انتقادات لاعبي كرة القدم تحبط تباهي ظريف بالدور الإقليمي

سلطت الأضواء على الاستياء الشعبي من السياسة الخارجية في ظل تدهور الأوضاع المعيشية

دبلوماسي إيراني يغرد بعد استدعاء لاعب كرة قدم انتقد ظريف
دبلوماسي إيراني يغرد بعد استدعاء لاعب كرة قدم انتقد ظريف
TT

انتقادات لاعبي كرة القدم تحبط تباهي ظريف بالدور الإقليمي

دبلوماسي إيراني يغرد بعد استدعاء لاعب كرة قدم انتقد ظريف
دبلوماسي إيراني يغرد بعد استدعاء لاعب كرة قدم انتقد ظريف

أحرجت انتقادات لاعبي كرة القدم في إيران وزير الخارجية محمد جواد ظريف على أثر تفاخره بالدور الإقليمي، وشكلت نواة سجال حاد على شبكات التواصل حول السياسة الخارجية بعد انتقادات صدرت من المرشد الإيراني علي خامنئي، الاثنين.
وكان النجم السابق لكرة القدم الإيرانية علي كريمي رد الأحد بنبرة ساخرة على تفاخر ظريف بالتعرض للضغوط «من أجل فلسطين». وعلق عبر شبكة «إنستغرام» تحت صورة ظريف أثناء وجوده في شرفة الفندق الذي جرت فيه مفاوضات فيينا النووية في يوليو (تموز) 2015.
وقال كريمي ردا على ظريف بعد ساعات قليلة من نهاية خطابه في ميونخ الأحد الماضي: «دكتور، أي (نحن) تحت الضغط! نحن (الشعب) أو نحن (الحكومة) أيهما تحديدا».
ويعد كريمي صاحب الأصول التركية الآذرية بين الإيرانيين الأكثر شعبية في «إنستغرام» بأربعة ملايين متابع.
وتابع كريمي انتقاداته بنشر صورة أخرى للحرب الإيرانية العراقية واتهم المسؤولين بـ«استغلال» أسماء ومعاناة القتلى خلال حرب الخليج الأولى في الثمانينات.
ولم يكن كريمي الشخص الوحيد الذي رد على مواقف ظريف. وكان وريا غفوري، لاعب فريق استقلال طهران أيضا رد على ظريف عبر «إنستغرام»، وقال: «يا سيد ظريف الذي تتفاخر بأنك تتعرض لضغوط من أجل فلسطين ولبنان واليمن وسوريا، لست أنت من يتعرض للضغوط وإنما الناس العاديون».
وبعد تأييد كبير للاعبين، قال غفوري ردا على أسئلة التلفزيون الإيراني حول تعليقه المثير للجدل: «نرى حوارات للمسؤولين ترش الملح على جرح الناس، بينما الكل يتعرض للضغط يقولون أشياء تزيد الوضع سوءا». لكن مراسل التلفزيون الإيراني ذهب أبعد من ذلك وسأل اللاعب ما إذا كان قلقا بشأن تبعات أقواله، ورد غفوري: «لماذا يجب أن أخاف، لم أقل شيئا سيئا... إنه كلام حق».
ونقلت وسائل إعلام إيرانية تقارير عن استدعاء غفوري، الاثنين، إلى وزارة الرياضة بعدما تدوولت تسجيلات أقواله بالتلفزيون. ولم يعرف بعد طبيعة الاستدعاء غير أن موقع الوزارة عن بيجن ذو الفقار نسب للمدرب السابق للمنتخب الإيراني أن الوزارة طلبت من الرياضيين عدم التعليق «العاطفي» على القضايا السياسية.
وينحدر غفوري من كردستان إيران ويتابعه أكثر من 700 ألف على «إنستغرام»، أكثر شبكات التواصل الاجتماعي شعبية في إيران.
في المقابل، حاول ظريف احتواء الموقف ولجأ إلى حنكته الدبلوماسية في الرد على كريمي واستخدم عبارات حاولت كسب ود اللاعب الإيراني الذي يعرف بطبعه الحاد والصراحة وقال: «نحن الشعب الإيراني في سفينة واحدة ولا يوجد اختلاف بيننا، إن كانت هناك معاناة أو فرح أو تفاخر فهو ملك الجميع».
