اعتقال 26 من قادة المعارضة السودانية أبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي

الأمن يمطر المتظاهرين بقنابل الغاز

سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب
سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب
TT

اعتقال 26 من قادة المعارضة السودانية أبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي

سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب
سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب

اعتقلت سلطات الأمنية السودانية 26 من قادة المعارضة، وأبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، ونائبة رئيس حزب الأمة مريم المهدي، والقيادي بتجمع المهنيين محمد يوسف أحمد المصطفى، وذلك قبل بداية المظاهرة الحاشدة التي تحدت «الترسانة الأمنية» التي حشدتها قوات الأمن التي نصبت «مصيدة اعتقال» وقع في شراكها مئات المعتقلين من الشابات والشباب.
وقال حزب الأمة القومي في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن قوات الأمن اعتقلت قياداته، وقيادات تحالف «قوى الحرية والتغيير»، وبينهم نائبة رئيسه مريم المهدي، ورئيس مكتبه السياسي محمد المهدي وأمينته العامة سارة نقد الله، وصديق المهدي.
وبحسب بيان الحزب فإن سلطات الأمن اعتقلت، كلا من سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، ونائب رئيس تحالف «نداء السودان» المعارض حامد علي نور، والقياديين في تجمع المهنيين السودان محمد يوسف أحمد المصطفى، ومنتصر الطيب، إضافة إلى يحيى محمد الحسين القيادي بحزب البعث السوداني، ومحمد وداعة الله، وفتحي نوري، والقياديين بتجمع القوى الوطنية معاوية شداد والسفير إبراهيم طه أيوب، وعدد آخر من قادة المعارضة.
وبحسب البيان والشهود، فإن سلطات الأمن اعتقلت القادة السياسيين، من داخل «مسجد فاروق» وسط السوق العربي، قبل الموعد المحدد لانطلاق المظاهرة المحدد الواحدة ظهراً، وهم يتأهبون للتوجه للقصر الجمهوري القريب من المكان لتسليم مذكرة «التنحي».
وتابع البيان: «شاهدت مصادرنا البكاسي (سيارات تويوتا بك آب) التي تقلهم متجهة إلى مدينة بحري، ويرجح أنهم ذهبوا بهم إلى مبنى القيادة السياسية بالقرب من موقف شندي». وبحسب متابعات «الشرق الأوسط» فإن السلطات نشرت أعداداً من القوات الأمنية، وصفها متظاهرون بأنها «كافية لتحرير مدينة محتلة، بمواجهة المتظاهرين السلميين». وبحسب الشهود، فإن القوات شرعت على الفور في اعتقال كل من يشتبه أو يحتمل أن يشارك في المظاهرات، بالتركيز على الفتيات والنساء ثم الشباب صغار السن، وجمعتهم بالمئات في عدد من مراكز التجمع، ومن بينها «المعتقل الانتقالي في ميدان أبو جنزير»، وأمام دار الشرطة بضاحية بري.
وعلى الرغم من التعزيزات الأمنية والخطة الجديدة للأجهزة - الاعتقال قبل التظاهر - فإن «زغرودة» من إحدى السيدات أشعلت حماس المتظاهرين، الذين رددوا هتافات «حرية وسلام وعدالة، والثورة خيار الشعب، وتسقط تسقط بس» في عدد من مناطق السوق العربي وسط الخرطوم.
وفرقت القوات الأمنية المتظاهرين مستخدمة الغاز المسيل للدموع بكثافة، مستخدمة قاذفات الغاز وبنادق الإطلاق سريعة الطلقات، وأمطرت بها المحتجات والمحتجين، بيد أنهم تفرقوا في الشوارع الجانبية، ليرصوا صفوفهم من جديد، وليخوضوا معارك كر وفر أشبه بـ«حرب الشوارع» بين المتظاهرين السلميين والقوات المدججة بوسائل العنف كافة.
وأمرت سلطات الأمن عددا كبيرا من التجار وأصحاب المحلات في السوق العربي، بإغلاق متاجرهم حتى لا يستغلها المتظاهرون نقاطاً للتجمع، ثم أعقبت ذلك حملة اعتقالات عشوائية، لكل الموجودين في منطقة السوق العربي، بالتركيز على الفتيات بشكل خاص، ثم الشباب صغار السن، بل وأوقفت حافلات النقل العام والسيارات الخاصة، وانتزعت عددا من الشابات والشباب من داخلها عشوائياً قبل بدء المظاهرة وبعدها.
وأدت الإجراءات الأمنية لإخلاء وسط المدينة من المتظاهرين والناس، ولم تتبق فيه إلاّ «الترسانة الأمنية»، فانتقلت المظاهرات إلى عدد من أحياء الخرطوم، مثل: «بري، والديم، والشجرة، والحاج يوسف، وأم بدة، والعباسية، وسوق أم درمان، وعدد آخر من الأحياء».
وتزامنت مع موكب الخرطوم مظاهرات في عدد من المدن السودانية، ومن بينها بورتسودان في الشرق، وود مدني في الوسط، وكرمة في أقصى الشمال.
وفي احتجاجات نوعية، قال شاهد إن عمال وموظفي كبرى شركات الاتصالات الجوالة «زين السودان»، استبقوا موعد الموكب ونظموا وقفة احتجاجية أمام رئاسة الشركة بمنطقة «المقرن» غرب الخرطوم، وهم يحملون لافتات تطالب برحيل الرئيس البشير وحكومته، وذلك بالتزامن مع وقفة عمال شركة الاتصالات الثانية «إم تي إن»، الذين نظموا وقفة مثيلة بمقر شركتهم في ضاحية المنشية شرق الخرطوم، إضافة إلى وقفات احتجاجية نظمها عمال وموظفو شركة أريكسون للاتصالات، وعمال شركة «صافولا» الزيوت.
وكان عمال مجموعة شركات «دال» كبرى الشركات في البلاد، وشركة مروج، وبنك الخرطوم أعرق وأكبر البنوك السودانية، قد نظموا وقفات احتجاجية مشابهة قبل أيام. ودعا تحالف «قوى الحرية والتغيير» وتجمع المهنيين السودانيين، المواطنين للتظاهر فيما سماه «موكب التنحي» أمس، وهو الموكب التاسع الذي دأبوا على تنظيمه نهاية كل أسبوع، منذ بدء الاحتجاجات في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وواجهت السلطات السودانية الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثالث قبل يومين بعنف مفرط، أدى لمقتل 31 شخصاً بحسب الحصيلة الحكومية، و51 قتيلا بحسب إحصائية منظمة العفو الدولية، إضافة إلى مئات الجرحى والمصابين، بعضهم أصيب بعاهات مستديمة، واحتجاز الآلاف من النساء والشباب بعضهم دون السن القانونية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.