تعليم المراهقين حب أجسادهم

معظم اضطرابات الطعام تحدث بسبب الصورة الذهنية والإعلامية المتخيلة لها

تعليم المراهقين حب أجسادهم
TT

تعليم المراهقين حب أجسادهم

تعليم المراهقين حب أجسادهم

يعاني كثير من المراهقين، وبشكل خاص الفتيات من عدم الرضا، عن مظهر الجسد مثل البالغين تماماً، بل وربما بشكل أكثر حدة، سواء كان الأمر متعلقاً بالنحافة أو السمنة أو الطول والقصر أو علامات مميزة في الوجه أو الجسد أو لون البشرة أو اختلاف شكل الجسد عن النسق العام نتيجة لعيب خلقي أو حادثة معينة أو أي سبب آخر.
وبالطبع يمكن تخيل مدى الألم النفسي لعدم رضا المراهق عن شكل جسده، وهو الأمر الذي يمكن أن يدخل المراهق في حالة اكتئاب أو اضطرابات الطعام (eating disorders)؛ الإقبال الشديد على الطعام أو العزوف تماماً عن تناوله، ويؤدي إلى أعراض نفس جسدية خطيرة.
المراهقون والجسد
يبدأ اهتمام المراهقين والأطفال بأجسادهم وعدم تقبلهم لها في سن مبكرة؛ قبل العاشرة. وفي دراسة أميركية سابقة على مجموعة من المراهقين من الذكور والإناث تراوحت أعمارهم بين 9 و14 عاماً، تم الطلب منهم بإشارة إلى صور توضح الشكل المثالي للجسد الذي يرغبون فيه. أعرب 50 في المائة من الفتيات عن عدم رضائهن عن أجسادهن وتمنين لو كن أكثر نحافة. بينما انقسم الأطفال الذكور، وكانت هناك منهم نسبة بلغت 21 في المائة تمنوا لو كانوا أكثر بدانة وضخامة و36 في المائة منهم تمنوا لو كانوا أكثر نحافة.
وبالطبع يتحكم كثير من العوامل في هذه النظرة للجسد، مثل تسويق نموذج معين يحتذى به سواء في مواقع التواصل أو السينما والتلفاز.
ويجب أن يفهم الآباء أن عليهم مسؤولية في تقديم الدعم النفسي للمراهق. وكبداية أن يقدموا مثالاً جيداً لتقبل الجسد، بمعنى أن الأم التي تبدو في حالة عدم رضا عن جسدها طوال الوقت ترسل رسالة غير مباشرة لابنتها المراهقة بفعل الشيء نفسه والعكس صحيح تماماً.
وأيضاً يجب أن يقوم الآباء بتعليم الأبناء تقبل الاختلاف الذي يكون تقبل اختلاف شكل الجسد جزءاً منه، وتقبل أن كل أشكال الجسد أشكال جيدة وأن البدانة لها أضرار صحية في المقام الأول، ولكن ليس هناك ما يسبب الحرج أو يدعو للخجل منها، وكذلك النحافة المفرطة، وأن اختلاف الشكل لا يستدعي التندر والسخرية مع عدم الاستخفاف من حجم القلق الموجود عند المراهق.
نماذج إعلامية تجارية
من الأمور المهمة التي يجب أن يعلمها المراهقون أن الصورة المثالية للجسد (perfect body image) التي تعرضها وسائل الإعلام ليست بالضرورة نموذجاً يحتذى به، كما أن الهدف من ورائها يكون تجارياً في الأساس. وحسب دراسة تمت في عام 2009، فإن معظم اضطرابات الطعام كانت بسبب الصورة الذهنية المتخيلة للجسد من خلال الوسائل الإعلامية. ويمكن للآباء أن يوضحوا أن تلك الصورة ليست صحيحة كما يبدو، وأنه حتى هؤلاء النجوم لا يبدون بهذه الهيئة البراقة نفسها في الحقيقة، وكذلك يجب أن يعلموا أن التغيرات الهرمونية التي تحدث في فترة المراهقة وللفتيات بشكل خاص يكون من شأنها أن تغير من شكل الجسم وتوزيع الدهون، وأن تناول الطعام الصحي المتوازن هو الضمانة لجسد سليم وأن الحرمان من الطعام يؤدي إلى مشكلات صحية، وليس هو الحل للحصول على جسد متناسق.
يلعب تغيير لغة التخاطب مع الأطفال دوراً كبيراً في ترسيخ مفاهيم إيجابية عن شكل الجسد، بمعنى أن يتم استخدام لفظ «صحي» على طعام معين أكثر من كلمة «جيد»، بحيث لا يجري ترسيخ للأمر على أن البدانة شيء سيئ، ولكن «غير صحي» ويمكن استعمال ألفاظ مثل أن بعض الأشخاص لديهم وزن «أكثر» من الآخرين بدلاً من استخدام كلمة بدين، مع التأكيد على أن لفظ بدين ليس مدعاة للخجل، وأن شكل الجسم يستمر في التغير في الفترة الزمنية من 12 وحتى 18 عاماً، ويجب أيضاً ألا تتم السخرية من شكل الجسد، سواء للمراهق أو الآخرين أو مقارنته بأخواته أو أصدقائه.
هناك نقطة مهمة يجب أن تكون في حسبان الآباء، وهي عدم التحدث باستمرار عن شكل الجسد والنظام الغذائي، حيث وجد العلماء من جامعة مينيسوتا بالولايات المتحدة في دراسة عام 2013 أنه حتى الأسر التي تتمتع بأوزان طبيعية، هناك نسبة بلغت 33 في المائة من الآباء والأمهات يناقشون الأمور المتعلقة بالنظم الغذائية والوزن وشكل الجسد بمعدلات كبيرة ومتكررة، ما يجعل المراهق وبشكل خاص الفتاة، مهتمة جداً بمظهر جسدها ونظرة الآخرين له. وتبعاً لأهمية الأب في حياة المراهقة، فإن آراءه وملاحظته عن شكل الجسد تكون ذات أهمية خاصة للفتاة. ووجدت الدراسة أن الفتيات اللاتي يكون الأب دائم التحدث في موضوع الوزن معهن يعانين من اضطرابات الطعام أكثر من غيرهن.
وينبغي أن يكون الآباء على دراية بالكيفية التي يقضي المراهق بها وقته على وسائل التواصل الاجتماعي ونوعية الأشياء التي يشارك بها من صور خاصة به أو أغنيات أو مقاطع فيديو وعلاقتها بشكل الجسد أو مشاهدة صور الآخرين، حيث وجدت دراسة من جامعة واشنطن أنه كلما ازدادت مطالعة المراهق لصور الآخرين قل رضاؤه عن شكل جسده خصوصاً الفتيات. وبالنسبة للذكور أيضاً، فإن القلق من النحافة وعدم امتلاك جسد قوي مفتول العضلات يجعلهم عرضة للإصابة بالاكتئاب أكثر من القلق من البدانة. ولذلك يجب أن يحرص الآباء على متابعة الأبناء ودعمهم بالحب الكافي والقبول غير المشروط لشكل الجسد وإسداء النصائح الصحية دون إجبار أو تهكم.
• استشاري طب الأطفال