ونوه ظريف أنه «يكن احتراما» لكريمي وقال: «لا أرى اختلافا بيننا»، وأضاف: «أعتذر إذا كانت التصريحات التي نقلت ناقصة تسببت في استياء كريمي أو أشخاص آخرين».
ويأتي التلاسن بين الشخصيات الرياضية المعروفة ووزير الخارجية الإيراني في وقت يواجه المسؤولون تهما بـ«الشعبوية» بسبب إصرارهم على استخدام مفردة «الناس» أو الشعب في الرد على أطراف خارجية، سواء على صعيد الخلافات حول البرنامج النووي والعقوبات أو البرنامج الصاروخي والدور الإقليمي، وهي الطريقة نفسها التي أصبحت تقليدا سياسيا في المشاحنات السياسية الداخلية وتستخدم بكثرة من قبل كبار المسؤولين في النظام والحكومة والقادة العسكريين ونواب البرلمان.
من جانب آخر، فإن مواجهة اللاعبين مع وزير الخارجية تعيد مرة أخرى الاستياء الشعبي من الدور الإيراني الإقليمي.
قبل عام كان الدور الإيراني الإقليمي وأنفاق طهران على جهات خارجية «بيت القصيد» في احتجاجات شعبية بأكثر من ثمانين مدينة إيرانية ضد تدهور الوضع المعيشي.
وكانت احتجاجات الحركة الخضراء في 2009 شهدت أول مرة هتافات تندد بتجاهل الأوضاع الداخلية والأنفاق في فلسطين ولبنان. لاحقا ومع اتساع الأزمة السورية شهدت الهتافات ضد التدخل الإيراني تحولا نوعيا وأصبح الإيرانيون يطالبون بترك شؤون سوريا للسوريين والتفكير بأحوال الإيرانيين.
ونفى مساعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أول من أمس عبر حسابه في «تويتر»، أن تكون الوزارة اطلعت على استدعاء وريا غفوري وقال: «ظريف لا يتحمل الانتقادات فحسب، بل إنه تحمل أسوأ الإهانات والافتراءات من أجل الناس وتحمل تبعات الطريق الذي اختاره»، لافتا إلى أن تصريحات اللاعبين على الرغم من حدتها، فإنها لا تزعج ظريف، وقال: «سمعت من ظريف أنه ليس لديه أي شكوى من كريمي وغفوري». أتى ذلك بعدما فُسرت تصريحات للمرشد الإيراني علي خامنئي الاثنين الماضي على أنها رد على اللاعبين، قال فيها، إن «البعض يستفيد من أمن البلاد في العمل والفن والدخل والرياضة والدراسة ولكن بعض هؤلاء المستفيدين ينكرون الملح»، منتقدا «من ينعمون بالأمان ولا يقدرون تضحيات القوات العسكرية».
ولم تمر ساعات حتى سحب موقع خامنئي الرسمي والوكالات الإيرانية هذا الجزء من تصريحاته، لكن الخطوة كانت متأخرة لأنها أعطت دفعة للجدل حول التصريحات.
ونشر موقع «إيران واير» تقريرا عن غفوري وتعليق خامنئي تحت عنوان: «الكردي الذي يراه الجميع هذه الأيام».
ولكن على الرغم من الردود الرسمية الساخطة، لقيت خطوة غفوري وكريمي ترحيبا واسعا من الرياضيين الإيرانيين قبل أن تتحول إلى قضية رأي عام وحديث شبكات التواصل في إيران.
وأعلن عدد من لاعبي كرة القدم في إيران تضامنهم مع غفوري بأشكال مختلفة عبر شبكات التواصل. ونشر هداف المنتخب الإيراني ولاعب نادي برايتون الإنجليزي، علي رضا جهانبخش صورة غفوري، وقال إن «الإنسان الحقيقي لا يأبى قول الحقيقة».
وهتف مشجعو فريق استقلال ليلة أمس باسم غفوري، وبحسب تسجيلات على «تويتر» تضمنت الهتافات تأييدا لموقف غفوري، وقال المشجعون إنه «يعبر عن الشعب».
وأطلق الإيرانيون حملة «وريا ليس وحيدا» عبر «تويتر»، وأعرب المغردون عن ضرورة دعم غفوري مقابل ضغوط تعرض لها اللاعب.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».