«أكسفورد ستريت».. شارع لندني بعوائد ثاني أكبر مدينة في إنجلترا

مبيعاته ستتجاوز لأول مرة 8 مليارات دولار.. والسياح العرب أبرز المتسوقين فيه

«أكسفورد ستريت».. شارع لندني بعوائد ثاني أكبر مدينة في إنجلترا
TT

«أكسفورد ستريت».. شارع لندني بعوائد ثاني أكبر مدينة في إنجلترا

«أكسفورد ستريت».. شارع لندني بعوائد ثاني أكبر مدينة في إنجلترا

توقعت تقديرات ارتفاع المبيعات في شارع «أكسفورد ستريت» التجاري الشهير في قلب العاصمة البريطانية لندن إلى رقم قياسي يتجاوز لأول مرة 5 مليارات جنيه إسترليني (نحو 8 مليارات دولار) بنهاية العام الحالي.
وبحسب التقديرات المالية التي كشفتها صحيفة الـ«إيفنينغ ستاندارد» اليومية المسائية الصادرة في لندن نقلا عن مكتب الاستشارات العقارية «سي بي آر آي» فإن أحد الأسباب الرئيسة لهذا الارتفاع القياسي للمبيعات في «أكسفورد ستريت»، الذي يعتبر الشارع التجاري الأكثر ازدحاما في أوروبا، تعود إلى الفورة السياحية التي تعرفها العاصمة البريطانية بعد الألعاب الأولمبية، التي احتضنتها المدينة العام الماضي، وعمليات التطوير التي عرفها الشارع.
ويمتد الشارع على طول ميل ونصف الميل، ويحتوي على أكثر من 300 محل تجاري.
وقال الخبير العقاري ديفيد كينينغهام: «خلال 25 سنة من تعاملاتي فإن النشاط في المنطقة هو الأقوى».
وقد ساعد الانتعاش الاقتصادي في بريطانيا بعد خمس سنوات من الركود في زيادة النشاط التجاري ومعدلات إنفاق المستهلكين وثقتهم.
وزادت العائدات في شارع «أكسفورد ستريت» في النصف الأول من العام الحالي بـ6.2% وقد يتجاوز 5 مليارات جنيه إسترليني (8 مليارات دولار) بنهاية العام الحالي، خاصة مع مبيعات أعياد الميلاد ونهاية السنة والعام الجديد، وما يميزها من إقبال كبير وتخفيضات.
ويعتبر هذا الرقم رقما كبيرا ويفوق حتى عائدات الكثير من الدول في العالم خلال سنة، ويعادل عائدات مدينة بيرمنغهام بأكملها، وهي ثاني أكبر مدينة في إنجلترا، ويعادل مرتين ونصف المرة عائدات متجري «واستفيلد» العملاقين في شرق لندن وغربها.
وبحسب جواناثان ميلو، مدير قطاع التجزئة في مكتب الاستشارات العقارية «سي بي آر آي» فإن «(أكسفورد ستريت) شهد عملية تغيير خلال الـ15 سنة الماضية على طريقة (العنقاء التي تصعد من رمادها)، واستطاع أن يغير صورته كواجهة باهتة للشركات التجارية».
وأشار الخبير في هذا السياق إلى أن «المتاجر الكبرى في الشارع مثل (جون لويس) و(سلفريدجز) شهدت عمليات تحسين كبيرة، وأن (سلفريدجز) وحده يحقق عائدات بمليار جنيه إسترليني، أي أكبر من أي مركز تجاري في بريطانيا ما عدا (واستفيلد) في لندن، وربما (بلووتر) في مقاطعة كانت».
وقد تحول متجر «سلفريدجز» من منافس من الدرجة الثانية لمتجر «هارودز» الفاخر في شارع نايتسبريدج إلى أيقونة تجارية فاخرة مما جعله يختار لعامين على التوالي «كأحسن مركز تجاري في العالم».
ويشير الخبير ميلو إلى أنه «بإضافة شارع (أكسفورد ستريت) إلى الشارعين المجاورين له (بوند ستريت وريجنتس ستريت)، فإنك تحصل على المنطقة التجارية الأكثر اكتظاظا في العالم».
وقد تزايد إقبال السياح الأجانب بشكل كبير في السنوات الأخيرة على الشارع وهم يمثلون الآن تقريبا 50% من مجموع الزبائن.
ويمثل السياح العرب رقما كبيرا في معادلة «أكسفورد ستريت»، وهو المحاذي لما يسمى شارع العرب ومقصدهم في لندن، أي «إدجوار راود». وإلى جانب مساعي أصحاب المتاجر إلى استقطاب السياح العرب، خاصة من الخليج، والذين يعتبرون الأكثر إنفاقا، فإن هناك ضغوطات على الحكومة البريطانية لتخفيف إجراءات الحصول على الفيزا للسياح الصينيين الأثرياء الذين يتزايد عددهم بالملايين مع النمو الاقتصادي الذي تعرفه البلاد.
ومن المنتظر أن يتزايد النشاط التجاري في الشارع وإقبال المتسوقين عليه مع التطوير الذي يشهده خاصة في محطة توتنهام كورت راود مع مشروع كروس رايل للقطارات السريعة والمنتظر افتتاحه في 2018.



الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.