التوتر قد يؤثر على الذاكرة

التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)

توصّل باحثون في كندا إلى أن التوتر يغير الطريقة التي يجري بها تخزين واسترجاع الذكريات السلبية في الدماغ.

وأوضح الباحثون، في مستشفى الأطفال بتورنتو، أن هذا التغيير يؤدي إلى تعميم الذكريات المؤلمة على مواقف غير مرتبطة بالحادث الأصلي، وهو ما قد يفاقم اضطراب ما بعد الصدمة. ونُشرت النتائج، الجمعة الماضي، في دورية «Cell». والتوتر هو استجابة فسيولوجية وعاطفية تحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية.

ورغم أن هذه الاستجابة قد تكون مفيدة في بعض المواقف، مثل مواجهة اختبار أو تقديم عرض، فإن التوتر المزمن أو الشديد يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية، مثل القلق والاكتئاب، ويؤثر على القدرة على التفكير والتركيز.

وخلال الدراسة، استكشف الباحثون العمليات البيولوجية التي تكمن وراء تعميم الذكريات السلبية بسبب التوتر لدى عدد من الأشخاص، وركزوا على كيفية التدخل لتحسين استعادة خصوصية الذاكرة لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، وهو حالة نفسية تحدث بعد التعرض لتجربة مؤلمة أو مرعبة، مثل الحروب أو الحوادث أو الاعتداءات.

ووجدوا أن التوتر الناتج عن أحداث مؤلمة، مثل العنف أو اضطراب القلق العام، يمكن أن يتجاوز الحدث الأصلي، ما يؤدي إلى تعميم الذكريات السلبية على مواقف غير ذات صلة بالحادث الأصلي.

وعلى سبيل المثال، قد تؤدي أصوات الألعاب النارية أو انفجارات السيارات إلى تفعيل ذكريات خوف غير مرتبطة بالحدث الحالي، ما يعطل يوم الشخص بالكامل.

وبالنسبة للمصابين باضطراب ما بعد الصدمة، قد تكون لهذه الظاهرة عواقب أكبر، مثل زيادة الاستجابة للخوف في مواقف آمنة وغير مهددة، ما يؤدي إلى شعور دائم بالقلق والتوتر، ويؤثر سلباً على جودة الحياة اليومية. ونتيجة لذلك، قد يواجه الشخص صعوبة في التفاعل مع بيئته بشكل طبيعي، مما يزيد معاناته النفسية ويسهم في تفاقم الأعراض.

وفي خطوة نحو العلاج، اكتشف الباحثون طريقة لتقييد هذه الظاهرة، من خلال منع مستقبِلات معينة في خلايا الدماغ، ما قد يساعد في استعادة الخصوصية المناسبة للذكريات، وتقليل الأعراض السلبية لاضطراب ما بعد الصدمة.

وأشار الفريق إلى أن نتائج هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تحسين جودة حياة الأشخاص، الذين يعانون اضطرابات نفسية مرتبطة بالتوتر، وقد تؤدي إلى تطوير تقنيات علاجية جديدة تستهدف تنظيم استجابة الدماغ للتوتر، ما يساعد في تقليل تفاعلات الذاكرة السلبية المُبالغ فيها لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات القلق الأخرى.