مكتبة الإسكندرية تبرز إبداعات 150 فناناً تشكيلياً

تعرض أعمالاً نحتية وزيتية وتجريدية

لوحة تضم ألواناً متعددة في إطار متناغم يدعو للبهجة
لوحة تضم ألواناً متعددة في إطار متناغم يدعو للبهجة
TT

مكتبة الإسكندرية تبرز إبداعات 150 فناناً تشكيلياً

لوحة تضم ألواناً متعددة في إطار متناغم يدعو للبهجة
لوحة تضم ألواناً متعددة في إطار متناغم يدعو للبهجة

يشارك عشرات الفنانين التشكيليين في «معرض الأجندة» بدورته الـ12 في مكتبة الإسكندرية، لإبراز إبداعاتهم المختلفة في مساحات ضيقة أمام الجمهور بمزيج من الأوراق والأحجار والمعادن وشتّى الألوان المتناغمة. وشكّل المعرض مساحة حرة للإبداع، ومتنفسا لتعبير شباب وكبار الفنانين عن الطموحات والصراعات والآمال التي يعيشونها في الآونة الأخيرة، فجسّد بعضهم تجاربه الذاتية بدقة بالغة، وأعاد آخرون صياغة واقعهم والتعبير عن أحلامهم بشكل ممتع.
«مصر أيام زمان» هو الموضوع الذي اختارته الدكتورة حنان عمارة، مدرّسة الغرافيك في جامعة الإسكندرية، لتجسيده في لوحة مميزة كان بطلها أشرطة الكاسيت القديمة وعملات معدنية، شكلت وجدان جيل الثمانينات والتسعينات.
تقول عمارة لـ«لشرق الأوسط»: «أردت توثيق الذاكرة المصرية خلال العقود الأخيرة، وإبراز ملامحها باستخدام مواد كانت منتشرة وقتها وربما لم يرها شباب الجيل الحالي».
وفي مقدمة القاعة الشرقية كان يوجد تمثال أنيق من البرونز لسيدة جالسة. نحته ببراعة المثّال المصري سامح بكر، يحكي تجربته في الفن قائلا: «أعمل موجّها للتربية الفنية في مدينة الفيوم، واحترفت الفن منذ ربع قرن وهدفي هو توصيل القيمة الجمالية للمتلقي، التي للأسف أرى أنّها شهدت انحداراً خلال الفترة الأخيرة، خاصة مع إهمال تعليم الفن في المدارس للأجيال الجديدة». ويستطرد: «نواجه بصفتنا فنانين أزمة مادية أحيانا بسبب ارتفاع سعر تكلفة المواد الخام بعد تعويم الجنيه في مصر فقد يصل ثمن قطعة صغيرة من معدن البرونز إلى 5 آلاف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 17.6 جنيه مصري)».
أمّا الفنان التشكيلي أحمد عزمي، اختصاصي ترميم في وزارة الثّقافة المصرية، فقد وضع حصيلة تجربته الفكرية عن الهُوية في لوحة بعنوان «مطموس» يقول عنها لـ«الشرق الأوسط»: «تشغلني فكرة طمس الهوية في مجتمعنا والأقنعة التي حولنا طوال الوقت، لذلك فأنا منذ سنوات أعمل على هذا المشروع، وأنتجت لوحتي على عدة مراحل بداية من كتابة أبيات شعر وجمل بالحروف العربية، بأقلام الخشب على القماش، ثمّ وصلتها كشبكة متصلة، ولوّنتها بالزيت لاستخراج أشكال جديدة منها، لتظهر هُوية أخرى لها بعد طمس بعض معالمها».
في السياق نفسه، عرضت الفنانة الشّابة مريم ماجد، ذات السبعة عشر ربيعا، لوحاتها للجمهور للمرة الثانية فقط، محاولة نقل مشاهداتها للحياة اليومية في شوارع مدينة الإسكندرية، خاصة منطقة وسط البلد بريشتها الرشيقة.
تقول مريم لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «الرسم جزء من حياتي وأهوى دائما التعبير عن نفسي بالألوان، والتحقت بورشات عمل فنية متعددة وأطمح في أن أصبح فنانة عالمية مشهورة يوما ما».
أمّا الفنانة الشابة نعمات زيدان، خريجة كلية التربية النّوعية في جامعة الإسكندرية، فتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أهدف من خلال لوحاتي إلى التعبير عن حالة الصّفاء الذّهني والانسجام». مضيفة: «أشعر بسعادة كبيرة بعد ردود فعل الجمهور على لوحاتي».
أمّا الفنان الشّاب أحمد الزلباني، الذي نجح في الخروج من حالة الاكتئاب التي أصابته مؤخرا، بتجسيد ما مرّ به من معاناة في لوحات صنعها من ورق مقوى يعرف باسم «ورق اللحم» الذي يستخدمه الجزارون في مصر، والذي اشتراه خصيصاً لصنع مجموعته «سحر الخيال» التي تجسّد مظاهر الاكتئاب لدى المصريين منذ قديم الزمان.
يقول الزلباني: «قرّرت استغلال خلفية الأوراق ذات اللون الأحمر القوي والرسم عليها باللونين الأسود والأبيض للتنفيس عن مشاعري وبالفعل تغيرت حالتي المزاجية كثيراً الآن... هذه اللوحات عالجتني فنيا ونفسيا».



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض