وفد تركي في واشنطن لبحث الانسحاب الأميركي و «المنطقة الأمنية»

إردوغان عرض تسلّم أجانب «داعش» من شرق الفرات

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار
TT

وفد تركي في واشنطن لبحث الانسحاب الأميركي و «المنطقة الأمنية»

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار

توجه وفد تركي برئاسة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى واشنطن أمس لإجراء مباحثات حول الملف السوري والتطورات الإقليمية.
ويناقش الوفد، الذي يضم في عضويته أيضا رئيس الأركان التركي يشار جولار، مع وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان، وعدد آخر من المسؤولين، الانسحاب الأميركي من سوريا والمنطقة الآمنة المقترحة في شمال شرقي سوريا، وتنفيذ خريطة الطريق في منبج.
وقال أكار، في تصريحات قبل توجهه إلى واشنطن، إن وجود تركيا في شمال سوريا موجه لضمان عودة السوريين إلى ديارهم بشكل آمن، وطي ما سماه بـ«صفحة إرهاب وحدات حماية الشعب الكردية».
وأضاف أكار، خلال جولة لتفقد الوحدات العسكرية في ولاية هكاري على الحدود التركية السورية جنوب البلاد، برفقة رئيس الأركان، أن العمليات التركية تندرج في نطاق الحقوق الناشئة عن القانون الدولي وحق الدفاع عن النفس.
وشدد على استمرار تركيا في مكافحة الإرهاب بكل حزم وأن القوات المسلحة دائمة السهر على تحقيق السلام والأمن للدولة والمواطن.
وأشار أكار إلى أن بلاده تستضيف 3.5 مليون سوري على أراضيها، عاد منهم 311 ألف سوري إلى بلادهم، قائلا إن هدفنا المقبل هو ضمان عودة باقي السوريين إلى مدنهم وقراهم بشكل آمن: «ولهذا السبب نحن موجودون اليوم في عفرين وجرابلس والباب، ولهذا السبب أيضا نعمل على وضع حد لوجود وحدات حماية الشعب الكردية في شرق الفرات».
في السياق ذاته، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن أن بلاده تنسق مع الولايات المتحدة وروسيا وإيران بشأن انسحاب القوات الأميركية من سوريا.
وأضاف أن بلاده لن تسمح بأن توفر عملية الانسحاب الأميركي مساحة لوحدات الحماية الشعبية وحزب العمال الكردستاني أو تكون لحمايتهما، مشيرا إلى أن تركيا ستقوم بما يجب من أجل تطهير منطقة شرق نهر الفرات شمال سوريا من هذين التنظيمين، معتبرا أن المسألة تعد أمرا مهما لأمن وبقاء بلاده.
كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أنه سيسحب قوات بلاده من سوريا بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي.
وهددت تركيا مرارا بشن عملية عسكرية شمال شرقي سوريا إذا لم يتم إخراج حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة شرق الفرات. وتقول أنقرة إن مسألة الانسحاب الأميركي ومقترح المنطقة الآمنة لا يزال يكتنفهما الغموض.
في سياق متصل، كشفت تقارير إعلامية تركية عن أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عرض على نظيره الأميركي دونالد ترمب تولي أنقرة مسؤولية نقل 800 مسلح أوروبي من تنظيم داعش شمال شرقي سوريا.
وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية قوامها الرئيسي، 800 مسلح أوروبي ممن كانوا يقاتلون في صفوف تنظيم داعش شمال شرقي سوريا، في وقت لا تزال أوروبا تبحث فيه عن مخرج لهذه المسألة، إلى أن دخلت تركيا على الخط.
وبحسب صحيفة «حرييت» التركية، عرض إردوغان على ترمب «بشكل مفاجئ» أن تتولى تركيا مسؤولية نقل هؤلاء المسلحين من المناطق الكردية، إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، التي تسيطر عليها في شمال سوريا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر تركي رفيع أن ترمب كان دائما يبحث مع إردوغان عن حل لمشكلة مسلحي «داعش» الأوروبيين، ويعرب له عن قلقه من هروب هؤلاء من قبضة قوات سوريا الديمقراطية.
وقالت الصحيفة إن عرض إردوغان لترمب بشأن هذه القضية جاء في إطار محاولات الرئيس التركي إقناع نظيره الأميركي بضرورة انسحاب واشنطن من سوريا، وإن هذا الحل المقترح كان سيجنب تركيا مخاطر التعامل مع هؤلاء المسلحين، في حال هربوا أو أطلق سراحهم في مناطق شمال سوريا.
ولم تكشف الصحيفة عن مصير هؤلاء المسلحين في حال تسلمتهم تركيا، ومدى خطورة هذا المقترح الذي سيحول أنظار جميع من تبقى من مقاتلي «داعش» ضد تركيا.
ورغم المواجهات العسكرية بين تركيا ومسلحي تنظيم داعش، فإن أنقرة احتفظت بخط تواصل مع بعض قيادات التنظيم بعد صفقة إفراج «داعش» عن مسؤولي القنصلية التركية في الموصل في العام 2015، كما ترى تركيا أن وضع هؤلاء المسلحين الأوروبيين تحت سيطرتها سيقوي يدها في مواجهة الاتحاد الأوروبي، الذي طالما ضغط عليه إردوغان بورقة اللاجئين السوريين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.