التي تنتمي إليها جمالي، هو 7 من مائة ألف، ما يعني أن الفارق يكاد يكون معدوما. وهذا الفارق لا يعول عليه لإعلان فوز أي من اللائحتين المتنافستين على المقعد السني الخامس في طرابلس بهذا المقعد.
ورد سليمان على الاتهامات بالتدخلات السياسية، وشدد على أن «التصويت على هذا القرار تم يوم الثلاثاء الماضي في 19 شباط ولم يتم التصويت كما ورد في بعض وسائل الإعلام في 12 فبراير (شباط). لذلك فإن ما أثير في وسائل الإعلام فيه إساءة للمجلس الدستوري ولا يعبر عن الحقيقة»، مشيرا إلى أن الكثيرين علقوا بأن هناك تدخلات سياسية مع أعضاء المجلس الدستوري، وقال: «أؤكد لكم أن أعضاء المجلس الدستوري محصنون إلى أقصى الحدود ولا أحد يؤثر بهم ولا أحد يتدخل بهم، وأنا أشهد على ذلك. لا أحد تدخل معي منذ أن توليت مسؤوليتي في المجلس الدستوري ولا أحد تدخل مع الأعضاء. لذلك كل ما يقال عن تدخلات في شؤون المجلس الدستوري عار عن الصحة. تدخلات السياسيين تقف على باب سياج المجلس الدستوري ولا تدخل إليه أبدا».
ونفى الخبير القانوني ورئيس رئيس منظمة «جوستيسيا» الدكتور بول مرقص أن يكون المجلس الدستوري اتخذ قراراً يراعي فيه التوازنات، كما رفض الاتهامات بالتسييس، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المجلس الدستوري بعد التحقيقات، وجد أن النتيجة معيبة، لكن الفرق بين اللائحتين المتخاصمتين والناتج عن هذا الإبطال، هو شبه معدوم، ولا يخول المجلس الدستوري إعلان فوز أي من اللائحتين المتنافستين على المقعد السني الخامس في طرابلس». وأضاف: «لذلك، وما دام له الحق بمقتضى المادة 31 من قانون المجلس الدستوري التي تجيز له تصحيح النتيجة إما عبر إعلان فوز المرشح المنافس، أو إعادة الانتخاب، ارتأى المجلس الدستوري بالأكثرية وليس بالإجماع أن يعيد الانتخاب لأن هذا الفارق في الكسر شبه معدوم». وأضاف مرقص: «لا أرى أنه يراعي التوازنات، لأن حقه بالقانون أن يسلك أي الخيارين، لذلك لم يرجح كفة أحد لأن الفارق ضئيل، وهو ما اضطره ليذهب إلى إعادة الانتخاب، وهذا حقه».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.